قال منتدى الخليج الدولي ومقره واشنطن إن التحول في السياسة الخارجية لواشنطن ساهم في تعزيز الثقة لدى المتمردين الحوثيين الذين يخوضون حربا ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وأضاف المنتدى في تقرير له أعده الباحثان جورجيو كافيرو مدير معهد دراسات دول الخليج، وكريستيان كوتس أولريشسن زميل معهد بيكر للشرق الأوسط وزميل أول غير مقيم في منتدى الخليج الدولي، وترجمه للعربية "الموقع بوست"، إن جماعة الحوثي تشعر حاليا بالجرأة في حرب اليمن، وتعتقد الحركة المتحالفة مع إيران أنها تربح هذا الصراع المروع، هذا الاعتقاد راسخ.
وتابع "يسيطر الحوثيون على الأرض التي يعيش فيها ما يقرب من 80 في المئة من سكان اليمن، ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في تعزيز ثقة الحوثيين، التحول في السياسة الخارجية لواشنطن مع قيادة جديدة في البيت الأبيض، واستمرار ضرباتهم ضد السعودية، والتي تجسدت مؤخرًا في هجمات رأس تنورة في 7 مارس / آذار التي استهدفت واحدة من أكبر شركات النفط، بدلا من وضع أسلحتهم والموافقة على ما طرحه المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ يسمى خطة وقف إطلاق نار "سليمة"، قرر الحوثيون بدلاً من ذلك مواصلة كفاحهم المسلح للسيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز.
معضلة بايدن
أشار التقرير إلى أن المعضلة الرئيسية لإدارة بايدن هي كيفية التعامل مع عزم الحوثيين على مواصلة القتال، نظرًا لأن الحوثيين في حالة هجوم حاليًا، فسيكون من الصعب للغاية على القيادة الأمريكية معرفة كيفية تحفيزهم على إلقاء أسلحتهم والثقة في عملية سلام تتطلب منهم تقديم تنازلات لصالحهم المحلي والإقليمي والدولي.
وأردف "تنبع الكثير من الصعوبة التي يواجهها فريق بايدن من حقيقة أن الولايات المتحدة ليس لها أي تأثير مباشر على الحوثيين، بفضل دعم واشنطن للمملكة العربية السعودية في الحرب، يرى المتمردون الحوثيون الولايات المتحدة على أنها عدو. بمجرد أن بدأت الحملة السعودية المدعومة من واشنطن -عملية عاصفة الحزم- في عام 2015، بدأ الحوثيون يتطلعون لعلاقات أعمق مع إيران والصين وروسيا في محاولة لموازنة دعم الرياض من الحكومات الغربية والعربية الأخرى".
وبحسب منتدى الخليج الدولي فإن الحوثيين اكتسبوا قوة هائلة بإلهام من إيران وحزب الله اللبناني وتحالفهما معه. ربما لن يكون لدى المجموعة أبدًا القوة للسيطرة على اليمن بالكامل، وتشير الطبيعة المتغيرة للحرب إلى أن بعض مكاسبها يمكن أن تنقلب إذا استمر الصراع.
ويرى الباحثان الغربيان أن مدى سيطرة الحوثيين على اليمن اليوم يجب أن يعطي جميع صناع القرار سببًا لاستبعاد احتمال قيام السعودية وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بهزيمة الحوثيين عسكريًا.
مأرب أولاً والمفاوضات لاحقاً
يقول منتدى الخليج الدولي "في الواقع، كانت أعظم إنجازات حملة القصف السعودي سلبية، لقد أدى إلى بناء لاذع شديد وتفاقم الانقسامات القبلية والطائفية في اليمن، مما يجعل من الصعب للغاية تكوين مستويات كافية أو حتى أدنى من الثقة بين الأطراف المتحاربة".
واستدرك "تشعر جماعة الحوثي بالقلق من أن نزع سلاحها دون ضمانات كافية لحماية الحوثيين سيكون مخاطرة كبيرة، في نهاية المطاف، يخشى الحوثيون بشكل مبرر التعرض لهجوم من قبل أعدائهم اليمنيين والسعوديين بعد أن تم تشتيت انتباههم من خلال مفاوضات السلام. في هذا السياق، يواصل مقاتلو الحوثي هجومهم على مأرب وهجماتهم الصاروخية والطائرات المسيرة المتطورة بشكل متزايد على أهداف سعودية. كما يرى المتمردون، كلاهما يعمل على زيادة نفوذ الحوثيين قبل محادثات المائدة المستديرة".
ووفقا للتقرير فإنه إذا بدأت مفاوضات جادة بشأن السلام بعد استيلاء الحوثيين على مأرب، فسيكون الحوثيون في وضع أقوى بكثير لإملاء الشروط.
وقال "إذا تمكن الحوثيون من السيطرة على هذه المدينة، فإنهم سيشعرون بمزيد من الجرأة، لا سيما بالنظر إلى كيف أن مثل هذا التغيير على الأرض سيضيف حتمًا إلى شعور حكومة هادي بالضعف وربما ضغط أكبر للموافقة على شروط السلام التي هي لصالح الحوثيين".
يتابع تقرير منتدى الخليج الدولي بالقول "تخاطر جماعة جماعة الحوثي بشكل كبير في سعيها للاستيلاء على المزيد من الأراضي قبل المفاوضات، إن عدوان الحوثيين في سعيهم لغزو مأرب قد يوحد القوات المناهضة للحوثيين المنقسمة سابقًا ضدهم. كما أنه قد يجعل إدارة بايدن أقل انفتاحًا للانخراط في حوار مع مجموعة ملتزمة بوضوح بتصعيد الصراع بدلاً من الحد منه".
جلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات
تماشياً مع التزام بايدن الصريح بحل حرب اليمن دبلوماسياً، يتساءل منتدى الخليج الدولي: كيف يمكن لواشنطن أن تمنح الحوثيين سبباً لرؤية وقف إطلاق النار كمسار أفضل من استمرار الحرب؟
يمضي المنتدى بالقول "للبدء يمكن للولايات المتحدة إظهار حسن النية من خلال إقناع السعودية بإنهاء الحصار المفروض على اليمن، بما في ذلك مطار صنعاء وميناء الحديدة، وكلاهما تحت سيطرة الحوثيين".
بالإضافة إلى ذلك، يجب على واشنطن الاستفادة من جميع الفرص المستقبلية لإشراك الحوثيين في حوار بناء بحثًا عن تدابير بناء الثقة والنتائج القابلة للتحقيق، وتوليد الزخم للتفاوض النهائي بشأن تسوية سياسية، وفقا للتقرير.
واستدرك "من المرجح أن تعتمد الولايات المتحدة على الدول الأخرى التي يمكنها تسهيل الحوار بين واشنطن والمتمردين المتحالفين مع إيران الذين يقاتلهم التحالف السعودي المدعوم من الولايات المتحدة منذ ست سنوات".
وبحسب التقرير فإن قدرات مسقط والدوحة أو موسكو على لعب أدوار الوصل ستكون حاسمة نظرًا لغياب الثقة بين الولايات المتحدة والحوثيين.
يواصل التقرير "بغض النظر عن كيفية تعامل إدارة بايدن مع حركة الحوثيين، فمن الآمن القول إن مستقبل مناطق واسعة في شمال اليمن سيبقى تحت سيطرة الحوثيين، حتى بعد انتهاء القتال مع الحوثيين الذي هو مجرد واحدة من عدة مناطق صراع.
من حيث المشهد السياسي للبلاد يرى المنتدى أنه لن تكون هناك عودة إلى العصور الماضية في تاريخ اليمن، ما سيأتي بعد أن ينقشع الغبار سيكون حتما نتاجا فريدا للسنوات الست الماضية من الحرب الأهلية والمعاناة الإنسانية.
ويقول "أي سياسة خارجية واقعية تتبناها واشنطن فيما يتعلق باليمن يجب أن تقبل هذا، وبعض الحقائق الواقعية الأخرى، للتعامل مع الدولة التي مزقتها الحرب بشروط براغماتية".
بالنظر إلى المستقبل -وفقا للتقرير- فإنه من الآمن أن نفترض أن اليمن سيبقى بلدًا ممزقا بشدة يحتاج إلى مساعدات دولية أكثر بكثير مما يتلقاه حاليًا. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن استمرار النزاع المسلح هو السبب الرئيسي لعدم قدرة الجماعات الخارجية على تقديم المساعدة اللازمة لملايين اليمنيين.
* يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست