علي أحمد العمراني

علي أحمد العمراني

برلماني يمني، وزير الإعلام السابق، والسفير السابق لليمن لدى الأردن.

كل الكتابات
الإمارات تدعم مشروع تجزئة اليمن علناً فماذا عن السعودية؟! (1-2)
الأحد, 19 يناير, 2025 - 08:41 مساءً

السعودية عزيزة علينا بحق-ولا أقول هذا تملقاً- ولكنها كانت تستطيع أن تقف مع اليمن على نحو أفضل بكثير، ولا أظن في ذلك تحاملاً  أو مجانبة للحقيقة.
 
ومن المؤسف أن تقود تطورات اليمن، إلى حال كهذا- أي الإعتماد على الغير- ولو كانوا أفضل الأشقاء وأخلص الأصدقاء. ولكن هذا هو واقع الحال، المؤسف.. وواقع الحال أيضاً هو أن ساسة أغبياء تعاطوا مع الحوثي بكيفية غبية منذ نشوئه حتى دخوله صنعاء.. أما "قادة اليمن" اليوم فهم من صُنع المملكة نفسها، وعلى يديها، وبموافقتها، وهنا تأتي مسؤوليتها ويأتي اللوم والعتب.
 
في زيارة رسمية  للرياض في 2013؛ قلت في اللقاء مع وزير الإعلام والثقافة ومسؤولي وزارة الإعلام والثقافة السعودية : كنتم تأخذون على اليمن أنها كثيراً ما ذهبت بعيداً ( مشيراً إلى كلام الدكتور السعودي المتخصص في شؤون اليمن، سعيد با ديب؛ في 2006،  في ندوة حضرتها في دبي، مع المرحوم الدكتور عبدالكريم  الإرياني وآخرين… ) وقلت أيضاً في ذلك الإجتماع مع مسؤولي وزارة الاعلام والثقافة، مشيراً إلى مبادرة الخليج وآليتها التنفيذية : هاهي اليمن الآن تلد في قلب جزيرة العرب، ولم نذهب بعيداً، إلى بكين، أو موسكو أو حتى بغداد والقاهرة، على حد تعبير ذلك الأستاذ الجامعي السعودي؛ في ندوة دبي! وآمل أن نصنع مستقبل هذه الجزيرة معاً بما يفيد كل أبنائها.
 
 ويدرك الأشقاء السعوديون، أن العالم صار يتغير على نحو ديناميكي وسريع، وأن اليمن غير المستقر سيكون مجالاً لتدخلات إقليمية ودولية لا تخدم استقرار المنطقة ومصالح شعوبها، ولا الأمن الوطني للأشقاء. ولنأخذ عبرة مما حدث من تدخلات، وتوترات، خلال الستين عاماً الماضية.
وعلى أهمية دور السعودية، فإننا نؤمل أن قيادة المملكة الشابة تملك رؤية سليمة  لوضع جارها اليمن، وتصريح الأمير محمد بن سلمان بأن الشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة ينم عن طموح كبير، وندرك  أن أوروبا  الجديدة قامت على أساس عدم تغيير الخرائط والحدود والحفاظ على الأوضاع القائمة دون تغيير، ورفض دعاوى الحركات الإنفصالية، ودعم الإقتصادات الضعيفة، ومن خلال ذلك، حققت أوروبا معجزة الإتحاد والاستقرار والأمن الجماعي، بعد أن عانت من الصراعات و الحروب والدمار قروناً، وبعد أن كانت حطاماً ورماداً بعد الحرب العالمية الثانية.  أما استراتيجية التفكيك والتجزئة والقضم والأطماع فهي التي تتسبب في الحروب والدمار والخراب والعداوات والإحن.
 
لم يخطئ كثير من المتابعين في تقديراتهم بأن الإستراتيجية التي اتبعها التحالف العربي في اليمن، ستدخل اليمن في متاهة تاريخيّة، لأن هذا ما حدث ويحدث بالفعل.
 
وعلق أحد الأصدقاء قبل خمس سنوات على تعدد الكيانات العسكرية التي أنشأها التحالف؛ بقوله : إنهم يفخخون مستقبل اليمن؛ لكن ذلك الصديق النابه صمت بعد ذلك، مثل مئات النابهين الفاهمين الصامتين، وقليل منهم معذور إلى حد ما، وأكثرهم  يصعب تفهم موقفه وعذره وصمته! 
 
وإذا كان هدف التحالف العربي تفخيخ مستقبل اليمن، فقد نجح للأسف، ويستحق أن يبارك لنفسه، أما إذا كانوا يهدفون إلى تحقيق مصالح أشقائهم في اليمن، بما في ذلك دعم حكومته الشرعية، والحفاظ على وحدته واستقراره واستقلاله وسلامة أراضيه، بما يخدم مصالح الجميع المشروعة، بما في ذلك مصالح الجيران، فقد جنح التحالف وخرج عن الطريق، وتلزمه المراجعة عاجلاً غير آجل.
 
أما خطة السلام، المتمثلة بخارطة الطريق التي يجري التفاوض بشأنها بين السعوديين والحوثيين، فهي ليست أكثر من مخطط فوضى قد تستمر خمسين عاماً.
 

التعليقات