[ صورة تجسد عمليات تعذيب الحوثيين للسجناء ]
كشف تحقيق صحفي لوكالة الأسوشيتد برس الأمريكية عن تعرض سجناء في سجون جماعة الحوثي للتعذيب بشكل وحشي وفظيع يمتد لفترات طويلة، ويستخدم فيه أساليب عنف مميتة ومهينة للكرامة الإنسانية.
التحقيق أعدته مراسلة الوكالة "ماجي ميخائيل" وهي ذاتها التي أعدت تحقيقا استقصائيا العام الماضي عن الانتهاكات التي تعرض لها سجناء في سجون الإمارات بعدن وحضرموت، وتحقيق آخر عن ضحايا الطائرات الأمريكية في اليمن.
وتضمن التحقيق شهادات لسجناء يمنيين قضوا فترات في سجون مختلفة تابعة للحوثيين، وتحدثوا عن طرق التعذيب التي تعرضوا لها داخل تلك السجون، والتي تراوحت بين تعليقهم على أصابعهم في أسقف الزنازين التي وضعوا داخلها لأيام طويلة، وصب مادة الأسيد الحمضية على أجسادهم، وإذابة البلاستيك وتقطيره فوق جلودهم، ونزع أظافرهم، والتعرض لأعضائهم التناسلية بالتعذيب، وحرمانهم من الزيارات، والاعتداء المستمر عليهم بأعقاب البنادق، وتركهم يواجهون الموت دون أدنى رعاية صحية، وفظائع أخرى سردها سجناء عقب الإفراج عنهم.
وقالت "ميخائيل" في تحقيقها الذي ترجمه "الموقع بوست" للعربية إن الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون كانت أقل وضوحا للعالم الخارجي حيث عمل المتمردون على إزالة المعارضة وإسكات الصحفيين، مؤكدة أن الحوثيين رفضوا التعليق على الاستفسارات التي قدمتها لهم بشأن عمليات التعذيب.
ويكشف التحقيق عن اختطاف الحوثيين لشخصيات مدنية من أماكن عملهم أو من الشارع العام لمجرد الاشتباه بهم، وجرى اخفائهم قسريا، وطلب مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم، موضحة أن مليشيا الحوثي حولت كثيرا من المباني والمقرات الحكومية بما في ذلك أندية رياضية وكليات إلى مراكز للتعذيب واحتجاز المختطفين، وبلغ عدد تلك الأماكن في العاصمة صنعاء لوحدها 30 سجنا.
كما كشفت عن ما وصفته بانقسامات داخل الحركة الحوثية، من خلال تشكيل يحيى الحوثي (شقيق عبدالملك الحوثي) لجنة في العام 2016م للتحقيق في التعذيب والاحتجاز الطويل للمختطفين، وأرسلت اللجنة تقريرا مصورا يتضمن مشاهد عنابر السجون المكتظة والسجناء المصابين إلى جانب شهادات من شخصيات حوثية رفيعة المستوى، لكن عبدالملك الحوثي لم يستجب، وبدلاً من ذلك قام مسؤولو الأمن المتشددون في جماعة الحوثي بإنهاء عمل اللجنة واحتجاز اثنين من أعضائها لفترة وجيزة.
وأكدت أن وكالة أسوشييتد برس حصلت على نسخة منه وهي تحتوي على اعترافات مذهلة من شخصيات حوثية بارزة عن الانتهاكات.
نص التقرير الذي نشرته الأسوشيتدبرس:
كان فاروق بعكر يعمل في مستشفى الرشيد في اليوم الذي تم فيه إدخال رجل ينزف إلى غرفة الطوارئ مصاباً بأعيرة نارية وعلامات تعذيب، وتعرض للجلد في الظهر جراء تعليقه بواسطة معصميه لعدة أيام.
علم بعكر أن المريض قد تُرك مرميا على جانب طريق سريع بعد احتجازه في سجن يديره المتمردون الحوثيون الذين يسيطرون على شمال اليمن.
قضى بعكر ساعات في إزالة الرصاصات وإصلاح الأمعاء التي تمزقت، وكان يعمل على معالجة المريض لمدة 80 يومًا، وفي النهاية التقط الرجل المريض صورة سلفي مع بعكر.
بعد أسابيع أمسك مسؤولو الأمن الحوثيين الرجل مرة أخرى، وفتشوا هاتفه ووجدوا صورة بعكر ثم جاؤوا له.
اقتحم رجال الميليشيا المستشفى وعصبوا عيني بعكر، وقاموا بنقله في شاحنة صغيرة، ولأنه قدم مساعدة طبية لمن يعتبرونه عدو، أخبروه أنه الآن عدوهم أيضًا، وقضى 18 شهراً في سجون الحوثي داخل المناطق التي يسيطرون عليها باليمن، ويقول إنهم أحرقوه وضربوه وقيدوه بالسقف بواسطة معصميه لمدة 50 يوماً حتى ظنوا أنه مات.
بعكر ومريضه من بين آلاف الأشخاص الذين سجنتهم ميليشيا الحوثي خلال أربع سنوات من الحرب الأهلية اليمنية الطاحنة، وقد كشف كثيرون منهم في التحقيق الذي أجرته وكالة أسوشيتد برس أنهم تعرضوا للتعذيب الشديد، حيث تم ضربهم في وجوههم بالهراوات، أو تعليقهم بالسلاسل بواسطة معصميهم أو أعضائهم التناسلية لأسابيع في كل مرة، وحرقهم بمادة الأسيد الحمضية.
تحدثت وكالة الأسوشييتد برس مع 23 شخصًا قالوا إنهم نجوا أو شهدوا التعذيب في مواقع احتجاز الحوثي، وكذلك مع ثمانية من أقارب المعتقلين، وخمسة محامين ونشطاء حقوقيين، وثلاثة من ضباط الأمن المشاركين في عمليات تبادل السجناء مع الحوثيين والذين قالوا إنهم رأوا آثار التعذيب على نزلاء السجون.
وتؤكد هذه الروايات على أهمية التوصل إلى اتفاق لتبادل السجناء يوم الخميس في بداية محادثات السلام التي رعتها الأمم المتحدة في السويد بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
وكإجراء لبناء الثقة اتفق الجانبان على إطلاق سراح الآلاف من السجناء، على الرغم من أنه لا يزال يتعين التوصل إلى تفاصيل، ولكن في حين أن جانب التحالف سيطلق سراح مقاتلي الحوثيين الذين تم أسرهم، فإن المتمردين سيحررون إلى حد كبير مدنيين مثل بعكر، وجرى سجنهم في حملات وحشية تهدف إلى قمع المعارضة، والحصول على أسرى يمكن تداولهم مقابل فدية مالية، أو تبادلهم مع المقاتلين الحوثيين الذين يحتجزهم الطرف الآخر.
وقد وثقت رابطة أمهات المختطفين وهي جمعية لأقارب النساء المحتجز ذويهن في سجون الحوثيين أكثر من 18،000 محتجز في السنوات الأربع الماضية، بما في ذلك 1000 حالة تعذيب في شبكة سجون سرية وفقاً لصباح محمد ممثلة الرابطة في مدينة مأرب.
وتقول رابطة الأمهات إن 126 سجيناً على الأقل ماتوا بسبب التعذيب منذ أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014.
وقد كانت المساجد والقلاع القديمة والكليات والنوادي وغيرها من المباني المدنية بمثابة منشآت أولية لآلاف المعتقلين قبل نقلهم إلى السجون الرسمية، ووفقاً لشهادات الضحايا ووكالات حقوق الإنسان تم إحصاء 30 من المواقع السوداء التي يحتجز فيها المختطفون في صنعاء فقط.
وقد نفى قادة الحوثي في السابق أنهم مارسوا التعذيب، رغم أنهم لم يستجيبوا لطلبات الأسوشيتد برس المتكررة للتعليق في الأسابيع الأخيرة.
وقالت وزارة حقوق الإنسان التابعة للحوثيين في بيان لها أواخر عام 2016 إنه لا يوجد استخدام ممنهج لتعذيب السجناء، مضيفة أن الوزارة والعاملين فيها يعملون على "ضمان حقوق السجناء وتقديم جميع الضمانات القانونية لتحقيق العدالة والمحاكمات العادلة".
وتقول منظمة العفو الدولية إن "انتهاكات حقوق الإنسان المروعة فضلاً عن جرائم الحرب تُرتكب في جميع أنحاء البلاد من قبل جميع أطراف النزاع".
لكن الغضب الدولي بشأن إراقة الدماء في اليمن ركز بدرجة كبيرة على الانتهاكات التي ارتكبها التحالف العسكري الذي تدعمه الولايات المتحدة وتقوده السعودية التي تقاتل إلى جانب الحكومة اليمنية، وكشفت وكالة الأسوشيتد برس عن التعذيب في السجون السرية التي تديرها الإمارات وحلفاؤها اليمنيون في عدن، كما وثقت مقتل المدنيين جراء الهجمات التي تشنها طائرات بدون طيار في حملة الولايات المتحدة ضد فرع القاعدة في اليمن.
لقد كانت الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون أقل وضوحا للعالم الخارجي حيث عمل المتمردون على إزالة المعارضة وإسكات الصحفيين.
من العاصمة صنعاء يحكم الحوثيون حوالي 70٪ من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليون نسمة، ويعتقد الحوثيون أنهم من نسل النبي محمد، وعلى هذا النحو لهم حق إلهي في حكم اليمن، وأولئك الذين يعارضونهم هم "أعداء الله" ويستحقون العقاب.
أحد أسرى الحوثيين السابقين الذين تحدثوا إلى وكالة الأسوشييتد برس كان مدرساً في مدينة ذمار، وفر بعد الإفراج عنه إلى مأرب التي يحكمها خصوم الحوثيين، وطلب عدم ذكر اسمه الأول فقط "حسين" لأنه يخشى على سلامة أفراد العائلة الذين ما زالوا في أراضي المتمردين الحوثيين.
احتُجز لمدة أربعة أشهر و 22 يومًا في زنزانة تحت الأرض، وقال إنه كان معصوب العينين طوال الوقت، لكنه استطاع أن يتعرف على التأريخ اليومي باتباع مواقيت الصلاة، وقال إنه خلال فترة سجنه قام سجانوه بضربه بقضبان حديدية وأخبروه أنه سيموت.
الدموع والدم
بدأ الحوثيون في التسعينيات كحركة دينية إحيائية شيعية، وتحولت الجماعة إلى ميليشيا مسلحة في عام 2004، عندما قتل الجيش بقيادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح مؤسس الجماعة (حسين الحوثي) شقيق الزعيم الحالي للجماعة عبد الملك الحوثي.
قاتل صالح التمرد الحوثي لمدة ست سنوات، وقتل الآلاف من الجانبين قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار قبل أشهر من انتفاضة الربيع العربي عام 2011 التي وضعت حداً لحكم صالح.
بعد أقل من ثلاث سنوات، انضم الحوثيون إلى صفوف صالح في تحالف واحد، حيث رأى الحاكم الأوتوقراطي السابق طريقًا محتملًا إلى السلطة، بينما حصل المتمردون على دعم من وحدات الجيش التي ما زالت موالية له، ومن خلال هذا التحالف احتلوا معظم شمال وغربي اليمن، ثم طردوا خليفة صالح عبد ربه منصور هادي.
رداً على ذلك أطلق التحالف المدعوم من الولايات المتحدة حملته لاستعادة حكومة هادي المعترف بها دولياً وإحباط ما تزعمه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بأنها محاولة من إيران حليفة الحوثيين.
سعى الحوثيون إلى ترسيخ حكمهم من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد مجموعة واسعة من الجهات التي يعتبرونها أعداء كالناشطين الشباب والأقليات الدينية والاشتراكيين وغيرهم ممن قد يعارضون حكم الحوثي.
لكن هناك انقسامات داخل الحركة الحوثية، فعلى المستوى الداخلي أقر فصيل معتدل من قادة الحوثيين بالانتهاكات وسعوا إلى وضع حد لها، وأنشأ يحيى الحوثي (شقيق عبدالملك) لجنة في عام 2016 للتحقيق في أنباء التعذيب والاحتجاز لأجل غير مسمى، وساعد في تحرير 13500 سجين في الأشهر الثلاثة الأولى.
وأرسلت اللجنة تقريرا مصورا لزعيم الجماعة عبد الملك يظهر فيه مشاهد عنابر السجون المكتظة والسجناء المصابين بكدمات جراء التعذيب إلى جانب شهادات من شخصيات حوثية رفيعة المستوى.
عبد الملك لم يستجب، وبدلاً من ذلك قام مسؤولو الأمن المتشددون بإغلاق اللجنة واحتجزوا اثنين من أعضائها لفترة وجيزة.
لم يُنشر الفيديو، لكن وكالة أسوشييتد برس حصلت على نسخة منه وهي تحتوي على اعترافات مذهلة من شخصيات حوثية بارزة عن الانتهاكات.
يقول أحد أعضاء اللجنة: "ما رأيناه سوف يجعلك تبكي دموعًا من الدماء".
ساعدني
يقول السجناء السابقون إن الأشهر القليلة الأولى في مواقع احتجاز الحوثيين هي في العادة الأسوأ، حيث يترجل المسلحون ويقومون بتعذيبهم.
يتذكر أنس الصراري أنه استعاد وعيه ببطء في ممر مظلم في سجن الأمن السياسي بصنعاء، وكان هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاماً والذي ينتقد وحشية الحوثي يمسك رأسه بين يديه المتورمة والرسغين المتصدمين، مستذكرا في ذهنه لحظات التعذيب التي تعرضه لها وامتدت لشهرين.
كان يأكل الذرة المشوية عندما خطفه رجال ميليشيا مقنعون من شارع رئيسي في صنعاء صباح أحد الأيام في سبتمبر/أيلول من العام 2015.
وتذكر أنه شنق لمدة 23 ساعة بيديه المقيدتين من المعصم في سقف غرفة استجواب خانقة، كما ادعى أنه فقد الإحساس بأصابعه وذراعيه وجزء كبير من جسمه، وبدأت الأصفاد في شق معصميه، وحاول أن يستريح على أصابع قدميه.
يقول أنس: "الموت هو أقل ألما من ذلك التعذيب الذي لا يتوقف، وإذا استمر ذلك التعذيب لساعة أخرى كنت سأموت".
كان سجانوه يزيلوا قيوده من السقف لساعتين كل يوم، وعندما أُعطي الخبز اليابس وصحن الخضروات والأرز السيء الذي تزحف حوله الصراصير وكذلك الزبادي كان قادرا على رؤية التاريخ المكتوب على الإناء ووضع علامة على مرور الوقت.
يضيف: "والدتي لم تكن تعرف إن كنتُ حينها على قيد الحياة أم ميت".
يتذكر رؤية جلاده مع بندقية صاعقة يحدق في رأسه قبل أن يتعامل معه بالضرب بكل قوته حتى انهار جراء ذلك الضرب.
لا يعرف الصراري كم من الوقت استغرق لتفك ميليشيا الحوثي رباطه من السقف ثم إلقائه في الممر، حاول الوقوف ولكن لم يستطع، فتم سحب جثته.
في النهار حاول مرة أخرى التحرك لكنه فشل، صرخ قائلاً: "ساعدوني"، لكن أحد رجال الميليشيا قام بجره إلى الزنزانة، وعندها فقط أدرك أنه مصاب بالشلل، لم يكن هناك من يتحدث معه، لا أحد يأخذه إلى الحمام، وكان يتبول ويتغوط مثل طفل حديث الولادة.
وفي بعض الأحيان يخرجه الحراس ليغسلوه ثم يعيدوه إلى الزنزانة القذرة، حيث ضرب رأسه على الحائط في لحظة يأس، وبعد أربعة أشهر قاموا بتنظيفه وأفرجوا عنه.
وأظهر الصراري نسخا من سجلاته الطبية، وهو الآن يستخدم كرسي متحرك ويعتقد أن الغرض من تعذيبه وإطلاق سراحه هو إرسال رسالة إلى آخرين ممن يفكرون في انتقاد الحوثيين.
وقال: "رؤية الأشخاص ذوي الإعاقات من الذين خرجوا من سجون الحوثيين بعد تعرضهم للتعذيب المفرط هي رسالة للجميع، وكأنهم يخاطبوا الآخرين من خلالك أنك إذا تكلمت عن الحوثيين فسيكون هذا مصيرك".
غرفة الضغط
كانت صورة بعكر مع سجين هارب هي كل الأدلة التي احتاج سبعة من رجال ميليشيا الحوثي لإثبات عدم ولاء الطبيب لهم عندما جاؤوا إليه في مستشفى الرشيد.
صرخ أحد المليشيات في وجهه: "كم من المال أعطوك لعلاج الأعداء؟".
يقول بعكر إنهم صفعوه وركلوه وضربوه بالهراوات على وجهه وأسنانه وجسده وسخروا منه قائلاً: "ستقتل لأنك خائن".
أخذه رجال الميليشيا إلى موقع لم يتمكن من تحديد هويته، وتم تقييده من رسغيه على صندوق خشبي بالسقف ثم تم ركل الصندوق من تحت قدميه.
يقول إنهم جردوه وجلدوا جسده العاري، ثم نزعوا أظافره ومزقوا شعره حتى أغمي عليه.
وقال: "كان الأمر مؤلماً للغاية، خاصة عندما يأتون في الأيام التالية ويضغطون على الجروح السابقة التي أحدثوها بأصابعهم".
وقال بعكر إن الحوثيين أصبحوا أكثر تفننا في التعذيب، وأحضروا ذات مرةً زجاجات بلاستيكية وتم إذابة البلاستيك على رأسه وظهره وبين فخذيه.
في نهاية المطاف تم نقل بعكر إلى قلعة الحديدة، وهي قلعة عمرها 500 عام من العهد العثماني على ساحل البحر الأحمر، ويقول إن الحراس دفعوه إلى قبو قذر يعرف باسم "غرفة الضغط" وعلقوه بواسطة معصميه، ووضعوه في زاوية مظلمة، وكان يرى أشكال القطط الميتة وحتى الأصابع الممزقة.
وقال إنه عندما كان يشعر بالعطش يقوم المعذبون برش الماء على وجهه وهو يلعق القطرات، وفي بعض الأحيان كانوا يسمحون لسجناء آخرين بالدخول إلى زنزانته وإعطائه الماء من زجاجة.
في اليوم الذي ظن فيه الحراس أن بعكر قد مات، ثم أدرك أنه ما زال على قيد الحياة قاموا برفع القيود عنه وسمح لسجينين بإطعامه وتنظيفه.
وعندما بدأ بعكر بالتعافي من جروحه بدأ محتجزون آخرون تعرضوا للتعذيب يطلبون مساعدته، حاول أن يساعد الجرحى، وقام بإجراء عمليات جراحية بسيطة بدون تخدير مستخدما أسلاك كهربائية، وهي الأداة الوحيدة التي كان يملكها في السجن.
في بعض الأحيان سمح له الحراس بالذهاب إلى عمله الطبي، وفي أوقات أخرى كما يقول قاموا بمعاقبته لأنه عمل على مساعدة زملائه المسجونين داخل السجن.
وتذكر بعكر مساعدة رجل كان قد تم تعليقه من قبل قضيبه وخصيتيه ولم يتمكن من التبول، أصيب رجل آخر ذو لحية بيضاء بحروق شديدة عندما قام الحوثيون بصب حامض على ظهره، مما أدى إلى ذوبان جلده وحرق أردافه، استخدم بعكر الأسلاك لمعالجة الجروح، وأزالها بواسطة أصابعه.
يضيف بعكر: "عندما طلبت من الحراس الحوثيين المساعدة لعلاج الرجل، كان جوابهم الوحيد هو: "دعه يموت".
أفرج الحوثيون عن بعكر في 3 ديسمبر 2017 بعد أن دفعت عائلته 5.5 مليون ريال ، حوالي 8000 دولار في ذلك الوقت.
بعد فترة وجيزة هرب إلى مأرب التي تعد معقل مناهضة الحوثي، وأصبح يعيش الآن في خيمة مع نازحين آخرين، حيث يستمر في علاج المرضى والجرحى.
*للعودة للمادة الأصل على الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.