[ أفراد من الجيش الوطني في نهم ]
تصاعدت حدة المعارك بشكل غير مسبوق في مختلف الجبهات أبرزها نهم بصنعاء، وذلك بعد أربع سنوات من توقف القتال فيها.
توازى ذلك التحرك مع تصعيد مماثل في جبهات عديدة، منها الجوف التي ترتبط جغرافيا بنهم، ومأرب التي سيطر فيها الجيش اليوم على أجزاء من جبل هيلان غربي المحافظة.
جاء ذلك عقب الهجوم الذي وُصف بـ"الإرهابي" واتهمت الحكومة الحوثيين بتنفيذه، واستهدف معسكرا تابعا للجيش سقط جراءه أكثر من مئة قتيل، وبدء تلك الجماعة شن هجمات على الجيش في نهم ومحاولة التقدم في بعض المواقع.
ويبدو أن الحكومة ذاهبة نحو التصعيد، خاصة مع تأكيد وزير الدفاع الفريق الركن محمد علي المقدشي أن معركة تحرير العاصمة صنعاء من جماعة الحوثي الانقلابية خيار لا رجعة فيه مهما كلّف الأمر.
إضافة إلى تأكيد وزير الخارجية محمد الحضرمي على أن اتفاق الحديدة لم يعد مجديا في ظل التصعيد العسكري الحوثي الأخير في نهم.
لكن يكاد يغيب دور التحالف العربي الداعم في تلك المعارك التي اندلعت بعد ركود تام دام سنوات في عدة جبهات، وتوتر العلاقة بينه والحكومة اليمنية التي تخوض صراعا آخر كذلك في الجنوب ضد مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي.
في الوقت ذاته، واصل المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث جهوده من أجل إيقاف التصعيد الحاصل في اليمن، وأنهى اليوم زيارته لصنعاء التي التقى فيها زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، ورئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" مهدي المشاط.
وتشكل جبهة نهم أهمية بالغة، فهي تبعد عن وسط العاصمة صنعاء قرابة 50 كم، فضلا عن كونها البوابة الشرقية لتلك المحافظة.
مخطط التحالف
في تفسيره لما يحدث في نهم، يعتقد المحلل السياسي ياسين التميمي أن ثمة من هو مستفيد من الهجمات التي شنها الحوثيون في نهم، موضحا أن هناك توجها على ما يبدو من قبل التحالف لإحداث تغييرات في التركيب الهيكلي والقيادي للجيش الوطني.
ويهدف ذلك وفق التميمي الذي تحدث لـ"الموقع بوست" إلى تحييد قوى الثورة وخصوصاً حزب التجمع اليمني للإصلاح قبل الذهاب إلى معارك حاسمة مع الحوثيين.
وقال إن الحكومة في موقف المدافع، فالحوثيون هم من صعد في نهم وحشد وبدأ بالهجوم، وهي ليست في وضع يسمح لها باستئناف المعركة في جبهة كبيرة كونها في الوقت الذي لا تستطيع فيه أن توفر رواتب جنودها ولا المؤن، ولا أن تضمن إسناداً من التحالف العربي الذي يطوي نية لتشتيت قوات الجيش الوطني، وإبعادها عن التأثير في مجريات الأحداث خصوصاً في جنوب اليمن وتتجه نحو تكريس نفوذ القوى الانفصالية.
ولفت إلى تعرض الجيش لهجوم واسع من الحوثيين، واختراق منظومة الاتصالات العسكرية الذي سمح بتمرير أوامر للقوات بالانسحاب من مواقعها، وعملت على وقف عمل شركات الهاتف النقال في مناطق المواجهات.
مصير المعركة
ويقرأ المحلل السياسي عبد الغني الماوري التصعيد الحاصل في جبهة نهم الذي بدأه الحوثيون، بأنه رغبة منهم في استعادة فرضة نهم ومعسكراتها، وتهديد مأرب بشكل أكبر.
وأشار لـ"الموقع بوست" إلى الشكوك بشأن أن تكون الخطوة قد تمت بتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، خصوصا في ضوء تكشف معلومات مؤكدة حول عودة خمسة ضباط إماراتيين لمقر قيادة التحالف العربي في مأرب، قبل الهجوم الصاروخي الذي استهدف معسكر الاستقبال وأوقع اكثر من مئة قتيل في صفوف الجيش الوطني.
وبحسب الماوري فما يقوم به الجيش الوطني هو محاولة وقف الزحف الحوثي، معتقدا أنه من المبكر الحديث عن وجود نوايا بالانتقال إلى مرحلة الهجوم وصولًا إلى العاصمة صنعاء.
وبالنسبة لموقف الحكومة تجاه اتفاق ستوكهولم وإعلان عدم جدواه، لا يبدو للماوري أنه جدي حتى هذه اللحظة، فهو "يكشف عن إحباط ربما، ويمكن اعتباره شكوى"، وفق تعبيره.
يُذكر أن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير قال إن الرياض تعترف بوجود الحوثيين، وإن لهم دورا في اليمن، لكنه استدرك بأنه لن يكون هناك حزب الله جديد هناك، وفق تعبيره.
هروب من الخلافات
بدوره، يعتقد الإعلامي ياسر حسن أن التصعيد الحالي في نهم جاء بغية الهروب من الخلافات التي ظهرت بشكل كبير بين الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف، والتي ما كان لها أن تظهر لولا توقف الجبهات في عديد من الجبهات.
وبين لـ"الموقع بوست" أن التحالف بقيادة السعودية أراد الهروب إلى الإمام وتضييق الخناق على الحوثيين وحصرهم في زاوية ضيقة؛ تمهيدا لأي اتفاق قادم معهم، خاصة أن هناك مشاورات مؤخرا بين الجانبين.
وتوقع حسن نشاط جبهة الحديدة لذلك الهدف، خاصة بعد أن ألمحت الحكومة اليمنية بذلك من خلال التصريح بإلغاء اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة.
كما أنه لا يستبعد استمرار المعارك من قبل جيش الحكومة الشرعية وبدعم من السعودية، ولكن ربما لن يدخلوا صنعاء فالإمارات لا تريد ذلك لأنها تخشى أن تسقط صنعاء بيد الجيش الوطني كونها تعتبره جيش الإخوان المسلمين، وفق حسن.
وفي حال توجهت الحكومة نحو صنعاء، يتوقع حسن أنه قد يوقف المجتمع الدولي دخول العاصمة، وذلك عبر المبعوث الأممي أو قرارات دولية جديدة كما حدث في مرات سابقة.