تحدثت القوات المشتركة عن مواصلة جماعة الحوثي التصعيد في محافظة الحديدة غربي اليمن، وحشدها المئات من مسلحيها والدفع بهم نحو مناطق شرق مديرية الدريهمي.
وذكر لواء العمالقة في بيان صادر عنه، أن الحوثيين حفروا خنادق على امتداد الطريق الرابطة بين مديريتي زبيد والتحيتا (جنوبي الحديدة)، تتفرع منها خنادق أخرى باتجاه منطقة السويق التابعة للتحيتا.
وشهدت الحديدة مطلع الشهر الجاري مواجهات عنيفة بين الحوثيين والقوات المشتركة المكونة من ألوية العمالقة والمقاومة الوطنية والمقاومة التهامية، على إثر محاولة تلك الجماعة التسلل إلى مواقع شرقي مديرية الدريهمي بالحديدة.
ويُلاحظ أن تلك التحركات الحوثية جاءت عقب مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في العاصمة العراقية بغداد بهجوم أمريكي.
وتوقفت المعارك بعد أن كانت على أشدها وعلى بعد أمتار قليلة من ميناء الحديدة بضغط دولي، انتهى باتفاق ستوكهولم الذي لم يُنفذ حتى الآن.
يُذكر أنه وقبل أيام، أقر مجلس الأمن الدولي، بالإجماع تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق ستوكهولم في اليمن لمدة ستة أشهر إضافية، لتقوم بمهامها التي بينها قيادة ودعم عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار.
إيعاز إيراني
وفي صعيد ذلك يتوقع الإعلامي عبد الكريم الخياطي أن تلك الحشود لها سببان منطقيان بالنسبة لتكتيك الحوثيين، الأول يتعلق بالظرف الإقليمي الراهن، والآخر بالمعركة الداخلية.
فإيران وبعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني هددت بعدة طرق أنها ستنتقم وخاصة عن طريق ما تسميه محور الممانعة ممثلة بمليشياتها كالحوثي وحزب الله والحشد الشعبي في العراق، فبعد أن أصبح البحر الأحمر حلبة للتسابق الدولي على النفوذ والتواجد، طلبت طهران من الحوثيين البدء بالتحرك باتجاه الحديدة وسواحل ذلك البحر، حتى تبقى قادرة على تهديد الملاحة الدولية متى شاءت، وهو ما أشار إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير وتلميحه بأن مصالح أمريكا وحلفاءها لن تكون في أمان، يوضح الخياطي لـ"الموقع بوست".
وبالنسبة للسبب المحلي، قال الخياطي إن الضغوط تزداد على الحوثيين في الضالع ونهم وتعز و تستنزف الجماعة بشكل يومي دون تقدم، لذلك فأسهل مكان يمكن أن يكون فيه نتائج كبيرة لأي تحرك عسكري هو في مناطق مفتوحة وواسعة وليست صعبة، ويريد الحوثي فيها أن يتحول من الدفاع في مناطقه إلى الهجوم.
واستطرد "كما أن الحوثي يعلم أن القوات المتواجدة في الساحل والحديدة ليست قوة عقائدية بالرغم من محاولة الإمارات والسعودية إضفاء صبغة شرعية عليها، فتلك الجماعة تعلم أن قوات طارق وقوات المقاومة الجنوبية هي متعددة الولاءات، وأغلب جنود الأول هم من مجندين سابقين لطالما لاحقهم الحوثي وتخلوا عن واجبهم في الدفاع عن العاصمة صنعاء، ويعتقد الحوثي أنهم لم يتغيروا حتى وإن بنت أبوظبي مدنا سكنية لتوطينهم في تلك المناطق".
لذلك يتوقع الخياطي أن يحشد الحوثي إلى الساحل حيث التواجد الذي ترغب فيه إيران، وحيث يسهل عليه تحقيق بعض الانتصارات الخاطفة التي يمكن أن تحدث في تلك المناطق المفتوحة في ظل الخلافات التي تعتري قوات الشرعية بسبب تعدد أهداف السعودية والإمارات، وعدم وضوح رؤية التحالف للمعركة في الداخل اليمني.
ورقة ضغط
وبحسب الخياطي ووفقا لتلك المعطيات، يمكن للحوثي استباق أي تحرك أممي لإحداث تقدم في مفاوضات السلام، وترسل تلك الجماعة رسالة في المناطق التي تسيطر عليها، أنها لازالت قادرة على التحرك والتقدم العسكري.
وأضاف "هذا لا يعني توقف عمليات الحوثي في الجبهات الأخرى"، متوقعا أن يركز على العمليات الخاطفة والطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي لا يزال يمتلك منها كما كبيرا، واستهداف الجبهات الصلبة كجبهة نهم والجوف وتعز والمناطق المحررة.
حفاظ على المكاسب
ومن وجهة نظر الإعلامي عبد الرقيب الأبارة فقد كسب الحوثيون كثيرا في الحديدة، وبالتالي فإن حشودهم مؤخرا ما هي إلا محاولة لحفظ المكاسب والتي يبدو أنهم سيحققونها وأكثر في ظل الجمود الذي يسيطر على تحركات التحالف كمنظومة متكاملة.
وأفاد لـ"الموقع بوست" بأن الحوثي لا يسعى للمعركة بهذه الحشود، بل بتأكيد قوته وأنه مسيطر عليها، وعن تأثير ذلك يرى الأبارة أنه واقع سيمكنه مستقبلا من كسب مساحات جديدة إذا ما استمرت الشرعية في الالتزام باتفاق ستوكهولم، الذي لم يسلم الحديدة فقط للمليشيات، بل عمد إلى تجزئة الأزمة اليمنية بجعلها أزمات متعددة وذلك كارثة أخرى.
وتشهد الحديدة اشتباكات متقطعة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، أدى ذلك إلى نزوح العشرات من المدنيين إلى محافظات أخرى.