[ شبوة ممر حيوي للنفط والغاز القادم من محافظة مأرب ]
تمكنت الحكومة اليمنية الشرعية مؤخراً من استعادة أهم حقول وموانئ تصدير النفط والغاز بمحافظة شبوة جنوب شرقي البلاد، بعد أن ظلت مختطفة بيد قوات النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات، وقبل ذلك من قبل جماعة الحوثي منذ نحو خمسة أعوام، وهو الأمر الذي كان يعيقها لاستعادة عمليات الإنتاج والتصدير.
ولعل التساؤل الأبرز الذي يطرحه اليمنيون حالياً عن أولويات الحكومة الشرعية في التنمية ومدى قدرتها على تصدير النفط بعد أن نجحت في إخماد المعارك والفوضى في شبوة التي تعد من المناطق الغنية بالنفط حيث تمتلك خمسة قطاعات إنتاجية و11 قطاعاً استكشافياً وسبعة قطاعات مفتوحة.
أهمية إستراتيجية
تعتبر شبوة من المدن الرئيسية الرافدة لاقتصاد البلاد بحوالي 25% من الموازنة العامة، حيث تنتج من قطاعاتها الثلاثة (عسيلان والعقلة وعياذ) ما يقارب خمسين ألف برميل يومياً، ويمثل حقل العقلة النفطي ثاني أكبر حقول النفط بالبلاد إضافة إلى امتلاكها منفذا بحرياً يمتد لأكثر من ثلاثمئة كيلومتر.
كما يعد ميناء الغاز في بلحاف على البحر العربي أكبر مشروع صناعي واستثماري في تاريخ اليمن، وكان يوفر إيرادات بنحو أربعة مليارات دولار سنوياً، النصف منها يذهب إلى الحكومة والباقي لصالح الشركات الأجنبية (فرنسية، أميركية).
ويعتبر بلحاف أكبر ميناء لتصدير الغاز المسال في البلاد وقد بدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي منذ 2009، وتقدر الطاقة الإنتاجية 6.7 ملايين طن، وقد كلف إنشاؤه نحو خمسة مليارات دولار، ويمر عبر أنبوب بطول 320 كلم بدءا من حقول الغاز بالقطاع 18 بمدينة مأرب (وسط اليمن) وينتهي عند محطة التسييل في بلحاف شبوة.
أولويات الحكومة
بحثاُ عن دور الحكومة في استثمار هذا الميناء المهم واستعادة إنتاج النفط وتصديره، تحدثت الجزيرة نت مع سعيد المرنوم مدير عام مكتب النفط في شبوة، وقال إنهم بالفعل بصدد إعادة تصدير النفط الخام من قطاع s2 من حقل العقلة.
وأوضح المرنوم أنهم قاموا مؤخراً بتصدير حوالي تسع شحنات عبر ميناء النشيمة جنوب المحافظة أيضا، مؤكدا أن لديهم خطة أخرى بتصدير النفط من قطاع (5 جنت هنت) وقد بدؤوا العمل في هذا المشروع وربط أنبوب من جنت هنت إلى قطاع 4 غرب عياد ومنه إلى ميناء النشيمة (على ساحل البحر العربي بمديرية رضوم في شبوة). ومن المتوقع أن يتم استكمال المشروع نهاية العام الحالي وقد يتيح تصدير النفط الخام من محافظتي شبوة ومأرب عبر نفس الأنبوب إلى النشيمة.
وفيما يتعلق بتصدير الغاز من بلحاف، قال المرنوم للجزيرة نت "وزارة النفط وسلطات المحافظة تبذل جهوداً لإعادة تصدير الغاز في هذا المشروع الذي يعتبر أهم المشاريع الاقتصادية بالبلد، وقد تم عقد اجتماعات مع إدارة الشركة المصدرة ونأمل أن يتم التصدير قريباً".
وذكر المرنوم أن عودة تشغيل الحقول النفطية وميناء بلحاف ستمكن الحكومة من الاستمرار في عجلة التنمية، كما ستستفيد من ذلك محافظة شبوة والتي تم تخصيص ما نسبته 20% من عائدات النفط لمشاريع التنمية فيها.
صعوبات ومعوقات
بالمقابل يفيد الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي بأنه من الصعب الحديث عن تصدير النفط أو الغاز وعدد من المدن لا تزال تعاني من عدم استقرار أمني.
ويضيف العوبلي للجزيرة نت "يجب على الحكومة أن تفرض سيطرتها على كامل مناطق الجنوب، لأن بقاء المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً قد يعطل إمكانية استعادة تصدير النفط والغاز من شبوة".
ويتفق الباحث الاقتصادي حسام السعيدي مع حديث العوبلي، ويرى أن استعادة القوات الحكومية مدينة شبوة دون العاصمة المؤقتة عدن وتأمين الخط الساحلي على الأقل لن يوفر بيئة آمنة بما فيه الكفاية لعودة تصدير النفط، وتطبيع الحياة، إذ إن عرقلة الأداء الحكومي ستبقى قائمة.
ويقول السعيدي في حديثه للجزيرة نت "تصدير النفط والغاز بحاجة إلى بيئة آمنة تحمي المنشآت خاصة من نشاط التنظيمات الإرهابية التي يتوقع أن تعيد استهداف القوات الحكومية والمنشآت خدمة لأهداف جهات معروفة".
ويضيف "بكل الأحوال فإن قرار تصدير النفط يبقى مرتبط بعناصر لوجستية أخرى، إلا أن قرار استعادة التصدير بحاجة إلى فترة زمنية أطول ليتم اتخاذه، كون ضبابية الوضع الأمني حالياً تصعب اتخاذ القرار، ويبدو القرار نوعاً من التحدي للحكومة وأجهزتها الأمنية".
ويشير السعيدي إلى أهمية استعادة شبوة التي تمثل ممرا نفطيا حيويا من خلال ميناء بلحاف لتصدير الغاز، ويرجح أن يصل حجم صادرات الغاز والنفط إلى 90% من حجم الصادرات عبر ميناء بلحاف فقط في حال استتبت الأمور، وهو ما قد ينعكس على الخزينة العامة للدولة ويساهم في رفدها بما يزيد على 70% من الموارد، إذ من الممكن زيادة هذه النسبة إذا تمت إعادة التصدير بالطاقة الإنتاجية الكاملة للحقول النفطية.
وفي حال بقاء محافظة شبوة تحت سيطرة الحكومة الشرعية فسيكون من المتوقع أن يتخذ قرار بإعادة التصدير خلال فترة قد تصل ثلاثة أشهر، وبالطبع فإن ذلك سيمكن الحكومة من الاستقلال مالياً، وتنفيذ حزمة من القرارات الاقتصادية التي تتطلبها المرحلة، بحسب السعيدي.
تجدر الإشارة إلى أن النفط يعتبر المحرك الرئيسي لاقتصاد اليمن، حيث يمثل 70% من موارد الموازنة، و63% من الصادرات، و30% من الناتج المحلي، وتمثل عائداته نسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي.