[ مجلس القيادة الرئاسي اليمني يبث الأمل وسط حالة من عدم اليقين ]
توقع باحث أمريكي أن الحرب الأهلية في اليمن بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في أوائل أبريل/ نيسان الماضي، واستبداله بمجلس رئاسي مكون من ثمانية أعضاء، ستتجه نحو تسوية في المستقبل القريب.
وقال غريغوري أفتانديليان في تقرير نشره "المركز العربي واشنطن دي سي" (متخصص في السياسات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط) وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الاستقالة المفاجئة للرئيس هادي واستبداله الفوري بمجلس قيادة رئاسي جلبت الأمل في بعض الأوساط بأن الحرب الأهلية اليمنية قد تتجه نحو تسوية في المستقبل القريب،
وأفاد غريغوري أن تغيير القيادة تزامن تقريبًا مع بدء وقف إطلاق النار لمدة شهرين والذي صمد في الغالب بين المتمردين الحويين، والحكومة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية.
وأضاف أن إيصال الإمدادات الإنسانية المصاحبة عبر ميناء الحديدة واستئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء قد منح الشعب اليمني الذي يعاني من ضغوط شديدة فترة راحة من العنف وبصيصًا عن مستقبل أفضل، وكلاهما أعاد لصالح المجلس. ومع ذلك، لا تزال الشكوك سائدة لأنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم تمديد الهدنة، في حين أن المجلس نفسه يتكون من زعماء الفصائل والميليشيات السياسية المتباينة التي لها وجهات نظر مختلفة بشكل لافت للنظر بشأن المستقبل السياسي للبلد.
أجندات السعودية والإمارات
وتابع غريغوري "كان من الواضح أن السعودية والإمارات لهما اليد الحاسمة في ازاحة هادي وتشكيل المجلس الرئاسي وكان يُنظر إلى هادي بشكل متزايد على أنه زعيم غير فعال و حجر عثرة لم يكن قادرًا على إدارة الجماعات اليمنية المتباينة التي تشكل التحالف المناهض للحوثيين".
ولفت إلى أن هادي، أمضى معظم وقته في الرياض وليس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في اليمن خلال معظم فترة ولايته. ومن المحتمل أن تكون الحكومتان السعودية والإماراتية قد استنتجتا أنه كلما طال بقاء هادي، زادت المسؤولية عليه، خاصة وأن السابق على وجه الخصوص كان حريصًا على تسوية سياسية للأزمة التي أصبحت مكلفة للغاية بالنسبة لها عسكريًا واقتصاديًا.
اختلاف أيديولوجيات وأهداف المجلس
وأردف الباحث الأمريكي أن اختيار مجلس القيادة الرئاسي تم بهدف تحقيق التوازن السياسي، حيث أن نصف أعضائه من الشمال والنصف الآخر من الجنوبيين، مما يعكس الاختلافات التاريخية التي ميزت اليمن منذ عقود، حتى بعد عام 1990 وتوحيد شمال البلاد وجنوبها.
وأفاد بأنه تم اختيار الأعضاء أيضًا بسبب صلاتهم إما بالإماراتيين أو السعوديين الذين لديهم مفضلاتهم الأيديولوجية والسياسية في اليمن والذين يعتقدون أنهم سيعززون مصالحهم الخاصة.
شكوك حول فاعلية المجلس
وقال إن أعضاء المجلس هؤلاء تم اختيارهم جميعًا من قبل دول خارج اليمن دفع بعض اليمنيين إلى التشكيك في شرعيتهم. وكما صرح أحد المتخصصين مؤخرًا: "لم يتم تشكيل المجلس من خلال المحادثات اليمنية اليمنية، بل كان نتيجة قوى خارجية".
واستدرك غريغوري "على الرغم من أن تنوع المجلس يعكس الأقسام المختلفة للفصائل اليمنية المناهضة للحوثيين، وبالتالي فهو شبه تمثيلي بالكامل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن أن يحكم بشكل فعال عندما يكون لهذه الفصائل والميليشيات أهداف مختلفة، مدعومة من قبل رعاتها الخارجيين".
واستطرد "السعوديون وحلفائهم اليمنيين يريدون يمنًا موحدًا يضم أعضاء سابقين في حكومة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، في حين يبدو أن الإماراتيين وحلفائهم يريدون جنوب اليمن المنفصل ويعارضون بشدة الإصلاح لأن الإمارات مستميتة ضد الإخوان المسلمين وتوابعها" حد قوله.
وأتبع "يجب أن نتذكر أن القوات المدعومة من السعودية والإمارات انخرطت في الأعمال العدائية مع بعضها البعض في مدينة عدن الساحلية الجنوبية منذ وقت ليس ببعيد". مشيرا إلى أن الحوثيين رفضوا مجلس القيادة الرئاسي ووصفوه بأنه "محاولة يائسة لإعادة ترتيب صفوف المرتزقة".
حقائق على الأرض تعمل لصالح المجلس
يضيف غريغوري "على المدى القصير على الأقل، فإن حقيقة استمرار الهدنة تعمل لصالح مجلس القيادة الرئاسي. ويبرز سببان محددان: لم يتمتع اليمنيون حتى بوقف مؤقت للأعمال العدائية لفترة طويلة، والهيئة التنفيذية الجديدة تعمل في الواقع على الأراضي اليمنية. علاوة على ذلك، فإن جزءًا من اتفاقية الهدنة هو السماح بدخول الوقود والسلع الإنسانية عبر ميناء الحديدة (الذي يسيطر عليه الحوثيون) مما ساعد في تخفيف الظروف القاسية في البلاد. ولأول مرة منذ سنوات عديدة، سمح السعوديون، الذين يسيطرون على المجال الجوي اليمني، باستئناف بعض الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء (الأولى كانت في 16 مايو). وكان هذا التطور مهمًا بشكل خاص لليمنيين الذين هم في حاجة ماسة للرعاية الطبية والعمليات، وقد سمح ببعض لم شمل الأسرة. ولاقت هذه الأحداث شعبية بغض النظر عن الانتماءات الأيديولوجية. وبصفته الكيان السياسي الجديد، يمكن للمجلس أن يدعي الفضل في ترؤسه هذه الإنجازات على الرغم من أن الأمم المتحدة، في الواقع، كانت تعمل وراء الكواليس لسنوات عديدة لتحقيق وقف إطلاق النار هذا.
وذكر أن المجلس الرئاسي يحاول تقديم نفسه على أنه موحد للتحالف المناهض للحوثيين، بينما يعمل على إيجاد حل دبلوماسي للأزمة.
يواصل الباحث الأمريكي قائلا: إن وقف إطلاق النار كان شائعًا بشكل واضح بين الشعب اليمني، ربما يستخدم الحوثيون هذه الفترة لإعادة التجمع وإعادة التنظيم. ربما لا يزالون يراقبون الاستيلاء على محافظة مأرب بمواردها النفطية وقد يستعدون لمثل هذا الهجوم بمجرد انتهاء الهدنة رسميًا في أوائل يونيو.
ويختم غريغوري تقريره بالقول "إذا نجح الحوثيون في ساحة المعركة والسيطرة على مأرب فلن يستفيدوا فقط من الموارد النفطية في تلك المنطقة، بل سيكونون قادرين على تشويه سمعة مجلس القيادة الرئاسي وتفكيك التحالف الذي يمثله".
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست