[ حافظ معياد المحافظ السابق للبنك المركزي اليمني ]
كشفت وثيقة مسربة عن البنك المركزي اليمني الأسباب الحقيقية والمخالفات الجسيمة التي حدت بالرئيس عبد ربه منصور هادي لإقالة حافظ معياد من منصبه كمحافظ للبنك المركزي اليمني بتاريخ 19 سبتمبر 2019، بعد أقل من ستة أشهر فقط على تعيينه، وذلك على خلفية ممارسات فساد مالي وإداري واسع النطاق قادم بها معياد.
وحسب الوثائق فإن معياد يقف شخصيا وراء عمليات المضاربة العبثية وعمليات المصارفة المشبوهة وإهدار الوديعة السعودية بشكل أدى إلى انهيار العملة وضرب أسعار الصرف في مناطق سيطرة الشرعية لصالح تعزيز أسعار الصرف واستقرارها في مناطق سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى ما نتج عن ممارسات معياد المشبوهة من تحميل البنك المركزي خسائر كبيرة وتبديد موارده وتعريضه للمخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد وجود البنك المركزي اليمني برمته وفقدان ثقته لدى المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
الوثيقة المسربة عن البنك المركزي مؤخرا التي حصل عليها "الموقع بوست"، هي عبارة عن مذكرة رسمية مرفوعة إلى الرئيس هادي بتاريخ 15 سبتمبر/ أيلول 2019 مذيلة بتوقيع نائب محافظ البنك وعضو مجلس إدارته شكيب حبشي وثلاثة آخرين من أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي اليمني هم: شرف الفودعي، د. جلال فقيرة، سالم صالح بن بريك.
فساد مالي وإداري
واشتملت المذكرة على 14 نقطة في ثلاث صفحات استعرض من خلالها مجلس إدارة البنك المركزي اليمني حجم الفساد المهول والعبث المالي والإداري الذي مارسه معياد من خلال موقعه كمحافظ للبنك المركزي على مدى ستة أشهر كاملة منذ تعيينه في 20 مارس 2019 وحتى تاريخ المذكرة التي أكدت المصادر أنها السبب الحقيقي لإقالته وذلك بعد أربعة أيام فقط من رفعها للرئيس هادي في سبتمبر من العام نفسه، حيث أعقبها مباشرة صدور قرار جمهوري بإقالة معياد وتعيين أحمد عبيد الفضلي محافظاً للبنك المركزي اليمني خلفا له بتاريخ 19 سبتمبر 2019.
وكما هو واضح ومبين من خلال الوثيقة المرفقة، فقد تنوعت التهم التي عددها وفندها أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي في مذكرتهم لرئيس الجمهورية متهمين فيها معياد بممارستها والوقوف وراءها شملت تهما بالفساد وإدارة عمليات مضاربة ومصارفة مشبوهة والعبث بمقدرات البنك على الصعيد المالي والإداري وتفرد معياد بقرارات البنك دون موافقة مجلس الإدارة.
تضمنت المذكرة في نقطتها الأولى من قائمة تهم الفساد والعشوائية والعبث الموجهة لحافظ معياد خلال ترؤسه البنك تأكيد وبيان وقوفه بشكل شخصي وإدارته بشكل مباشر لعمليات مضاربة واسعة بالعملة مع عدد محدود من الصرافين بحجة السيطرة على سعر الصرف دون تحقيق نتائج فعلية تذكر، بل على العكس فقد أدت إلى المزيد من التدهور والانهيار في سعر العملة وتسببت في خسائر كبيرة للبنك، حيث بلغت فوارق أسعار الصرف غير المبررة وخلال ثلاثة أشهر ونصف فقط أكثر من ثلاثة مليارات ونصف المليار ريال، وذلك عدا العمولات الكبيرة الممنوحة من محافظ البنك وبسخاء للصرافين وكاك بنك كوسيط لتلك العمليات.
مضاربة وتهريب العملة الصعبة للخارج
بينما كشفت ثاني نقطة في قائمة فساد ومخالفات معياد التي عددتها وفندتها المذكرة عن فساد مالي واضح وعمليات مشبوهة وتهريب أموال للخارج مارسها من خلال تنفيذ عمليات مصارفة مكثفة ودون موافقة مجلس الإدارة لأغراض وأنشطة تجارية غير مؤيدة بمستندات تثبت صحة تلك الأنشطة أفضت إلى استنزاف رصيد البنك المركزي من النقد الأجنبي وتهريبه للخارج حيث تم استنزاف أكثر من مائتين مليون دولار لأغراض المصارفة تلك وبأسعار غير واقعية لا تتجاوز 506 ريالات في مقابل الدولار الواحد وبفارق تصاعدي كبير تجاوز مؤخرا (قبل تاريخ المذكرة) 100 ريال للدولار الواحد وهذا غير العمولات التي منحها معياد لبنك التسليف الزراعي (كاك بنك) باعتباره الوسيط المصرفي لتلك العمليات.
كما أكد أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي في مذكرتهم المرفوعة لرئيس الجمهورية في سبتمبر 2019 وقوف محافظ البنك حافظ معياد وراء إهدار وتبديد الوديعة السعودية من خلال منح تسهيلات كبيرة للتجار بلغت 70 بالمئة من إجمالي قيمة الوديعة بشكل أحادي ومنفرد ودون الرجوع لمجلس إدارة البنك أو موافقته على ذلك وفي مخالفة صريحة لقوانين وإجراءات وسياسات البنك المركزي على النحو الذي ورد في النقطة (4) ونقاط أخرى من الوثيقة المسربة.
غسيل أموال وتنسيق مباشر مع الحوثي
في حين كشفت النقطة رقم (5) من الوثيقة وقوف محافظ البنك معياد بشكل مباشر وغير مباشر وراء عمليات مضاربة مكثفة وواسعة بالعملة في المناطق غير المحررة (مناطق سيطرة الحوثيين)، الأمر الذي أدى إلى تجفيف السيولة وتبديد العملة الصعبة (في إشارات واضحة إلى وجود علاقة وتنسيق مباشر بين حافظ معياد وجماعة الحوثيين وأنه مهندس ومدير عملية التفاوت في أسعار العملة بين الشمال والجنوب من خلال ضرب أسعار الصرف في مناطق الشرعية لصالح الحوثيين على النحو الذي اكتوى بناره المواطنون خلال عام كامل وأضر بشكل مباشر وكبير بحياتهم ولقمة عيشهم وما نتج عنه من خلق تفاوت كبير في أسعار المواد الغذائية مكبدا المواطنين في الجنوب معاناة وخسائر فوق طاقتهم من أجل تأمين قوت أسرهم وعمولات التحويل التي بلغت أكثر من 50% خلال ديسمبر الماضي).
وبالإضافة إلى ذلك كله تضمنت النقطة (8) من الوثيقة اتهامات واضحة وصريحة من مجلس إدارة البنك المركزي لمحافظه معياد بمنح بنك التسليف الزراعي (كاك بنك) مزايا كبيرة غير قانونية ولا تجيزها قواعد العمل المصرفي والتغاضي عن مطالبته بتقديم بيانات عن نشاطه، الأمر الذي يثير الشكوك حول عملياته ويدعو البنوك التجارية والإسلامية الأخرى للتشكيك بنزاهة وعدالة البنك المركزي اليمني بصفته بنك البنوك.
وتضمنت النقطة (9) اتهامات خطيرة لحافظ معياد بتعريض البنك لمخاطر الاشتباه بعمليات غسيل الأموال من خلال عدم مراعاة متطلبات الالتزام الدولية للعمليات التي يتولاها ويرعاها المحافظ شخصيا، حيث لا تخضع عمليات المصارفة والتحويل الخارجي لأبسط قواعد الفحص من مصادر الأموال وأصحابها مما يعزز تصنيف "اليمن" ضمن الدول الخطرة وفي مجال غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتعريض البنك المركزي اليمني لفقدان ثقة المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
من جهة أخرى وضمن مذكرة أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي اليمني لرئيس الجمهورية في منتصف سبتمبر من العام نفسه، فقد اشتملت الاتهامات الموجهة لمعياد على جملة من التهم والمخالفات الإدارية منها التصرف بشكل انفرادي، وتعمد تعطيل عمل مجلس إدارة البنك وتعطيل اجتماعاته، حيث لم يحضر محافظ البنك طيلة رئاسته للبنك لمدة ستة أشهر سوى اجتماع واحد فقط، وظل يتهرب من عقد أي اجتماعات لمجلس إدارة البنك رغم المناشدات المتكررة له في ذلك، إلى جانب التدمير الممنهج للبنية المؤسسية للبنك من خلال استحداث كيانات ولجان خارج إطار الهيكل الإداري ونظمه ولوائحه وإعطاء تلك المكونات غير الشرعية صلاحيات واسعة فضلا عن قيام المحافظ بإجراء تغييرات جوهرية وتعيينات كبيرة في الوظائف القيادية للبنك (مدراء عموم ونوابهم).
كما اتهم أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي المحافظ معياد باللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر تصريحات غير مسؤولة مدفوعا بأجندات سياسية وخصومات شخصية في سابقة خطيرة لم تعتادها البنوك المركزية عموما، بسحب المذكرة.
عبث بموارد البنك
وقال أعضاء مجلس إدارة البنك في ختام مذكرتهم لهادي إن "معياد ينتهك قانون البنك المركزي ويعبث بموارده ويقوده نحو الهاوية وأن بقاءه في منصبه يهدد وجود البنك ذاته".
وطالبت المذكرة رئيس الجمهورية بتدخله الشخصي والحاسم لإنقاذ البنك المركزي وحمايته من الانهيار واتخاذ قرار مصيري باقالة حافظ معياد من منصب محافظ البنك المركزي، إعمالا للمادة 11 فقرة 3/ج من قانون البنك المركزي اليمني التي تنص على تنحية المحافظ بقرار جمهوري بناء على توصية مسببة من قبل أربعة أعضاء من مجلس الإدارة.
يذكر أن المواقع المقربة من معياد والناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي الممولة من تحالف معياد وأحمد صالح العيسي بررت قرار الرئيس هادي حينها بإقالة حافظ معياد من منصبه كمحافظ للبنك المركزي اليمني في سبتمبر من العام نفسه، بسبب خلافات بينه وبين نجل الرئيس "ناصر هادي" ورفض معياد قضايا فساد أراد ما سماه اللوبي المحيط بهادي تمريرها وصرف مبالغ كبيرة بعناوين ومشاريع وهمية كما كان يحصل قبل تعيين معياد محافظا للبنك المركزي -بحسب تعبير تلك المواقع الإخبارية- وهو ما تدحضه الوثيقة المسربة مؤخرا وتؤكد النقيض منه تماما.