[ الإمارات استضافت قادة عرب مؤخرا - وكالات ]
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن خلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن الذي يشهد حربا منذ ثماني سنوات.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها أعده الكاتبان "ستيفن كالين" و "سمر سعيد" وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن أبوظبي عندما استضافت قمة لقادة الشرق الأوسط في قصر ساحلي في كانون الثاني (يناير)، كان هناك غياب صارخ لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مشيرة إلى أنه قبل شهر من ذلك، تغيب قادة الإمارات عن قمة صينية عربية رفيعة المستوى في الرياض.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين خليجيين قولهم إن محمد بن زايد آل نهيان يبتعد عن أحداث الطرف الآخر عن قصد، حتى في الوقت الذي حضر فيه حكام الأردن ومصر وقطر وغيرهم.
وبحسب التقرير فإن الانتقادات اللاذعة كشفت عن خلاف متزايد بين الشركاء الأمنيين المتجاورين للولايات المتحدة الذين ساروا على مدى سنوات بخطى متقاربة بشأن السياسة الخارجية للشرق الأوسط."
وأضاف "لا تزال المملكة والإمارات حليفتين رسميًا، بينما تباعدتا على عدة جبهات، حيث تنافست على الاستثمار الأجنبي والتأثير في أسواق النفط العالمية واصطدمت في اتجاه حرب اليمن. واندلعت الخلافات خلف الأبواب المغلقة، لكنها بدأت تتسرب بشكل متزايد إلى العلن، مما يهدد بإعادة ترتيب التحالفات في الخليج العربي الغني بالطاقة في وقت تحاول فيه إيران ممارسة المزيد من النفوذ عبر المنطقة، بينما أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، وخلط في صنع القرار في أوبك".
وقال أشخاص مطلعون على الرحلات إن مستشار الأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، المقرب من الأمير محمد، سافر مرارًا وتكرارًا إلى السعودية للقاء زعيمها الفعلي البالغ من العمر 37 عامًا، لكن ذلك فشل في تخفيف التوترات، وفي مناسبة واحدة على الأقل بعد قمة يناير في أبو_ظبي، لم يتمكن الشيخ طحنون من تأمين لقاء مع ولي العهد السعودي، كما قال بعض الأشخاص.
وذكرت صحيفة وول ستريت أن بن زايد، البالغ من العمر 61 عامًا، كان مرشدًا لولي العهد السعودي، حيث تجمع قبل بضع سنوات في رحلة تخييم ليلية في الصحراء السعودية الشاسعة، برفقة صقور مدربة وحاشية صغيرة، لكن في الآونة الأخيرة، انفصل الرجلان عن بعضهما البعض لأنهما يقدمان رؤى متباينة للقيادة، وتجنب الشيخ محمد التدقيق الذي يواجهه الأمير محمد.
وقالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "حتى سنوات قليلة مضت، لم يكن هذا النوع من الانقسام والسعي الصريح لتحقيق أهداف تتعارض مع ما يسعى إليه أشقاؤهم أمرًا غير مسموع"، وأضافت "الآن أصبح أمرًا طبيعيًا بشكل متزايد".
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إماراتيين امتنعوا عن التعليق، فيما لم يرد المسؤولون السعوديون على طلبات التعليق.
وفي تغريدة في فبراير/ شباط، أعاد أنور قرقاش، مستشار السياسة الخارجية الإماراتي للشيخ محمد، التأكيد على وحدة الإمارات مع المملكة، وقال إن التقارير حول التحولات في التحالفات الخليجية خاطئة وتخلق انقسامات في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التضامن.
وقالت "كان الخلاف الأكثر حدة حول اليمن، حيث قاد السعوديون والإماراتيون تحالفًا عسكريًا عربيًا تدخل في عام 2015. وتركت الحرب الأهلية البلاد منقسمة بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على الشمال وحكومة معترف بها دوليًا في معظم الجنوب".
وقال مسؤولون خليجيون إن معظم قواتها البرية سحبت من اليمن في عام 2019 لكنها ما زالت تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبلها حيث تواصل السعودية محادثات مباشرة مع المتمردين الحوثيين بشأن إنهاء الحرب، وأضاف المسؤولون أن بلاده تريد الحفاظ على موطئ قدم استراتيجي على الساحل الجنوبي للبلاد وتوجيه القوة في البحر الأحمر لتأمين الطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم.
وذكرت أن الإمارات وقعت اتفاقية أمنية في ديسمبر الماضي مع الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية تسمح للقوات الإماراتية بالتدخل في البلاد في حالة وجود تهديد وشيك، تدريب القوات اليمنية هناك، وتعميق التعاون الاستخباراتي، بحسب مسؤولين سعوديين وإماراتيين وغربيين، كما تسعى لبناء قاعدة عسكرية ومدرج على جزيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وفقا لمسؤولين خليجيين.
وقال مسؤولون خليجيون إن السعوديين اعترضوا سرا على الاتفاق الأمني والخطط الخاصة بالقاعدة، واعتبروا أن الإماراتيين يعملون ضد أهداف الرياض الرئيسية المتمثلة في تأمين حدودها البالغ طولها 800 ميل، ووقف هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ.
وردا على ذلك، نشر السعوديون قوات سودانية من التحالف العسكري العربي في مناطق قريبة من العمليات الإماراتية، وهو ما اعتبره المسؤولون الإماراتيون تكتيكًا للترهيب، على حد قول مسؤولين خليجيين.
وفي ديسمبر، عندما لم يحضر بن زايد قمة الصين في الرياض، قال المسؤولون السعوديون إنهم فسروا ذلك على أنه علامة على استياء الإماراتيين من المنافسة المتزايدة في اليمن. وبدلاً من الشيخ محمد، حضر حاكم إمارة الفجيرة الصغيرة القمة التي ضمت الزعيم الصيني شي جين بينغ.
تقول الصحيفة "كان اثنان من أكبر منتجي النفط في العالم، السعوديون والإماراتيون، قد دارت جدالهم خلف الأبواب المغلقة حول قضايا الطاقة داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول التي تقودها السعودية، فإن دولة الإمارات مضطرة لضخ أقل بكثير مما تستطيع، مما يضر بعائداتها النفطية. وقال مندوبو أوبك إنها تدفع منذ فترة طويلة لضخ المزيد من النفط لكن السعوديين قالوا لا".
ويقول المسؤولون الإماراتيون الآن، إن الإمارات تجري مناقشة داخلية حول مغادرة أوبك، وهو قرار من شأنه أن يهز الكارتل ويقوض قوتها في أسواق النفط العالمية.
واشتبك الإماراتيون مع السعوديين في أكتوبر الماضي عندما قررت منظمة أوبك + - وهي مجموعة تضم 13 دولة تضم أوبك و 10 دول أخرى، بما في ذلك روسيا خفض إنتاج النفط بشكل كبير لدعم أسعار الخام.
وفي الأماكن العامة، تدعم الإمارات خفض الإنتاج لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن الإماراتيين أخبروهم سرا أنهم يريدون ضخ المزيد تماشيا مع رغبات واشنطن، لكنهم واجهوا مقاومة من السعودية، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الإمارات، وفقا لمسؤولي الطاقة في الخليج، تدفع بشكل خاص إلى السماح لها بإنتاج المزيد.
وقالت إسفندياري إن الإماراتيين "قلقون بشأن سعودي يعمل ضد مصالحهم". وقالت إن السعوديين قلقون من أن الإمارات تشكل تهديدا للهيمنة السعودية في الخليج.
"الخلاف ليس خطيرًا مثل نزاع قطر مع جيرانها، والذي شهد قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والسفر من منتصف عام 2017 حتى أوائل عام 2021. ويواصل السعوديون والإماراتيون المشاركة في التدريبات العسكرية المشتركة، ولكن ذروة تحالفهم قد انتهت"، بحسب ما قال محللون.
وقال مسؤولون إماراتيون إن الخلاف بدأ بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء للحكومة السعودية، الأمر الذي جعل الإماراتيين يعيدون النظر في مدى قربهم منه. وفي عام 2019، شعر السعوديون بالتخلي عنهم في اليمن عندما بدأت أبوظبي في سحب قواتها، بينما ولّدت صفقة إقامة علاقات مع إسرائيل المزيد من الخلافات.
وقال مسؤولون ودبلوماسيون سابقون إن المصالحة السريعة بين الرياض والدوحة بعد أن ضغطت لإنهاء المقاطعة في أوائل عام 2021 أزعجت أبوظبي، التي دفعت في الأصل لعزل قطر وأرادت مواصلة الحصار، واعتمد السعوديون على الشركات الأجنبية لنقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة، متحدية بذلك مكانة دبي، المدينة الإماراتية التي تعد مركز الأعمال الدولي في الشرق الأوسط.
وطبقا للصحيفة فإن إعادة تنظيم محتملة في الخليج قد تبلورت في نوفمبر عندما ظهر ملك البحرين، الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه دولة عميلة سعودية، في سباق الفورمولا 1 في أبوظبي جنبًا إلى جنب مع الشيخ محمد في نفس نهاية الأسبوع، حيث حضر الأمير السعودي كأس العالم لكرة القدم في حفل الافتتاح بالدوحة مع الحاكم القطري.
ولفتت إلى أن الإمارات رتبت الشهر الماضي مكالمة هاتفية بين قادة قطر والبحرين، اللتين تربطهما علاقات فاترة منذ سنوات، وقد لعبت الإمارات دور الوسيط الإقليمي الذي كان محجوزًا في السابق للسعودية.
*للعودة إلى المادة الأصلية على الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست