[ الوحدة اليمنية بين تدخلات الخارج والداخل ]
مع حلول الذكرى الثالثة والثلاثين، للإعلان عن الوحدة اليمنية المحققة في 22 من مايو لعام 1990، والتي وحدت بين شطري اليمن: جنوبًا وشمالًا؛ يتساءل الكثير عن مستقبل هذه الوحدة، بسؤالهم الأبرز: بعد ثمانية أعوام من الحرب، ما مصير الوحدة اليمنية؟
رغم المُتغيرات الكثيرة التي عصفت في البلاد، بدأً من ثورة ال 11 من فبراير لعام 2011، واستمرارًا بدخول الحوثيين صنعاء في عام 2014؛ لكن ثلاثين عامًا منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، كانت جديرة بترسيخ جذور الوحدة في نفوس اليمنيين، ومع ذلك يبقى الوحدة والانفصال خياران سياسيان، يتحكم بهما صناع القرار في اليمن.
الوحدة في المواثيق والقرارات الدولية
لاتزال الوحدة اليمنية محمية قانونيًا على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، من خلال الدستور والوثائق الوطنية والإقليمية، والقرارات الدولية.
اقرأ أيضا: الوحدة اليمنية في ذكراها الـ 33.. تهديدات مصيرية مع تنامي دعوات الانفصال وضعف الشرعية (تقرير)
ينص الدستور اليمني في مادته الأولى على أن: "الجمهورية اليمنية، دولة عربية إسلامية مستقلة، ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها".
في حين نص أول مبدأ في المبادرة الخليجية الموقعة في 21 من نوفمبر لعام 2011 على الحفاظ على الوحدة اليمنية وأمن البلاد واستقراره.
وتضمن قرار مجلس الأمن رقم 2014 في جلسته المنعقدة،21 من أكتوبر لعام 2011، التزامه القوي بوحدة اليمن، وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.
كما يؤكد قرار مجلس الأمن رقم 2050 في يونيو عام 2012، على: التزامه الشديد بوحدة اليمن وسيادته وسلامته الإقليمية.
ثم يعود مجددا مجلس الأمن بالقرار رقم 2021 لسنة 2015 عبر جلسته المنعقدة في 15 من فبراير، ليؤكد التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله، والتزامه بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني.
ومنذ عام 2015، وحتى العام الجاري كان لمجلس الأمن 13 قرارًا حول اليمن في جلساته المنعقدة، تضمنت جميعها الالتزام القوي بوحدة اليمن، وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية والتي كانت آخرها الجلسة المنعقدة في أواخر فبراير من العام الجاري.
ضبابية المصير
مع أن الكثير من القرارات الأممية والدولية، توحي بالاطمئنان حول ديمومة الوحدة اليمنية، لكن جغرافيا الأرض والسياسة تشير بخلاف ذلك.. وجود أكثر من أربعة أطراف للنزاع في اليمن، شكلت حدود جغرافية تمثلت في نقاط عسكرية، ممتدة على طول المناطق التي تمت السيطرة عليها من قبل كل طرف في النزاع، يجعل من عبور المواطن اليمني من منطقة لأخرى أمر معقد وقد يشكل خطر.
اقرأ أيضا: الوحدة كمكسب نضالي لليمنيين.. ما تداعيات الانفصال وخطره على مستقبل اليمن والمنطقة؟ (تقرير)
علي العثربي، دكتور في العلوم السياسة في جامعة صنعاء، يقول لـ"الموقع بوست" : إن "مستقبل الوحدة اليمنية، مرهون بإرادة الشعب، ذلك الشعب الذي صنعها، هو من يتحمل مسؤولية حمايتها.. نشهد في الآونة الأخيرة، دعوات للإنفصال لكنها لاتتعدى كونها شماعة سياسية، وورقة ضغط يتم طرحها في المفاوضات اليمنية".
ويضيف: "الوحدة اليمنية هي روح المواطن اليمني، الذي لن يتخلى عنها، سواء في الشمال أو الجنوب.. في الواقع يوجد فجوة كبيرة بين ما يرغب به المواطن اليمني، والذي يرى قوته من توحده، وبين ما تسعى إليه بعض الفصائل، وفي الأخير أعتقد أن للشعب اليد الطولى".
لكن الصحافي عبد الكريم الشيباني، المدير السابق لقناة الحرة في اليمن، يرى خلاف ذلك، في حديثه لـ"الموقع بوست" إنه "مع تسارع المتغيرات والأحداث في اليمن، يصعب التنبؤ بالمستقبل السياسي في اليمن، لكننا نقف ما بين متغيرين: الضمانات المقدمة دوليًا للحفاظ على الوحدة اليمنية، وبين الجغرافيا العسكرية على الأرض.. والتي تهيئ للانفصال، ناهيك أن ثمانية أعوام من الحرب، أوجدت انقسام سياسي، اقتصادي، وثقافي وعقائدي.. حاليًا من الصعب أن نشهد انفصال على المدى القريب، ومع ذلك الأمر ليس مستحيلًا، خاصة مع وجود جهات خارجية تتبنى ذلك".
اقرأ أيضا: الوحدة اليمنية في ذكراها الـ 33 .. هل المجلس الرئاسي "حصان طروادة" لعودة الانفصال؟ (تقرير)
بعد ثمانية أعوام من النزاع في اليمن، لا يزال مستقبل الوحدة اليمنية يثير الكثير من الجدل والتساؤلات. ففي ظل تصاعد الصراع بين الحكومة الشرعية والحوثيين، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية، يبدو الوضع غير مواتٍ لتحقيق الوحدة اليمنية في المستقبل القريب.
مع ذلك، فإن هناك بعض الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية، وتعزيز الوحدة اليمنية. فقد شهدت الأشهر الأخيرة جهودًا دبلوماسية من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، لإحياء الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في الكويت عام 2016، والذي يهدف إلى توحيد البلاد وإنهاء الصراع.