رحلتي من الفلاحة إلى ريادة الأعمال
الخميس, 30 يناير, 2025 - 05:39 مساءً

البداية: حيث زُرِعت البذور الأولى:
 
ولدتُ في قرية هادئة، حيث كانت الطبيعة تُشكل معالم الحياة، وحيث اعتاد الناس على الاستيقاظ مع شروق الشمس، ليبدأوا يومًا جديدًا من العمل في الحقول. منذ صغري، كنتُ أرى والدي وأجدادي يحرثون الأرض ويزرعون البذور ويعملون في البناء والتجاره ، وكنتُ أدرك أن الزراعة ليست مجرد مهنة، بل هي درس في الصبر والمثابرة.
 
عندما بلغتُ السادسة عشرة، كان لابد أن أخطو أولى خطواتي في عالم العمل، فكانت البداية في الحقل، حيث عملتُ فلاحًا لمدة عامين.  مع بعض الأعمال التجارية وغيرها في القرية لم تكن التجربة سهلة، لكنها كانت غنية بالدروس؛ تعلمتُ كيف يتحمل الإنسان مسؤولية نفسه، كيف يجتهد ليحصل على قوته، وكيف يكون الصبر مفتاحًا لكل خير. كنتُ أشعر أن هذه المرحلة لم تكن سوى بداية طريق طويل، وأن مستقبلي لا يمكن أن يظل محصورًا بين أشجار الحقل وحدوده.
 
الانتقال إلى المدينة: عالم جديد وفرص متعددة:
 
لم يكن البقاء في القرية خيارًا بالنسبة لي، فقررتُ الانتقال إلى المدينة، حيث الحياة أكثر حركةً وفرص النجاح أكبر. وصلتُ إلى المدينة شابًا طموحًا، لا أملك سوى أحلامي الكبيرة وعزيمتي القوية. لم يكن لدي وظيفة ثابتة في البداية، فبدأتُ أتنقل بين أعمال مختلفة، باحثًا عن الفرصة التي ستفتح لي أبواب النجاح.
 
زاولتُ عدة أعمال في مجالات متعددة، أبرزها التجارة، الاقتصاد، السفريات، والسياحة. كنتُ أدخل كل مجال بروح المتعلم، لا أكتفي بمجرد أداء العمل، بل كنتُ أبحث عن فهم أسرار كل مجال، كيف يتحرك السوق، كيف تُبنى العلاقات، وكيف يمكن للإنسان أن يصنع لنفسه مكانًا وسط المنافسة.
 
ثماني سنوات قضيتُها في المدينة، أتعلم وأكتسب المهارات، وأبني شبكة علاقات قوية. لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، فقد واجهتُ تحديات كثيرة، لكنني كنتُ دائمًا أؤمن بأن كل تجربة، مهما كانت صعبة، تحمل في طياتها درسًا ثمينًا.
 
الغربة: رحلة طويلة في بلاد المهجر:
 
بعد أن اكتسبتُ خبرة جيدة في الأعمال، شعرتُ أن الوقت قد حان لخوض تجربة جديدة، فقررتُ السفر إلى الخارج، إلى بلاد المهجر، حيث الفرص أكبر والتحديات أعظم. لم يكن القرار سهلًا، فالغربة تعني الابتعاد عن الأهل والأصدقاء، وتعني مواجهة حياة جديدة في مجتمعات مختلفة تمامًا عن تلك التي نشأتُ فيها.
 
على مدار 25 عامًا، جُبتُ القارات وزرتُ العديد من الدول، كنتُ أبحث عن الفرص، عن المعرفة، عن التطور المستمر. عملتُ في مجالات متعددة، تعاملتُ مع أشخاص من ثقافات وخلفيات مختلفة، وتعلمتُ أن النجاح لا يقتصر على امتلاك المهارات، بل يحتاج إلى المرونة، القدرة على التكيف، والاستعداد الدائم للتعلم.
 
في الغربة، كنتُ أواجه التحديات وحدي، لم يكن هناك من يمسك بيدي إذا تعثرت، لكنني كنتُ أعرف أن كل تحدٍّ هو فرصة جديدة للنمو. كنتُ أعمل بجهد، وأضع أمامي دائمًا هدفًا واضحًا: الوصول إلى محطة النجاح التي حلمتُ بها منذ صغري.
 
تحقيق الحلم: رجل أعمال مبتدئ:
 
بعد سنوات طويلة من العمل الجاد والمثابرة، وصلتُ أخيرًا إلى محطة كنتُ أطمح إليها منذ سنوات. لم يكن الثراء هدفي الأساسي، بل كان الإنجاز هو ما أبحث عنه، أن أرى ثمرة جهودي تتحقق أمام عيني، أن أشعر بأن كل خطوة خطوتها، وكل تعب تحملته، لم يكن عبثًا.
 
اليوم، بفضل الله، أصبحتُ رجل أعمال مبتدئًا، أدير مشروعي الخاص، وأضع أسسًا لمستقبل أكثر استقرارًا. هذه المحطة لم تكن النهاية، بل هي بداية جديدة لطريق مختلف، طريق يعتمد على ما تعلمته من تجاربي السابقة، وما اكتسبته من مهارات خلال رحلتي الطويلة.
 
قيم النجاح: الأسلحة التي حملتها في طريقي:
 
لم يكن نجاحي نتيجة ضربة حظ، بل كان ثمرة لقيم تمسكتُ بها طوال حياتي:
 
 • الصدق والأمانة: كنتُ أؤمن بأن الثقة هي رأس المال الحقيقي في أي عمل، وأن بناء سمعة طيبة أهم من تحقيق أرباح مؤقتة.
 
 • النشاط والمثابرة: لم أكن أسمح لنفسي بالكسل أو الاستسلام، كنتُ أبحث دائمًا عن الفرص، وأستغل كل لحظة لتطوير نفسي.
 
 • التعلم والممارسة: لم أتوقف عن التعلم، لم أعتبر نفسي يومًا قد وصلتُ إلى القمة، بل كنتُ دائمًا أبحث عن معرفة جديدة، عن تجربة جديدة، عن درس جديد.
 
الدروس المستفادة: حكمة الرحلة الطويلة:
 
بعد كل هذه السنوات، وبعد كل هذه التجارب، تعلمتُ دروسًا لا تُقدر بثمن:
  النجاح لا يأتي بالتمني  
كما قال الشاعر أحمد شوقي:
 
“وما نيلُ المطالبِ بالتمني
ولكن تُؤخذُ الدنيا غِلابا”
 
الأحلام وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى عمل مستمر وإصرار لا ينكسر.
 
 2. الفشل ليس النهاية
 
في بعض المحطات، تعثرتُ، واجهتُ خسائر، شعرتُ بالإحباط، لكنني تعلمتُ أن الفشل ليس عكس النجاح، بل هو جزء منه، هو درس يعلمك كيف تنهض أقوى مما كنت.
 
 3. التكيف مع التغيير ضروري
 
الحياة لا تبقى ثابتة، والأسواق تتغير، والفرص تأتي وتذهب، لذلك كان عليّ أن أكون مرنًا، قادرًا على التكيف مع المستجدات، مستعدًا دائمًا لمواكبة التطورات.
 
 4. الصبر مفتاح الإنجاز
 
لم أصل إلى ما أنا عليه في يوم وليلة، بل كان طريقًا طويلًا امتد لعقود، مليئًا بالتحديات، لكنني أدركتُ أن الصبر والمثابرة هما السر الحقيقي وراء أي نجاح مستدام.
 
المستقبل: الطريق لم ينتهِ بعد:
 
اليوم، وأنا أنظر إلى رحلتي، أشعر بالفخر، لكنني لا أعتقد أنني وصلتُ إلى القمة بعد. هناك دائمًا المزيد لتحقيقه، هناك أهداف جديدة يجب أن أضعها، هناك تجارب أخرى تنتظرني.
 
رسالتي لكل من يقرأ هذه القصة: لا تخف من البداية المتواضعة، لا تتردد في مواجهة الصعوبات، لا تتوقف عن السعي. ازرع جهدك، وكن واثقًا أن الحصاد قادم لا محالة.
 
“من جد وجد، ومن زرع حصد.”
 

التعليقات