غزة.. ملحمة الصمود والانتصار على آلة الإبادة
الخميس, 16 يناير, 2025 - 08:32 مساءً

بين أنقاض الحرب ومشاهد الدمار التي تعكس أبشع فصول الإبادة والتصفية العرقية، كتبت غزة اليوم صفحة جديدة من المجد، 466 يومًا من العدوان الصهيوني المستمر، واجه خلالها هذا الشريط الساحلي الصغير أعتى آلات الحرب الصهيونية بصدور عارية وإرادة فولاذية، لم تكن تلك الأيام مجرد حرب، بل كانت ملحمة إنسانية تجسدت فيها معاني الصمود والإيمان بالحق في مواجهة الباطل.
 
غزة ليست مجرد مدينة أو مكان على الخريطة، إنها رمز لكرامة الإنسانية التي ترفض الانكسار أمام جبروت المحتل مهما بلغت قوته.
 
طوال هذه الأيام القاسية، لم تنكسر روح أهلها، ولم يهن عزيمتهم، نساؤها، أطفالها، رجالها وشيوخها كانوا جميعًا جبهة واحدة، تحملوا الألم وفقد الأحبة، وواصلوا الطريق بنفس ثابتة وشموخ لا يلين.
 
اليوم، نحتفل مع غزة بالنصر الذي جاء بعد تضحيات جسيمة، ولكن هذه التهنئة ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي رسالة تقدير لشعب استطاع أن يُلهم العالم، هذا الشعب الذي أثبت أن القوة ليست في العتاد، بل في الإيمان بالحق، وفي القدرة على تحويل الألم إلى أمل، والدمار إلى إرادة تُعيد بناء الحياة.
 
حرب غزة لم تكن مجرد عدوان عسكري بل كانت محاولة ممنهجة لطمس هوية شعب كامل، لكسر إرادته، لسرقة حلمه في الحياة، لكن غزة، بعزيمة أبنائها، وثبات أبطالها، لقّنت العالم درسًا في الصبر والثبات، أعادت تعريف معنى المقاومة، وأثبتت أن الكرامة لا تُقاس بموازين القوى، بل بقدرة الإنسان على التمسك بحقه مهما بلغت التحديات.
 
كل مشهد من مشاهد الدمار في غزة كان شاهدًا على الجريمة، لكنه كان أيضًا شاهدًا على عظمة شعبها، وإرادة مقاومتها ، كل شهيد كان نبراسًا يضيء درب الكرامة، كل طفل عاش تحت الحصار صار رمزًا للجيل القادم الذي سيحمل الراية دون خوف أو تردد.
 
اليوم، غزة تُلهم العالم، تُعيد للأمة الإسلامية والعربية جزءًا من كرامتها التي حاول أعداؤها النيل منها، انتصارها ليس مجرد انتصار عسكري أو سياسي، بل هو انتصار للقيم الإنسانية الكبرى: العدالة، الحرية، الكرامة، الانتماء للأرض والوطن.
 
غزة، التي صمدت رغم أنف الطغاة، ستظل شاهدة على أن النصر الحقيقي يولد من رحم الصبر، وأن إرادة الشعوب، مهما بدا أنها ضعيفة، قادرة على صنع المعجزات.
 
سلامٌ لغزة، ولأرواح شهدائها، ولعزيمة أبنائها، سلامٌ لهذه الأرض التي أثبتت أن المجد لا يُمنح، بل يُنتزع بثباتٍ وتضحية، ولتبقَ غزة أيقونة للصمود والإلهام، تذكّر العالم دومًا بأن الحق قد يتأخر، لكنه لا يموت.
 

التعليقات