قرأت قبل سنوات مقالا للداعية الكويتي د. محمد العوضي بعنوان: " قرأ عليها وهجم على شفتيها.! " .
وخلاصة المقال أن أحد الشباب في الكويت من الذين وجدوا في قراءة الرقية الشرعية على المرضى عملا لهم، هذا الشاب حين قرأ على فتاة فاتنة الجمال لم يتمالك نفسه فهجم عليها.!!
وقد فوجئ والدها بأن الشاب هجم على الفتاة يمص شفتيها بتلذذ، وحين نزعه والدها من عليها رد عليه ببرود:
_ أنا كنت أمص السحر اللي فيها.!
وأضاف:
_ كنت بدأت أشفط الجني من داخلها لكنك خربت العملية تماما.!
وانتشرت هذه القصة في الكويت وكتب عنها الداعية العوضي مقالته.!
وبالأمس قرأنا في مواقع التواصل الاجتماعي عن أحد الذين لم يجدوا عملا الا في العلاج بالرقية الشرعية، حيث فرق بين جندي وزوجته في مارب، دفعه لتطليقها كشرط للجني حتى يخرج منها ثم قام هو بخطبة تلك المرأة ويسعى الآن للزواج بها.!
ويبدو أنه يريد أن يمتص السحر من داخلها على مهله، ويشفط الجني براحته حيث لم تمكنه جلسات العلاج من علاجها بهذه الطريقة.!
من المؤسف أن مجال الرقية الشرعية تحول إلى سوق كبير لكل من حفظ آيات الرقية وأمتلك مظهر الداعية بلا ضوابط ولا رقيب ولا حسيب، ثم فتح له شقة أو حتى غرفة وعلق لوحة عن العلاج بالرقية الشرعية.!
سوق دخلها كثيرون بغرض طلبة الله والحصول على أموال الناس في بلاد حال الناس فيها صار يصعب على الكافر في ليلة عرسه.!
هؤلاء النصابون اتخذوا من العلاج بالرقية الشرعية مدخلا لبيع خلطات الأعشاب والزيوت وغيرها، ووسيلة ناجحة لابتزاز النساء باسم الرقية والعلاج الشرعي والطب العربي وغيرها من اللافتات التي يصدقها الناس كونها تأتي من الشيخ الفلاني والقارئ العلاني، وهؤلاء ليسوا الا من النصابين الدجالين، والإسلام والقرآن أبرياء من ألاعيبهم وأكاذيبهم براءة الذئب من دم نبي الله يوسف عليه السلام.
✒️- غياب تام للجهات الرسمية
الأصل أن تقوم السلطة ممثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد أو وزارة العدل أو أي جهة رسمية بفرض رقابة صارمة على هؤلاء، وأن تحيل كل من يمارس قراءة الرقية الشرعية على الناس بغير علم وضوابط للمحاكمة، وأن تشهر به وتسجنه وتغرمه، لكن يبدو أن السلطة مش فاضية لهذه الأشياء، وكل مسؤول مشغول بتجارته وحساباته وأمواله، وما فيش عنده وقت خالص.!
والأصل أن يكون للسماح لهذه العيادات أو الغرف التي انتشرت كثيرا بشروط صارمة، وبعد اختبارات عديدة، ومؤهلات علمية، ثم تواصل الرقابة عليهم بشكل دائم، وأن لا يترك الأمر هكذا سداح مداح ومفتوح على البحري لكل من حفظ بضعة آيات من القرآن وربى لحية خفيفة ولبس ثوب أبيض، فليس كل من أبدى مظاهر التدين صادق في تدينه أو لديه القدرة على علاج الناس.!
ممارسات بعيدة عن الدين والقرآن
ما حدث في مارب قصة قد تكون تكررت في مناطق كثيرة في اليمن وغيرها، فبعض هؤلاء - أقول البعض - يتخذون من ما يسمى ب " الرقية الشرعية" مجرد لافتة لممارسة السحر والشعوذة والدجل على الناس عامة والنساء خاصة، وهؤلاء يجب ضبطهم ومحاكمتهم والتنبه لخطرهم والتحذير من ألاعيبهم فهم يلعبون بالبيضة والحجر ويضحكون على العوام، وكم تعرضت نساء وفتيات يعانين من ظلم اجتماعي أو حالة نفسية بسيطة بسبب ظروف اجتماعية أو ظلم للضرب على أيديهم، فبعضهم بذريعة إخراج الجني من جسد المريضة يضربونها حتى تخرج روحها بدلا من خروج الجني.!
والكثبر من هؤلاء من الكذابين النصابين صاروا يفرقون بين المرء وزوجه، ويشترون بآيات الله ثمنا قليلا، ويعتبرون الأمر مشروع تجاري، ودكان لطلبة الله يبيعون فيه جلسات الرقية إضافة إلى زيوت وأعشاب وعسل مخلوط بالحبة السوداء وبأغلى الأثمان.!
وقد أحصت مجلة " المنتدى " قبل سنوات قرابة 30 مخالفة شرعية يقع فيها الكثير ممن يقرأون الرقية الشرعية على الناس.
ورغم نقدنا لهذه الظاهرة فلا يدفعنا ما حدث في مارب لأن نعمم أمر النصب وشغل الدجل على كل المشايخ الذين يقرأون الرقية الشرعية ويعالجون بالقرآن، ففيهم الكثير من الصادقين الذين نفع الله بهم الخلق، وكانوا سببا في شفاء الكثير من الناس، فأزالوا تأثير الحسد والعيون اللامة، وأزالوا بكلمات الله وآياته السحر الذي حول حياة الكثير من الناس إلى جحيم.
- الطب البديل كعلم وتخصص
الآن الطب البديل سواء بالتمارين والممارسات الرياضية أو بالأعشاب والزيوت وحتى المكملات الغذائية بما فيها العسل صار علما له قواعد ومعايير وجامعات ومعاهد ومختبرات طبية، ويدرس فيه أطباء لسنوات طويلة، يتخصصون فيه ثم يتخرجون من هذه الجامعات والمعاهد ويفتحون عيادات متخصصة ويعالجون الناس بعلم وبفحوصات طبية ومتابعة وإشراف صارم كالطب المعروف.
يحدث هذا في كل البلدان الا بلادنا حيث تجد الكثير من محلات بيع العسل والعود والعطور يخصص صاحبها نصف المحل للزيوت والأعشاب والخلطات العجيبة الغريبة التي لتها وعجنها وباعها دون أي اعتبار لصحة الناس وأرواحهم.!
ودون أن يكون هذا الشخص له أي صلة بالطب البديل أو حتى الطب العادي، المهم يخلط ويبيع.!
طبعا أقول البعض ولا أعمم فليس كلهم من هذا النوع للأمانة والانصاف.
◾- ألف نصاب باسم العلاج بالأعشاب
ومن عجايب يمن الحكمة التي لا تنتهي أن تجد بعضهم يخلط من هذه الخلطات ويعبي في أكياس ويطلع بسيارته لأقرب شارع وينادي في الميكرفون:
_ علاج النفخة، علاج الدوخة، علاج البواسير، علاج الكبد، علاج القلب، علاج الضعف وفقر الدم، علاج الاميبيا والديدان، علاج القرحة، علاج الذبحة، علاج الربحة، عندنا علاج السكري والضغط وتصلب الشرايين..الخ.
علاج مجرب يا حراجاه يا رواجاه، علاج مضمون يقضي على الدهون، ويخلي الشيبة شباب.
وهات يا صياح والناس تشتري وتجرب.!
ولا من يحاسبه أو يراقبه أو حتى يعاتبه.!
للأسف نحن صرنا مجرد حقول تجارب من الدول الكبرى التي تجرب علينا أسلحتها إلى النصابين الذين يجربون علينا منتجاتهم.!
وبالأخير مثلما ننتقد الأخطاء من أي شخص أو جهة يجب أن لا يتحول الأمر لحملة على مراكز تحفيظ القرآن الكريم فهي بعيدة عن هذا المجال تماما، كما لا يجب أن يتحول الأمر لحملة يستغلها بعض المرضى على الدين والمتدينين.
هناك حادثة حدثت يجب التحقيق فيها وضبط الجاني ومحاسبته، ونتمنى على الجهات المعنية التنبه لهذه الظاهرة ووضع ضوابط صارمة وشروط قاسية لمن يحق له العلاج بالرقية الشرعية، وتوعية الناس وحمايتهم من النصابين، وتشجيع من ينفع الناس بعلم وصدق، وضبط من ينصب عليهم ومحاكمته.
والله المستعان.