[ نزوح وتشرد وأمراض.. حصيلة سنوات الحرب المفتوحة في اليمن (رويترز) ]
تدخل الحرب الدائرة في اليمن عامها السادس وسط تردي الوضع الإنساني والدمار الذي لحق بالبلاد، وخلال عام 2019 انتشرت أوبئة وأمراض جديدة فاقمت من معاناة اليمنيين، في ظل استمرار تردي الحالة الاقتصادية وارتفاع معدل الانتهاكات، ولا سيما في المدن الجنوبية أخيرا.
وظهرت خلال العام الخامس من الحرب إنفلونزا الخنازير، وانتشرت بشكل لافت في محافظتي تعز وصنعاء، وبحسب إحصائيات كشف عنها الناطق الرسمي لوزارة الصحة التابعة للحوثيين يوسف الحاضري للجزيرة نت، فقد وصلت حالات الإصابة والاشتباه بهذه الإنفلونزا إلى أكثر من 650 حالة توفي منها 125 حالة، في عموم المدن اليمنية.
ويصف الحاضري الوضع الإنساني في اليمن بالمأساوي، مشيرا إلى أن بعض الأوبئة كانت قد اختفت، لكنها عادت بمعدل أعلى خلال العام الأخير، وأسهم في صعوبة علاجها تدمير التحالف السعودي الإماراتي للبنية التحتية والخدمات الصحية، واستمراره في الحصار وإغلاق جميع المنافذ.
الكوليرا وأوبئة أخرى
استمر الوباء في الانتشار وحصد أرواح المئات منذ ظهوره الأول عام 2016، وقد بلغت حالات الإصابة بالوباء منذ يناير/كانون الثاني 2019 أكثر من 854 ألف شخص، وتوفي منهم أكثر من ألف مواطن حتى ديسمبر/كانون الأول 2019، وذلك بحسب إحصائيات وزارة الصحة بصنعاء.
وتؤكد أرقام وزارة الصحة في صنعاء ارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك خلال عام 2019، إلى أكثر من 650 حالة، حيث تسبب الوباء بوفاة أكثر من 270 شخصا.
ووفقا لبيانات الوزارة وصلت حالات الإصابة بمرض الدفتيريا خلال العام نفسه إلى أكثر من أربعة الآف إصابة، كما تسبب في وفاة 253 شخصا، وهناك إصابات أيضا بداء الكلب تجاوزت أكثر من ألف حالة توفي منها 54.
وبلغت حالات الإصابة بالملاريا خلال 2019 أكثر من مليون وعشرين ألف حالة إصابة واشتباه، وقد تأكدت وزارة الصحة بصنعاء عن طريق الفحوصات المخبرية من 150 ألف حالة مصابة، وقد توفي بسببها 17 شخصا.
سوء التغذية
لم تتوقف المعاناة عند الأوبئة والأمراض، ولكن المجاعة وسوء التغذية أيضا كانت عواقبهما حاضرة في حياة اليمنيين خلال 2019. وبحسب الأرقام الصادرة عن منظمة الصليب الأحمر، فهناك 3.2 ملايين طفل وامرأة في اليمن مصابون بسوء التغذية الحاد، كما يعاني 50% من الأطفال من التقزم الدائم.
وينبه مسؤول الإعلام والاتصال في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية زيد علاية إلى وجود أكثر من 24 مليون يمني (80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات غذائية.
وتشير الإحصائيات إلى أن 14 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على خدمات صحية مباشرة، كما أن هناك 50 % من المرافق الصحية معطلة والبقية لا تؤدي خدماتها بشكل كامل، بسبب نقص الأدوية، فضلا عن أن أكثر من 15 مليون يمني لا يحصلون على مياه نظيفة، الأمر الذي تسبب في انتشار الكثير من الأوبئة.
الطفولة
أثرت الحرب على حياة الأطفال بصورة مباشرة، حيث دمرت أكثر من ألفي مدرسة، وتسببت في حرمان مليوني طفل من التعليم، بحسب تقديرات منظمة الصليب الأحمر، ووفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يحتاج ما يقرب من 7.4 ملايين طفل في اليمن إلى مساعدات إنسانية.
وقد حرمت الأوضاع الاقتصادية الأطفال من الاستمتاع بالحياة، وأجبرتهم على الدخول في سوق عمل غير آمن وغير منصف، ولا يتمتع بأي ضمانات قانونية وحقوقية.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فهناك أكثر من مليون طفل في سوق العمل، إضافة إلى الآلاف من الأطفال الصغار، الذين ذهبوا للقتال لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، خاصة بعد فقدان آبائهم نتيجة الحرب وأصبحت مهمتهم تدبير حياتهم بأنفسهم.
النزوح
كشفت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح أربعمئة ألف يمني، منذ مطلع 2019 بسبب الحرب، وأوضحت في تقرير حديث لها أن الصراع المستمر منذ خمسة أعوام أدى إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص، حيث خلّفت الحرب حالة نزوح داخلية كبيرة، بعضها في مخيمات تفتقر لأبسط المقومات الضرورية.
وفي ظل تشتت العائلات، أصبح الأطفال على وجه التحديد يعانون من حالات نفسية، بسبب تشتت الأسر وانقطاع أخبار بعضها، حتى بات هناك ما لا يقل عن 1200 طفل غير مصحوب بذويه ومنفصل عن أسرته، وفقا لتقارير دولية.
انتهاكات في الجنوب
يؤكد توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات -مقرها في جنيف- أن الوضع بالجنوب في عام 2019 استمر على ما هو عليه عام 2018 دون تحسن.
وأصبح الوضع أسوأ مع سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على مدينة عدن في العاشر من أغسطس/آب 2019، حيث ازدادت حالات التهجير القسري على أساس الهوية، التي طالت أكثر من ألفي مواطن من أبناء الجنوب.
إضافة إلى التضييق الكبير على حرية الصحافة واستمرار الاعتقالات التعسفية، وأيضا مسلسل الاغتيالات والارتفاع المخيف في خطاب الكراهية، ونهب الممتلكات الخاصة والعامة.
مستقبل قاتم
لا تزال كارثة الحرب اليمنية وما خلّفتها من أزمات إنسانية هي الأكبر في العالم، كما يصفها مسؤول الإعلام والاتصال في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية زيد علاية، إذ تواجه الاستجابة الإنسانية الكثير من الصعوبات، في ظل حاجة نصف السكان الماسة للغذاء.
ويضيف علاية "بالرغم من أن عمليات المساعدات الإنسانية في اليمن تعد الأكبر في العالم، فإن مؤشرات الحاجة للغذاء والإغاثة مرشحة للزيادة خلال العام الجديد 2020، خصوصا إذا استمرت أطراف الصراع اليمنية في استخدام سياسة التجويع كأداة من أدوات الحرب".
ويرى توفيق الحميدي أن الأزمات الإنسانية قد تتضاعف أكثر خلال العام الجديد، بسبب استمرار تدمير البنية التحتية الصحية والمستشفيات والمستوصفات، والحصار الذي يمنع وصول الأدوية اللازمة للعلاج، الأمر الذي يجعل اليمنيين تحت رحمة الأطراف المتحاربة.