[ السفير الفرنسي لدى اليمن كريستيان تيستو يلتقي قيادات الحوثي في صنعاء ]
منذ مطلع العام الجاري، كثف مسؤولون بالاتحاد الأوروبي لقاءاتهم مع الحوثيين، بطريقة ملفتة، بعد أن ظل دور الدول فيه مقتصرا على مراقبة الوضع والتصريحات الإعلامية، دون التدخل المباشر كما يحدث الآن.
وصلت عدة وفود أوروبية وكذا عدد من الدبلوماسيين إلى صنعاء، كان آخرها لقاء سفير فرنسا في اليمن كريستيان تيستو، مع شخصيات وقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام وتنظيمات أخرى.
في وقت سابق وخلال لقاء رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" مهدي المشاط مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن أنطونيا كالفو بويرتا أنتقد دور الأمم المتحدة، وقال إنهم يتطلعون أن يقوم الاتحاد بدور مهم في هذه المرحلة بخصوص دعم التسوية في اليمن، ووقف ما سماه "العدوان" حتى يكون هناك نوع من التوازن في المواقف الدولية تجاه اليمن، مبديا استعداد الجماعة للتعاون معهم.
هناك كذلك مفاوضات سرية بين الاتحاد الأوروبي وإيران -التي تتمتع بعلاقات جيدة مع بعض دوله ومصالح مشتركة- تجري بين الجانبين حول ملفي سوريا واليمن، فسرتها صحيفة كيهان الإيرانية بأنها "مفاوضات بين طهران والولايات المتحدة الأمريكية".
عباس عرقجي نائب وزير الخارجية الإيراني، مؤخرا كان قد أكد أنهم بحثوا الأزمة اليمنية مع الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لبلاده.
اقرأ ايضا: تمهيد أم استكشاف .. انفتاح فرنسي على الحوثيين في صنعاء (تغطية)
ومن المتوقع أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا أكبر خلال الفترة المقبلة، فقد التقى بالمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بوزراء الخارجية في الاتحاد، أكدوا أهمية حل النزاع في اليمن وفق الخيارات السياسية، وبعيدا عن الحل العسكري، مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية لليمن دون عوائق.
استهداف الشرعية
يأتي هذا الانفتاح الحوثي على الاتحاد الأوروبي، بعد عزلة طويلة عانى منها الحوثيون نتيجة لمنع التحالف العربي مثل تلك اللقاءات الدبلوماسية، وهو ما يرجع كفة أن التحالف يدفع ثمن باهظ بحربه في اليمن وأصبح يبحث عن حلول تنهي الأزمة.
وعن تأثير تلك الجهود، يقول الباحث في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم: "تتحرك دول الاتحاد الأوروبي في اليمن على أساس طرفي صراع (الحوثيين والحكومة)، حتى ولو كانت الأخيرة معترف بها".
ومن وجهة نظر هاشم الذي تحدث لـ"الموقع بوست" فإن أخذ اللقاءات التي يجريها مسؤولون أوروبيون مع الحوثيين لذلك المنحى الخطير، يؤثر سلبا على شرعية الحكومة.
ووفقا لهاشم فإن الإمارات وهي القوة المؤثرة داخل التحالف العربي (حالياً)، مقتنعة تماماً بكون ما يحدث في اليمن بين أطراف، وتضغط من أجل وجود الأطراف التابعة لها (عائلة صالح و المجلس الانتقالي الجنوبي).
وفسر سبب موقف أبوظبي بالقول "اعترافها بشرعية الحكومية سيجعل أدوات الإمارات في عباءتها، ولا تريد الإمارات ذلك".
أجندة عديدة
وينظر الاتحاد الأوروبي إلى التصعيد في الجبهات باليمن بأنه يقوض جهود استئناف المشاورات، ويؤكدون ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام شامل.
في سياق متصل، يذكر المحلل السياسي فيصل علي أنه لا يمكن انتزاع موقف سياسي موحد من الاتحاد الأوروبي، فكثير من الدول فيه غير مهتمة بقضايا الشرق الأوسط.
لكنه أكد لـ"الموقع بوست" بأن هناك دولا أخرى كبريطانيا وألمانيا، ترغب بلعب دور كبير في اليمن، من أجل الخروج بمكاسب كثيرة.
وبيَّن أن "بريطانيا التي قسمت خرائط الشرق الأوسط سابقا، تريد أن تحظى بتواجد كبير حاليا بعد مرور قرابة 100 سنة منذ اتفاق سايكس بيكو، واليمن موضوع على أجندتها كما كانت قبل أكثر من 10 عقود".
وأضاف "حددت بريطانيا سلفا أن اليمن دولتين في الشمال والجنوب، وبعد مغادرتها سلمت الجنوب لمجموعات من الجبهة القومية وآخرين من ذوي الأصول الهاشمية، وهي اليوم تنظر للبلاد من منظور خرائطها القديمة وهو ما يشكل خطرا على القضية اليمنية".
اقرأ أيضا: انفتاح أوروبي على الحوثيين
فالمملكة المتحدة -بحسب علي- تنظر إلى أن الأزمة اليمنية لا تحل بالسلاح برغم بيعهم له، فهم يتعاملون بمنطق الصفقات ويبيعون السياسة عبر مجلس العموم البريطاني.
وأكد أن "أطماع لندن تتمثل بالتواجد باليمن لاستباق مرور طريق الحرير عبر هذه المنطقة الحيوية من العالم، وكذلك بالحضور والسيطرة على السواحل اليمنية، وهو ما يحدث حاليا عبر شركة موانئ دبي التي تتبع الإمارات ظاهريا وهي بالأصل تابعة لبريطانيا فهي الوريث الشرعي لشركة الهند الشرقية الاستعمارية".
عجز دبلوماسي
وانتقد علي وبشدة الحكومة الشرعية، فهي كما يقول من انطلاق مؤتمر الحوار لم تسوق لـ"الفيدرالية " لا عند البريطانيين ولا الأوروبيين، وبعد الانقلاب أصبحت مكتوفة الأيدي وتكبلت بحبال التحالف العربي.
وبحسب علي فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تريد للشرعية أن تنهي الحرب لصالحها فهي ترى أن الحسم عسكريا ليس حلا أمثل ويضر باليمنيين، مشيرا إلى أن الألمان يتعاملون مع الحكومة كطرف من أطراف الصراع، وهو ما يؤكد فشل الدبلوماسية في تسويق القضية في إطار الاتحاد.
وأشار إلى وجود فساد تمارسه الشرعية، وكذلك التحالف الذي عمل على شراء الذمم وكذلك الأسلحة، وهو ما يشكل سوقا بالنسبة للأوروبيين الذين يقومون بالضغط على السعودية، والحصول على أموال ومساعدات للمنظمات التي وجدت مصدر تمويل جديد.
وأكد في ختام حديثه "لا أحد يريد إيقاف الحرب، لرغبتهم باستمرار بيع الأسلحة والسيطرة على المنطقة بأنفسهم، وأن الحرب خدعة وقع فيها اليمنيون ولا يوجد من يقف مع البلاد، والشعب الضحية الأول والأخير".
يُذكر أن أواخر العام 2017، صادق البرلمان الأوروبي على قرار يوصي بحظر بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية، التي يتهمها الاتحاد الأوروبي بانتهاك حقوق الإنسان الدولية في اليمن.