[ السفينة الإسرائيلية غالاكسي ليدر التي احتجزها الحوثيون واقتادوها مع طاقمها إلى السواحل اليمنية (الجزيرة) ]
سلطت دراسة غربية الضوء على الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن ضد جماعة الحوثي التي تشن هجمات على السفن في البحرين الأحمر والعربي منذ نوفمبر من العام الماضي.
وقالت الباحثة "إليزابيث تورينج"، في دراسة لها نشرتها مجلة "Small Wars Journal" الامريكية المتخصصة بالدفاع الوطني والسياسة الخارجية، وترجم أبرز مضمونها إلى العربية "الموقع بوست" إنها تسعى في ورقتها إلى مراجعة الصراع لتقييم أداء كل من المتمردين الحوثيين وبين الدول المتصدية لهم حتى الآن، نظرا لتزايد تورط الولايات المتحدة مع الحوثيين.
ودعت إليزابيث -وهي طالبة دراسات عليا في كلية شار للسياسة بجامعة جورج ميسون- إلى الاعتراف بجماعة الحوثي كشرعية في البلاد، تحت مزاعم تأمين الملاحة البحرية.
وأضافت "في السابع عشر من يناير 2024، قامت الولايات المتحدة بإعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص (SDGT) وفي الأسابيع التي تلت ذلك، تزايد نشاط واشنطن في الخليج، حيث أسقطت طائرات حوثية مسيرة وضربت أهدافًا للجماعة في اليمن".
تقول "وفقًا لعقيدة مكافحة التمرد الأمريكية، هناك ثلاث جهات فاعلة رئيسية في أي تمرد: الدولة والمتمردون والجهات الخارجية. هذا الوصف ينطبق على حالة الحوثيين".
وتابعت "في هذا التقييم، أزعم بأن التمرد لا يمتلك فقط مؤشرات رئيسية على النجاح، بل إن نقاط ضعف مكافحة التمرد تضعف إمكانية النجاح، ولتقديم هذه الحجة، تقدم هذه الورقة أولاً الجهات الفاعلة الأساسية داخل تمرد الحوثيين قبل تقديم تاريخ حديث موجز للقضية. ثم يحدد نقاط القوة والضعف لكل من المتمردين والمناهضين للتمرد قبل أن يختتم بنظرة عامة للتمرد.
ومطلع دراستها أوجزت الباحثة تسلسلاً تاريخياً لظهور جماعة الحوثي وارتباطاتها الداخلية والخارجية، كما تطرّقت إلى وضع الحكومة المعترف بها دولياً، ودور التحالف الذي تقوده السعودية، والمفاوضات بين الحوثيين والرياض، مشيرة إلى إن اليمن يواجه انقسامات دينية وقبلية وسياسية كبيرة بين سكانه على الرغم من كون غالبية سكانه من المسلمين.
الحوثيون في سياق حرب حماس-إسرائيل
وأكدت أن الحوثيين استخدموا حرب إسرائيل-حماس كمنصة لعرض قوتهم ومحاولة كسب الشرعية على المستوى الدولي. نتيجة لذلك، شهد الصراع دخول جهات فاعلة جديدة وتغيير في البيئة العملياتية للحوثيين.
وأضافت "بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل وحرب إسرائيل-حماس اللاحقة، بدأ الحوثيون بنشر دعاية للجمهور العالمي، ووصفوا أنفسهم بأنهم المدافعون عن الشعب الفلسطيني، باستخدام موجة التعاطف المؤيدة لفلسطين كمبرر ، نفذ الحوثيون عمليات مع "القوات المسلحة اليمنية" في البحر الأحمر، مما أدى إلى تعطيل تدفقات التجارة العالمية.
وتابعت "في حين أن حملة الحوثيين في البحر الأحمر قد حركت الولايات المتحدة، يمكن أيضًا وصف هذه الحقبة الحديثة من تمرد الحوثيين بأنها انخفاض في معارضة السعودية".
وأوضحت الباحثة أن هذا الانخفاض بدأ في الأشهر التي سبقت السابع من أكتوبر، عندما بدأ المسؤولون السعوديون محادثات سلام مع الجماعة، مشيرين إلى رغبة متزايدة في التنمية الاقتصادية في جنوب السعودية والتي لن تكون مجدية بدون سلام دائم مع الحوثيين.
وقالت لم يحسم بعد مصير تمرد الحوثيين، يتوقع البعض انخفاضًا في قوة الحوثيين، مشيرين إلى أن زيادة العمليات الأمريكية قد تجعل من الصعب وصول الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، مما قد يحد من قدراتهم العسكرية.
ويرى آخرون أن الحوثيين أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق هدفهم، مستشهدين بالانسحاب السعودي المذكور سابقًا من الصراع. بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن زيادة تحرك الولايات المتحدة يمكن أن يقوي الدعم السياسي للحوثيين داخل اليمن،حيث أن حشد الدعم من القضية الفلسطينية العابرة للقطاعات - بالإضافة إلى المشاعر المعادية للغرب المتزايدة في المنطقة - قد يمنح التمرد الشرعية اللازمة لتعزيز السيطرة على بقية اليمن وكسب الاعتراف والشرعية الدولية.
تقييم قضية الحوثيين
وأردفت "نظرًا للمستقبل غير المؤكد للحوثيين، فمن الضروري تقييم نقاط القوة والضعف لكل من المتمردين وقوات المناهضة لهم لفهم موقف هذه القوات - واكتساب نظرة ثاقبة حول من ينتصر في الصراع. لتحقيق ذلك، يجب على المرء أولاً فهم شكل النجاح لكلا الطرفين".
وزادت "يحدد عقيدة مكافحة التمرد (COIN) الأمريكية النجاح لقوات مكافحة التمرد في تعريفها لمكافحة التمرد. وفقًا لدليل ميداني للجيش الأمريكي 3-24 ، "مكافحة التمرد هي جهود مدنية وعسكرية شاملة مصممة في وقت واحد لهزيمة واحتواء التمرد ومعالجة أسبابه الجذرية".
واستدركت "بناءً على هذا النموذج، يحدد دليل مكافحة التمرد الصادر عن الحكومة الأمريكية ثلاثة شروط رئيسية تشير إلى نجاح قوات مكافحة التمرد: حيث يُنظر إلى الدولة على أنها شرعية، ولديها القدرة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية على "معالجة المظالم التي ربما أدت إلى دعم التمرد".
وقالت "يتم استقطاب التمرد - بما في ذلك قادتهم - أو تهميشهم أو فصلهم عن السكان، كما يتم تفكيك التمرد أو نزع سلاحه".
واستدلت الباحثة بدليل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتحليل التمرد بأنه "نشاط سياسي عسكري طويل الأمد يهدف إلى السيطرة الكاملة أو الجزئية على موارد بلد ما من خلال استخدام قوى عسكرية غير نظامية ومنظمات سياسية غير قانونية".
وطبقا للباحثة الزابيث فإن الدليل مع هذا التعريف يقدم أربعة مؤشرات على نجاح التمرد يمكن تبسيطها إلى ثلاثة شروط: أولها يحصل التمرد على شرعية محلية ودولية مقارنة بالدولة المنكوبة. وثانيها يكتسب التمرد "السيطرة على السكان والأراضي". فيما الثالث هو اكتساب التمرد قوة قهرية على السكان.
وقالت "باختصار، فإن مؤشرات النجاح لقوات التمرد ومكافحة التمرد معكوسة - حيث تقاتل كلتا المجموعتين من أجل الشرعية، والسيطرة على السكان والأراضي، واحتكار القوة. مع تحديد هذه الأهداف، أصبح من الممكن الآن تقييم حالة الحوثيين".
وذكرت الباحثة أن تقييم نقاط القوة لدى الحوثيين في عدة عوامل منها الجغرافيا، حيث لعبت عدة عوامل في جغرافية اليمن دورا رئيسياً في قدرة الحوثيين على السيطرة على الأراضي، إلى جانب الدعم الخارجي المتمثل بدعم إيران سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلاء.
وزعمت الباحثة الأمريكية أنه "من أجل مصالح بلادها وفشل مكافحة التمرد وبدل من استخدام القوة العسكرية، يمكننا أن نجرب تقديم حافز للمتمردين: اعتراف المجتمع الدولي باليمن بقيادة الحوثيين".
وقالت "باستخدام النفوذ داخل المنظمات الدولية، يجب على الولايات المتحدة التفاوض بشأن شروط يمكن أن يكتسب الحوثيون بموجبها الشرعية - مشروطًا بعدة عوامل مدنية مثل تسهيل النمو الاقتصادي للتخفيف من الأزمة الإنسانية وتطوير نظام سياسي عادل يضمن المصالحة مع الحكومة اليمنية.
واستطردت "في تعزيز هذا اليمن الجديد، يجب على الولايات المتحدة اتباع مبادئ عقائد مكافحة التمرد - مثل العمل كمستشار داعم للحكومة الجديدة لبناء قدرة الدولة".
وخلصت الباحثة الزابيث في دراستها إلى أن هذه النتيجة تنطوي على إمكانات كبيرة: واقع يكون فيه اليمن مستقرًا نسبيًا وممر التجارة في البحر الأحمر آمنًا مرة أخرى، ولكن من دون نشر قوات مكافحة التمرد في صراع طويل الأمد. وبالتالي، قد يفوز الحوثيون في هذا الواقع، مشيرة إلى أن هذا الواقع لا يتطلب خسارة الولايات المتحدة - وهو سيناريو أفضل بكثير من خسارة باهظة الثمن وطويلة الأمد، حد زعمها.