[ حذر ميليباند من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن ]
قالت لجنة الإنقاذ الدولية أن الصراع في اليمن، تحول الى مأساة مع تنوع أطراف الصراع وتعدد خطوط المعارك، حيث توجد خمسة صراعات منفصلة تحدث في الوقت نفسه في اليمن، بشكل يرفع من معدلات تطرفها الى مستويات مخيفة، مشيرة الى أن داعش وحدها لديها 7 مجموعات فرعية منفصلة تعمل في اليمن، وأن ذلك من شأنه أن يهدد أمن ورخاء جيرانه لسنوات عديدة مقبلة.
واستعرض ديفيد ميلباد الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية في كلمة القاها أمس في ندوة بعنوان "التحديات التي يمثلها الوضع الإنساني في اليمن للعالم"، في ثلاث نقاط رئيسية الوضع الإنساني الجهنمي الذي يعيشه اليمنيون على خلفية الصراع الدائر في البلاد مرورا بالاستراتيجية التي يتم التعامل بها من خلال دول التحالف والدول الداعمة في اليمن و مبررات الاستهداف التي تسوقها تلك البلدان ، وصولا الى بعض المقترحات التي يرى أنها يمكن على الأقل أن تقضي على نزول اليمن إلى الجحيم وأن تمنح شعبه المظلوم فرصة للمستقبل".
وبالنسبة للوضع الإنساني ذكر "ميلباد" أن أكثر من 68? من السكان يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية، وأن القضاء على النظام الصحي وغياب البنية التحتية الصحية ساعد في انتاج اكبر تفش لوباء الكوليرا في التاريخ الحديث بأكثر من مليون حالة مشتبه فيها، مؤكدا أنه بكل عشر دقائق يموت طفل دون الخامسة من مرض يمكن الوقاية منه، ا وأن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد تضاعف ثلاث مرات منذ بدء الحرب، وأن وأكثر من 520 ألف امرأة حامل لا يحصلن على خدمات الصحة الإنجابية
الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية المختصة في الاستجابة لإسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ، ومقرها نيويورك ، تحدث أيضا عن رفض كبار الموردين الطبيين الدوليين تقديم شحنات مباشرة إلى اليمن بعد انسداد شهر نوفمبر 2017، وارتفاع متوسط تكلفة حاوية المستلزمات الطبية بنسبة 280%، مضيفا ان القدرة على استقبال الواردات التجارية بلغت أدنى مستوى لها على الإطلاق في فبراير، ما تسبب في انخفاض الواردات الغذائية إلى 51%.
وأشار الى أن أسعار الغذاء ارتفعت بنسبة 58% على ما كان علية في مرحلة ما قبل الصراع وحتى أسوأ من ذلك في المحافظات الشمالية، وأنه كلما كان الغذاء متاحا كل ما كان أكثر كلفة .
وتقول اللجنة أن واردات الوقود انخفضت إلى النصف منذ بداية الحصار ولم تلبي إلا خمس المتطلبات المحلية، وهذا جعل تكاليف النقل بالشاحنات للسلع الأساسية مثل المياه أعلى من ذلك بكثير، وبالنسبة إلى لجنة الانقاذ الدولية، فإن مبلغ 50.000 دولار من المساعدات كان يغطي 90 يومًا من النقل، أما الآن فإنه يغطي ا 20 يومًا فقط.
وتشير اللجنه الى الصعوبات التي تواجهها الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة فعلى سبيل المثال تذكر اللجنة " أن بين عدن وصنعاء - مسافة 300 ميل - نحتاج إلى المرور عبر أكثر من 70 نقطة تفتيش، هذا متوسط نقطة تفتيش واحدة كل 4.3 ميل، يستغرق الأمر من 3 إلى 6 أسابيع من التخطيط للفرق والسماح في وصول شاحنة واحدة من عدن إلى صنعاء.
وعلاوة على ذلك تخضع السلع التي يتم ايصالها لتأخير لا لزوم له.
و هناك ازدواجية في آليات التفتيش من قبل التحالف- تضيف اللجنة- " حيث تنتظر السفن معدل 36 يومًا للحصول على تراخيص ، بما في ذلك 10 أيام بعد حصولها على تصريح من قبل الأمم المتحدة ، علاوة على ذلك سصدر التحالف تصاريح للرحلات الجوية الإنسانية قبل ساعات فقط من المغادرة مع وقوع حوادث كبيرة من الإلغاء المفاجئ، هذا هو جزء أساسي من السبب في عدم قيام الموردين الطبيين الدوليين الرئيسيين الآن بتسليم شحناتهم مباشرة إلى اليمن، ولماذا رأينا ثلاثة أشهر متتالية مع عدم وجود شحنات في حاويات، مما يجعل الروافع عديمة الفائدة.
وأضاف "ميلباد" بان الكارثة الإنسانية ليست مصادفة، فالناس يتحدثون عن مشاكل "الوصول" كما لو أن المشكلة هي الأشخاص الذين يصعب الوصول إليهم، إلا ان المشكلة هي تصعيب عملية الوصول الى أولئك الأشخاص، "المشكلة هي الخنق وليس الوصول".
وأوضحت اللجنة الى انها قدمت الرعاية الصحية والتغذية والحماية وبعض الدعم النقدي لليمن في تسعة مواقع تغطي الشمال والجنوب، على مدار السنوات الثلاث الماضية ، وأنها عالجت 1.4 مليون مريض وأعطت أكثر من 50 ألف شخص مياه شرب نظيفة.
وفي معرض حديثه عن الغارات التي يشنها التحالف العربي على اليمن ومبررات ذلك الاستهداف، قال "ميلباد " التحالف العربي الذي تدعمه أمريكا قام بأكثر من 1000 غارة جوية - ضربة واحدة كل 100 دقيقة منذ ديسمبر الماضي، وهو ما خلف نزوح 80 ألف شخص في الفترة ما بين ديسمبر 2017 ومنتصف مارس 2018 بعد تزايد القتال في محافظتي تعز والحديدة، يضافون إلى أكثر من 2 مليون نازح بالفعل، مضيفا الى ان هدف التحالف مشروع من الحد من الخطر الإيراني لكن على الجانب الآخر ينبغي علية تغيير الاستراتيجية التي يتبعها للحد من هذا النفوذ،
وأوضح أن ما لا يقل عن 4500 غارة جوية أصابت الغاز والكهرباء والنقل والبنى التحتية الأساسية الأخرى، بما في ذلك 68 ضربة على العيادات الصحية والمستشفيات و 342 استهدفت المباني التعليمية على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وطالبت لجنة الإنقاذ الدولية السعودية إلى التفكير الاستراتيجي، لان تلك الغارات ستضعف عملية حصولهم على الدعم بدلاً من بناءه، كون الناس يعلمون من يقوم بتلك الغارات وهذا أحد الأسباب المهمة وراء عدم قيام التحالف بقيادة السعودية بتحقيق تقدم سياسي أو دبلوماسي في هذا الصراع مع كل ضربة يقومون بها.
وأشارت اللجنة إلى أن احتمالية تحول اليمن إلى أفغانستان في القرن الواحد والعشرين - حرب لا نهاية لها على ما يبدو - أكثر من احتمالية تحولها الى لبنان في القرن الواحد والعشرين، بسلامه الهش، منوهة الى أن استمرار تدفق الأسلحة، واقتصاد الحرب، هي من ضمن العوامل التي ساهمت في تغذية القتال، إضافة الى استخدام الأطفال كوقود للحرب.
وحول المستنقع الاستراتيجي الذي تمثله الحرب، تذكر اللجنة أنه من الواضح أن نفوذ إيران قد نما، وتستند على تصريحات بروس رايدل، الذي كان يعمل في السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وهو الآن من بروكينغز: والذي أكد فيها أن "الفائز الوحيد الواضح هو إيران، عندما بدأت الحرب في اليمن كانت لإيران صلات محدودة بالحوثيين، فقد حثت على الحذر من المتمردين لكن تم تجاهلها ، الأن لدى ايران كل الأسباب لإدامة صراع تكلف خصمها السعودية نحو خمسة مليارات دولار شهريًا، وتكلف إيران مبلغًا زهيدً ، بالإضافة إلى ذلك، فإن المساعدات الإيرانية للحوثيين تكاد تكون غير مرئية ويتم انكارها في كثير من الأحيان، في حين أن عواقب هجمات الغارات كلها واضح جدا.
يضيف "ميلباد " :ما يراه فريقنا هو أنه على الأرض لا يوجد أحد من أطراف الصراع يحرز تقدم ملموس على الأرض، وأن الدولة المركزية المستقرة اصبحت حلما لا يمكن تحقيقه في المستقبل، بسبب تعزيز الانفصاليين في الجنوب من قبل القوات الإقليمية والحلفاء، ومساهمة الحرب في تنامي أعداد المتطرفين مثل القاعدة وداعش في شبه الجزيرة العربية.
وتوضح اللجنة إن المعاناة والاضطرابات الواسعة الانتشار لا تعزز فقط نزعة الحرب والتطرف فحسب، بل إنها تدمر نسيج أي دولة يمنية محتملة قد تنشأ، بالتالي فإن النتيجة الشبيهة بلبنان ستكون نهاية متفائلة بالمقارنة بما آلت الية الأمور في اليمن.
وتقول اللجنة أن للمملكة العربية السعودية وحلفائها مصالح مشروعة فيما يتعلق باليمن، لكنهم يهددون بتقويض هذه المصالح عن طريق استخدام تكتيكات تدفع بالمزيد من الحلول الحقيقية خارجا، لذا على السعودية التفكير بطريقة استراتيجية لمنع حدوث ذلك.
وتقترح اللجنة بعض الخطوات التي يمكن على الأقل أن تقضي على نزول اليمن إلى الجحيم وأن تمنح شعبه المظلوم فرصة للمستقبل، والتي تقول ان التحسينات في الوضع الإنساني يمثل نقطة البداية لذلك، وأنه يمكن تحقيقها من خلال ثلاث عناصر:-
أولاً ، يجب أن يكون هناك فتح دائم لجميع الموانئ، بما في ذلك الحديدة وصليف ، لحركة المرور الإنسانية والتجارية، سياسة التجديد الإنساني لمدة 30 يومًا التي تفرضها دول التحالف العربي تخلق الكثير من عدم اليقين لتحسين الوضع الإنساني.
كما أن السفن التجارية للأغذية والوقود والطب أمر حاسم لضمان قدرة الشعب اليمني على تلبية احتياجاته اليومية، ولا بد ان يعمل التحالف مع الأمم المتحدة لتسهيل عملية حصول السفن التجارية على تراخيص، يجي ان تكون إحدى عمليات التحقق كافية ، ويحتاجون إلى فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية والإنسانية.
ثانياً ، هناك حاجة ماسة لدفع مرتبات القطاع العام لمواجهة انهيار خدمات الدولة، إذ لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تحل محل الدولة أو الاقتصاد، تدفع المملكة العربية السعودية الجيش اليمني، ويجب أن تدفع للأطباء والممرضات وعمال النظافة كذلك.
ثالثا، تعتبر اللجنة تعيين المبعوث الخاص مارتن غريفيث الذي زار اليمن الإسبوع الماضي هو الافتتاح، وترى أنه يبذل جهودًا كبيرة جدًا لعقد عملية يمنية يقودها جميع الأطراف، لذا فهو بحاجة إلى دعم كامل من مجلس الأمن، بدءاً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا للمساعدة في خلق فترات توقف القتال وتوفير إطار شامل للمفاوضات أكثر شمولية - جلب أصوات الجنوب والجماعات المحلية والمجموعات النسائية.
لكن تقلبات الاتجاهات الحالية سيحتاج إلى المزيد من الجهود، في الأسبوع الماضي، دعا وزير الدفاع ماتيس إلى تسوية سياسية، لكن ذلك سيبقى مجرد كلمات إذا اعتمدت التسوية على انتصار عسكري يأتي أولا، تقول القاعدة القديمة أن الجماعات المتمردة تفوز بمجرد عدم الخسارة.
ويختم "ميلباد" حديثة بالقول "كان بيان مجلس الأمن الرئاسي الصادر في 15 مارس من هذا العام بمثابة خطوة هامة إلى الأمام منذ القرار 2216 قبل ثلاث سنوات، إنه أكثر توازنا وأكثر تطلعا، وأكثر تركيزا على الناس، أعتقد أن هذا هو الطريق لخدمة مصالح الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في اليمن، يمكن لقرار جديد لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتخذ نهجا مماثلا أن يساعدنا على الخروج من الطريق المسدودة التي وجدنا أنفسنا فيه، ويمكن أن يحدد معالم جديدة لإيجاد أرضية مشتركة ولتلبية مجموعة واسعة من الاحتياجات في اليمن ليس فقط هناك الآلاف من الناس يموتون، ولكن البلد يتغير بطرق من شأنها أن تقلل من أمن ورخاء جيرانه لسنوات عديدة مقبلة.
أزمة اليمن لها جذور عميقة، كانت البلاد على وشك السقوط من قبل، وقبل الحرب الحالية كان لديها أكثر من حصتها من المشاكل، لكن توجد بدائل للديناميات الحالية، نحن مدينون للشعب اليمني، ولأنفسنا، بملاحقتهم بقوة، فبعد كل شيء، فإن أحلك جوانب الحرب الحديثة هي غياب الدبلوماسية، وعلى الأقل هي في أيدينا.
*يمكن العودة للمادة الأصلية على الرابط هنا.
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.