[ السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن جيرالد فيرستاين ]
قال السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن جيرالد فيرستاين إن "استعادة الأمن والاستقرار في اليمن ستكون عملية طويلة الأجل"، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تكون مفاوضات السلام الناجحة، بما في ذلك وقف إطلاق النار وتدابير بناء الثقة، إلا خطوة أولى نحو هذا الهدف الأوسع.
وأضاف فيرستاين -في مقال له نشره على الموقع الرسمي لـ"معهد الشرق الأوسط" وترجمه للعربية "الموقع بوست"- "سيتطلب إنهاء القتال أن تدرك جميع الأطراف، من الحكومة المدعومة من التحالف بقيادة السعودية إلى الحوثيين مع مؤيديهم الإيرانيين، أنه لا يوجد في نهاية المطاف أي حل عسكري قابل للتطبيق".
وتابع فيرستاين وهو نائب الرئيس الأول معهد الشرق الأوسط، أن "هذا الصراع هو في المقام الأول حرب أهلية، تدخلت حكومات إقليمية أخرى لحماية مصالحها، لكن الصراع لن ينتهي إلا باتفاق بين اليمنيين أنفسهم. وفي هذا السياق، يمكن لإيران لعب دور بناء في تشجيع شركاء الحوثيين على المشاركة في عملية سياسية لإنهاء القتال والعودة إلى طاولة المفاوضات. لكن لا يمكن للسعوديين ولا للإيرانيين أن يضعوا حداً للنزاع".
اقرأ أيضا: جاست سيكورتي: يجب محاسبة أمريكا والإمارات على شراكتهما في مكافحة الإرهاب باليمن (ترجمة خاصة)
وحول دور إيران في اليمن قال السفير الأمريكي السابق "تاريخياً، لم تكن إيران عاملاً مهماً في الشؤون اليمنية، لطالما حافظت على وجود دبلوماسي في صنعاء، لكن تأثيرها خلال العقدين السابقين على الحرب كان هامشياً. خلال حروب صعدة الستة بين عامي 2004 و 2010، أكد الرئيس السابق علي عبد الله صالح أن إيران كانت تدعم الحوثيين، لكن المحللين الأمريكيين لم يجدوا أدلة كافية تدعم مزاعمه".
وحسب فيرشتاين "في عامي 2011 و2012، بدأ دور إيران يتغير خلال انتفاضة الربيع العربي والاضطرابات السياسية اللاحقة، زاد دعم طهران للحوثيين في تلك الفترة، على الرغم من أن إيران لم تكن لاعبة في المفاوضات التي أدت إلى استقالة صالح، ومن المفارقات، أنه بعد الإطاحة به، تحول صالح إلى الجمهورية الإسلامية حيث كان يحسب آفاق العودة إلى السلطة. ربما لعب الإيرانيون دورًا في تشكيل شراكة الحوثي وصالح التي أدت إلى الحرب الأهلية الحالية".
وعلى النقيض من ذلك، يقول الدبلوماسي الأمريكي إن اليمن قد تحالفت سياسياً واقتصادياً مع جيرانها في شبه الجزيرة العربية. ولهذا السبب، لعبت دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعمان والكويت، دوراً قيادياً في صياغة المبادرة الخليجية لعام 2011، والتي حددت عملية الانتقال السياسي. على مر السنين، قدمت دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا دعماً اقتصادياً هامًا لليمن، التي تعتبر أفقر دولة عربية.
وقال "بدأت أدلة التدخل الإيراني لدعم الحوثيين، بما في ذلك المساعدة العسكرية، في النمو في عام 2012. ففي يناير 2013، ضبطت البحرية الأمريكية، بالتعاون مع البحرية اليمنية، سفينة إيرانية تحمل اسم جيهان 1 وعلى متنها 40 طناً من الإمدادات العسكرية المخصصة للحوثيين، وشملت الشحنة صواريخ كاتيوشا وصواريخ أرض-جو وقنابل صاروخية ومتفجرات وذخيرة، كما تتبعت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني يوفر التدريب والمساعدة للحوثيين في محافظة صعدة".
وأشار إلى أن دعم إيران للحوثيين أصبح منفتحًا وشفافًا بشكل متزايد بعد الحملة العسكرية الناجحة التي قام بها الحوثيون والموالون لصالح صالح في صيف 2014، حيث سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، لافتا إلى أن قادة الحوثيين سافروا إلى طهران ووقعوا اتفاقات لإنشاء خدمة جوية منتظمة بين العاصمتين. كما وافقوا على زيادة التعاون اليمني الإيراني.
ولفت إلى أن الإمدادات بدأت تتدفق إلى اليمن وموظفين إيرانيين، بمن فيهم حلفاء حزب الله اللبناني، كما روج الإيرانيون بشكل متزايد لعلامتهم الخاصة من الشيعة الإثنى عشرية على الطائفة الزيدية التقليدية التي تتواجد في اليمن، كما ذكر أن جهود الإيرانيين عمقت الانقسامات الطائفية، بعدا آخر للصراع.، منذ عام 2014، حيث أصبح الخطاب الحوثي والاستفزازات التي تهدد أمن السعودية أكثر، ومنذ ذلك الحين أطلق الحوثيون عدة صواريخ باليستية في الرياض.
اقرأ أيضا: خبراء دوليون: جنوب اليمن"برميل بارود" على وشك الانفجار (ترجمة خاصة)
وحول موقف إيران من عملية السلام، وما هي الشروط التي ستدعمها؟ قال فيرشتاين "لقد أتيحت لي فرصة طرح هذا السؤال مباشرة على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في عام 2017، وأصر في ذلك الوقت على أن إيران سوف تدعم إنهاء الصراع في اليمن، وقال إن إيران ستصادق على الشروط التي اقترحها في العام 2016 وزير الخارجية السابق جون كيري، والتي ناقشها الرجلان، كان اقتراح كيري يتطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي التنحي كمقدمة للانسحاب الحوثي من صنعاء. لكن هذه الشروط رفضتها الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية.
وأضاف "في العلن، تحدث ظريف مراراً وتكراراً بأن "خطة النقاط الأربع" الإيرانية هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء النزاع اليمني"، وعلى حد تعبيره في عام 2015 "نحن نحث على وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية والحوار الداخلي اليمني وإقامة حكومة ذات قاعدة عريضة"، وفي ديسمبر 2018، أعلنت طهران عن دعمها للمحادثات في السويد، وحثت وزارة الخارجية "جميع الأطراف اليمنية على تبني تدابير الثقة وبناء الثقة، تمهيداً لتحقيق اتفاق شامل لوضع حد لمعاناة كل اليمنيين، بما في ذلك إنهاء الحصار الوحشي الذي يتعرضون له".
ولفت جيرالد إلى أن هناك القليل من الأدلة التي تدعم إصرار ظريف على أن تدعم طهران اتفاقية سياسية لإنهاء النزاع. وقال "يبدو أن العناصر المتشددة ترى استمرار الصراع كوسيلة منخفضة التكلفة ومنخفضة المخاطر لاستدامة الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري على السعوديين"، مشيرا إلى أنه يتردد أن تدخل السعودية يكلف ما بين 5 مليارات و6 مليارات دولار في الشهر، في حين أن نفقات إيران في اليمن ربما لا تزيد على بعض الملايين سنوياً.
وحول دور إيران تاريخيا في اليمن، قال السفير الأمريكي السابق إن "دور إيران التاريخي في اليمن كان هامشياً، لاسيما على النقيض من الأدوار الرئيسية لدول مجلس التعاون الخليجي، بالتحديد السعودية وعُمان، اللتين تعتبران الجيران المباشرين لليمن".
وأردف "لم تقدم إيران دعمًا اقتصاديًا كبيرًا لليمن ولم تنخرط سياسياً، لم تقدم طهران مساعدة مجدية لمواجهة الأزمة الإنسانية الكارثية في اليمن ولم تتعهد بتقديم مساعدات مستقبلية لمساعدة اليمن في إعادة البناء بعد انتهاء القتال، ومن شبه المؤكد أن التكاليف الاقتصادية لإعادة البناء سوف يتحملها شركاء اليمن التاريخيون في دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي، في جميع الاحتمالات سيبقى مستقبل اليمن مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمستقبل جيرانه في شبه الجزيرة العربية أكثر من الجمهورية الإسلامية.
-----------------------------
*جيرالد فيرستاين هو نائب الرئيس الأول لمعهد الشرق الأوسط. تقاعد من الخدمة في الخارجية الأمريكية في مايو 2016 بعد مسيرة عمل دامت 41 عاما مع المرتبة الشخصية للوزير الوظيفي.
*للعودة للمادة الأصل على الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.