[ انفجار استهدف مطار عدن بالتزامن مع وصول الحكومة ]
يسود المشهد في اليمن حالة من الضبابية، بعد الانفجارات التي استهدفت صالة استقبال الضيوف بمطار عدن الدولي، بالتزامن مع وصول الحكومة الجديدة إلى العاصمة المؤقتة عدن.
نجا من تلك الحادثة رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة وكذلك محافظ عدن أحمد لملس ومسؤولون آخرون، لكن سقط العديد من القتلى بينهم وكيلة وزارة الأشغال العامة والطرق ياسمين العواضي، وكذلك الصحفي أديب الجناني، والعديد من الجرحى بينهم مسؤولون محليون وعسكريون.
ظلت الحكومة محاصرة داخل الطائرة التي تعرضت لشظايا من الهجوم، لكن تم الإعلان عقب قرابة نصف ساعة من حدوث الانفجار عن وصول أعضائها إلى قصر معاشيق.
حتى الآن لم يتم الكشف عن الجهة التي نفذت تلك الهجمات، لكن الرئيس عبد ربه منصور هادي وجه بتشكيل لجنة للتحقيق في تلك الحادثة، بقيادة وزير الداخلية وأجهزة الاستخبارات والسلطات المحلية بعدن.
أما معين عبد الملك رئيس الوزراء فأكد أن التهديدات والعمل الإرهابي لن يزيد الحكومة إلا إصرارا على القيام بواجباتها حتى إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة والاستقرار.
وتبدو الحكومة أمام اختبار صعب، خاصة بعد تعليق المواطنين الآمال على عودتها، لاستقرار الوضع الاقتصادي، وإنقاذهم من شبح المجاعة الذي يقترب كل يوم من مجموعة جديدة منهم.
من المستفيد؟
وسارعت الحكومة على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني بتوجيه أصابع الاتهام لجماعة الحوثي، وتحميلها مسؤولية تنفيذ ذلك الهجوم وبدعم من إيران.
لكن جماعة الحوثي نفت تلك الاتهامات، وقالت إنه لا علاقة لها به، وإن اتهامها هو محاولة متكررة للزج بها في ما سمته صراع المرتزقة.
وفي صعيد ذلك، يعتقد الكاتب والباحث موسى عبد الله قاسم أنه أصبح من المسلّم به أن أية عملية إرهابية غادرة تستهدف الشرعية اليمنية وكل المناوئين للكهنوت السلالي، تقف خلفها المليشيات الانقلابية الحوثية، سواء في الماضي أو هذه العملية الغادرة التي استهدفت الحكومة في مطار عدن الدولي.
وبرر ذلك في حديثه مع "الموقع بوست" بالقول إن مثل هذه العمليات سبق ونفذتها المليشيات الحوثية في أكثر من مكان، كتلك التي استهدفت كبار قادة الجيش في قاعدة العند الجوية، أو في محافظة مأرب التي تنام على استهداف صاروخي وتصحو على آخر".
وأشار إلى اتهام البعض لطرف ثالث يسعى لإفشال أي توافق يمني، بهدف إبقاء الأوضاع في المحافظات الجنوبية على حالها، لأطماع وأجندات خاصة (ويقصد الإمارات)، لكنه أكد أن أبوظبي لن تستطيع القيام بمثل هذه العمليات دون وجود غطاء متفق عليه ممثلا بجماعة الحوثي، خاصة بعد أن قالت تلك الدولة إنها تعهدت بخروجها من الحرب الراهنة.
وعاود قاسم التأكيد بأن المتهم الأول في كل هذه العمليات الإرهابية، هي المليشيات السلالية التي تهدف من خلال هذا الفعل الغادر لإلغاء وجود الشرعية في الداخل ولفرض حلول سياسية تبقي على وجودها مستقبلاً ضداً من المرجعيات الثلاث، وكذلك لإسقاط وجود الشرعية من المزاج الشعبي اليمني.
صعوبات ومخاطر غياب الحكومة
ولا يعتقد الباحث قاسم أن الحكومة الشرعية ستتأثر من هذه العملية، سيما وأنها نجت من الهجوم الإرهابي، مشيرا إلى أنه سبق أن استهدفت حكومة خالد بحاح قبل سنوات في أحد فنادق عدن، لكن الحكومة ظلت في حينه، وعادت بشكل آخر فيما بعد.
ولذا فهو يرى أن الحكومة ستواجه هذه التحديات مهما كانت النتائج، لأنه لا خيار آخر أمامها غير الصمود على الأرض وممارسة مهامها، وهذا ما يتطلع له غالبية الشعب اليمني، أما لو قررت المغادرة، وهذا أمر مستبعد، فأعتقد أنه سيكون المسمار الأخير في نعش تواجدها على الأرض في مستقبلا.
لكنه يستغرب من الإعلان عن موعد عودة الحكومة إلى عدن دون وجود أية ترتيبات أمنية، إذ من المعلوم أننا في حالة حرب، وأن المليشيات الحوثية تستهدف الداخل السعودية بشكل مستمر، فكيف يتم تجاهل استهداف عودة الحكومة وعدم وضع الترتيبات اللازمة كمراقبة أي هجوم جوي والتصدي له عبر وسائل الدفاع المعروفة (الباتريوت).
تأثير متوقع على الحكومة
وأدى ذلك الهجوم إلى تزايد المخاوف من إمكانية مغادرة الحكومة لعدن بسبب هشاشة الوضع الأمني، ولذلك يرى الباحث في الشؤون السياسية عدنان هاشم أن تأثير ما حدث سيكون كبيرا للغاية عليها، وأن الأمر بحاجة لتحقيق لمعرفة من يقف وراءه، مختلفا بعض الشيء مع الكاتب قاسم.
وأضاف لـ"الموقع بوست" أنه بغض النظر عمن يقف وراء الهجوم، فإنه سيحد من عمل الوزراء وحركتهم خارج قصر معاشيق في عدن، ويؤكد الهجوم أن المحافظة ليست آمنة بعد فما زالت تعاني من الانهيار وانعدام مؤسسات الدولة.
ومن وجهة نظره، لن تخرج المدينة وباقي المحافظات المحررة من الوضع الذي تعيشه اليوم، إلا بإنهاء وجود المليشيات، وجعل كل القوات تحت قيادة واحدة تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع.
وبخصوص إمكانية بقاء الحكومة من عدمه في العاصمة المؤقتة، يعتقد هاشم أنها ملزمة بالبقاء في عدن، على الأقل خلال الأسابيع المقبلة، لكنه توقع أن تغادر إذا حدث هجوم ثانٍ يستهدفها.
تنديد واسع
وكان نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر أكد أن حادثة استهداف الحكومة في مطار عدن لن تثني قيادة الشرعية عن استكمال تطبيع الأوضاع وعودة الحكومة.
واعتبرت الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، التفجيرات في مطار عدن بأنها تثبت أن الإرهاب متصالح مع الإمارات ومليشياتها.
من جانبه، دعا المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) لاتخاذ الإجراءات العاجلة لإلغاء وتفكيك كافة التشكيلات والجماعات والكيانات المسلحة خارج إطار الدولة باعتبارها واحدة من أهم العوائق التي تقف امام تحقيق السلام والأمن في اليمن.
أما السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، فأدان الهجوم الذي وصفه بـ"الجبان" على مطار عدن، قائلا إنه كان محاولة حقيرة لإحداث مذابح وفوضى وجلب المعاناة عندما اختار اليمنيون المضي قدمًا.
من جانبه، قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، إن العمل العنيف في عدن غير مقبول، وهو تذكير مأساوي بأهمية إعادة اليمن بشكل عاجل إلى طريق السلام.
ورأى بدوره، البرلمان العربي، التفجيرات بأنها تستوجب تحركا دوليا عاجلا لمحاسبة مرتكبيها ومن يدعمهم بالمال والسلاح، وفقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى مقتل 22 شخصا وإصابة 72 آخرين، بينما ترتفع أعداد القتلى من حين لآخر.
وتم لاحقا تحويل عدد من الرحلات الجوية من مطار عدن إلى مطار سيئون، بسبب الأضرار التي لحقت بالمطار بالعاصمة المؤقتة.