[ الطفلة ربيعة تمتهن مهنة الرجال لتعول أسرتها ]
في محل "بنشر" كان يقتات منه والدها الذي قتل بغارة لمقتلات الجو التابعة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن في العام 2016 تقضي الطفلة ربيعة أحمد سيف (11 عاما) ساعات طويلة في عملها بمدينة المخا غربي محافظة تعز من أجل توفير لقمة العيش لأشقائها العشرة وابن عمها المتوفى والده هو الآخر في زمن الحرب.
في مهنة شاقة لا تلاءم ظروف الفتيات، لكن الفقر هو من دعاها للتشبث بمهنة والدها بصيانة أنواع المركبات في "البنشر" لتحقيق اكتفاء ذاتي وتوفير متطلبات واحتياجات أهلها من هذه المهنة.
باكرا مع كل صباح تغادر "ربيعة" نحو المدرسة في أول النهار لتتلقى التعليم في المدرسة، فيما يتولى شقيقها البالغ من العمر 10 أعوام وابن عمها العمل في الصباح حيث يتبادلان الأدوار وتعمل هي في ساعات ما بعد الظهيرة، وهما يذهبان للمدرسة بعد الظهر.
لم تفصح "ربيعة" عن حجم ما تحصل عليه من هذا العمل لكنها قالت إنه يسهم في توفير متطلبات أسرتها بصرف النظر عن تراوح المبلغ المالي الذي توفره من هذا العمل بين يوما وآخر، فهو يقي أسرتها من التسول للبحث عن لقمة عيش كريمة.
كبار قبل أوانهم
بصرف النظر عن صعوبة العمل وسط الشمس الحارقة والبرد القارس، وتصف "ربيعة" تعامل الزبائن معها بتشجيعها من خلال التعامل المستمر في موقع عملها الذي يقع على الخط الرابط بين مركز مدينة المخا وهو ما جعل الكثير من الزبائن يرتادون الصيانة والتوضيب في المحل الذي تعمل فيه.
ابن عم ربيعة
تمدح المسنة "فاطمة أحمد" حفيدتها ربيعة بالمجتهدة في تنظيم العمل في "البنشر" بعد وفاة والدها وعمها، وتقتات الأسرتان من عمل هذا العمل، فيما تتولى الجدة رعي الأغنام لتوفير دخل للأسرة التي فقدت عائلها في زمن الحرب.
يقدر الجهاز المركزي للإحصاء ومنظمة العمل الدولية في مسح سابق أعداد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5-17 عاما بما نسبته 34 بالمئة من إجمالي عدد السكان في اليمن من أصل 7 مليون نسمة، بينما معدل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 - 11 عاما بما نسبته 11 بالمئة، يتوزعون بـ 12 بالمئة للفتيات مقارنة بـ 9,8 للذكور، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 28,5 بالمئة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12و14 عاما إلى 39 بالمئة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 15عاما.
لا تواجه الطفلة "ربيعة" مصاعب في العمل أكثر من ارتفاع تكاليف بعض معدات العمل في "البنشر" والتي تكلفها كثيرا مما أدى لرفع مردود العمل وهو مالا يقدره البعض من الزبائن ولا يتناسب أحيانا مع المتطلبات الأخرى في ظل انفاقها على الأسرة حيث ارتفاع المواد والسلع الرئيسية.
العمل لا التسول
بات العمل لزاما من أجل العيش من عرق الجبين وفق "ربيعة" فمقتل والدها في غارة للطيران ووفاة عمها في حادث مروري أخرجها للعمل في البنشر من أجل العيش، ولذا قامت بتقسيم العمل مع شقيق يصغرها سنا وإبن عمها بما أنهم يدرسان في فترة الظهيرة بأن يعملا في فترة الصباح وتتولى هي العمل في فترة الظهيرة حتى يسهم البنشر في تحسين وضع الأسرة التي لا يوجد لديها مصدر دخل غير ما تجده من العمل في "البنشر" والمردود يقل أو يزيد يوما عن آخر، لكن يمثل لها الأمل الوحيد من أجل توفير مصاريف العيش لإخوانها وأولاد عمها الصغار بحسب الطفلة ربيعة.
ليس هناك أمنية في هذا العمل الشاق للطفلة "ربيعة" غير أن يكبر أشقاؤها وأولاد عمها ليتولوا العمل والانفاق على الأسرة بما يتلاءم مع طبيعة المهنة، فيما تتفرغ هي بذاتها لإكمال الدراسة والتفرغ لها وتحقيق طموحها وتجد الأسرة ما يعولها ويعينها على تجاوز فقدان عائلهم وتحمل الطفولة مشاق هذا الفراغ الذي تركه رب الأسرة وكان السبب الذي دعا الطفلة "ربيعة" لتحمله مهنة يقوم الرجال كثيرا بعملها دون النساء.
أشقاء ربيعة
مجاعة على الأبواب
والخميس أعلنت مفوضة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن اليمنيين بحاجه إلى دعمٍ دولي، وبحاجة أكبر إلى حل سلمي لوقف هذا الصراع وإنهاء معاناتهم، مشيرة إلى أن أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في وقت سابق الأربعاء، تعهد 36 جهة مانحة بتقديم نحو 1.3 مليار دولار لليمن، في الوقت الذي قالت إنها بحاجة إلى 4.3 مليار دولار لعملياتها الإنسانية في اليمن هذا العام.
وتحذّر المنظمات الإغاثية من أنّ نقص التمويل، وأحد أسبابه غياب ممولين رئيسيين في الخليج الثري، سيعود بعواقب تفاقم آثار النزاع الذي قتل مئات الآلاف وشرّد ملايين السكان ودمّر الاقتصاد وتسبّب بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
منذ عدة أشهر، كانت الأمم المتحدة تعرب عن القلق من عواقب نقص التمويل للمساعدات الإنسانية، بينما شهد الصراع على الأرض تجدد العنف بشكل منتظم بين المتمردين الحوثيين الموالين لإيران والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وفيما تتزايد أعداد الأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة، فإنّ اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، يرى حربا أخرى تهدّد أمنه الغذائي، حيث توفّر أوكرانيا ما يقرب من ثلث إمداداته من القمح.
ويشهد اليمن حربا ستدخل عامها الثامن أواخر مارس/ آذار الجاري بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.