[ الوضع الإنساني في اليمن ]
قال موقع "أوبن ديموكراسي" البريطاني إن 2020 كان عاما مروعا بالنسبة لليمن تجاوز حتى أسوأ التوقعات لبلد عانى من الحرب والكوارث الإنسانية في السنوات الأخيرة.
وأضاف الموقع في تقرير له ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن التقارب بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية في نهاية عام 2019 كان ينظر له بشيء من التفاؤل ومع ذلك اندلعت اشتباكات جديدة في جميع أنحاء البلاد منذ ذلك الحين. حتى تفشي وباء كورونا لم يوقف العنف، ونتيجة للاشتباكات الجديدة، توفي أكثر من 18,600 شخص في الفترة ما بين 1 يناير و5 ديسمبر 2020، وفقًا لمشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (ACLED).
وبحسب التقرير فإن روبرت مالي، الذي قاد مكتب الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال إدارة أوباما، أدرك في مقابلة عام 2018، أن العواقب الوخيمة للتدخل العسكري من قبل التحالف السعودي كانت "نتيجة محتملة للغاية". وقال: "كانت أفقر دولة في البداية تتعرض للقصف من قبل أغنى دولة في المنطقة".
كارثة إنسانية
ووفقا للتقرير فإن اليمن كان ضحية نزاع إقليمي، وأيضًا ضحية قوى غربية، إذ تمكن تحالف تقوده السعودية والإمارات، والذي يصفه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بأنه "يتمتع بإمكانية الوصول إلى بعض التقنيات العسكرية الأكثر تطوراً وتكلفة في العالم"، من استخدام التكتيكات الأكثر دموية.
وكتبت مارثا موندي، الأستاذة الفخرية للأنثروبولوجيا في كلية لندن للاقتصاد، في تقريرها عن "إستراتيجيات التحالف في حرب اليمن"، وتشمل هذه الحصار من البحر والأرض والجو واستخدم التجويع كوسيلة حرب والهجمات العشوائية على السكان المدنيين.
وأشار التفرير إلى أن من الصعب فهم حجم الأزمة في اليمن الذي يموت فيه طفل واحد تقريبًا كل 12 دقيقة في البلاد، حيث يحتاج 24 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية.
يضيف "لارتكاب مثل هذه الفظائع، كان التحالف السعودي بحاجة إلى مساعدة لوجستية حاسمة من دول بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكانت العواقب قاسية".
ووفقًا لتقرير صدر في أبريل 2019 عن مركز باردي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإضافة إلى بيانات من "ACLED"، فإن عدد القتلى في البلاد منذ بداية الحرب يتجاوز 250,000 وربما يقترب من 300,000.
من ترامب إلى بايدن
يشير التقرير إلى أن السياسة الخارجية لدونالد ترامب حاولت مرارًا وتكرارًا تقويض الأزمة الإنسانية في أفقر البلدان.
وقال "كانت المحاولتان الأخيرتان من هذا القبيل جهوداً لتعليق المساعدات لليمن في مارس من هذا العام، تلاها قرار ترامب الذي أعلن في مايو أن الولايات المتحدة ستترك منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي سيكون له تأثير كارثي إذا لم ينضم مجدداً الرئيس المنتخب جو بايدن إلى المنظمة".
وتابع ان "سحب الولايات المتحدة تمويلها سيودي إلى تشتت ملايين الأشخاص الذين يعتمدون على هذه الأموال للبقاء على قيد الحياة في اليمن. لم تكن هذه المساعي مفاجئة بالنظر إلى دعم إدارة ترامب للسعودية والإمارات".
ولفت التقرير إلى أن هناك توقعات كبيرة لجو بايدن على الرغم من كونه نائب الرئيس في عهد باراك أوباما، الذي أيد الحرب في اليمن، فقد تم دفع بايدن إلى "إعادة تقييم" علاقات الولايات المتحدة مع السعودية بسبب ضغوط مختلفة. في حين أن هذا أعطى الكثير من الأمل، إلا أن هناك أسابيع صعبة قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض. قد تؤدي نية ترامب الواضحة إلى توتر العلاقات مع إيران وكذلك خططه لتصنيف الحوثيين كمجموعة إرهابية إلى تفاقم الحرب وإبعاد أي احتمال للسلام.
سلسلة من الكوارث
يواصل الموقع البريطاني تقريره بالقول إن الحرب ليست الكارثة الوحيدة التي حلت باليمن هذا العام، حيث تسببت الأمطار الغزيرة بين الربيع والصيف في أضرار جسيمة وشردت 300 ألف شخص.
ولفت إلى أن اليمن في الواقع مثال واضح على العواقب المأساوية لأزمة المناخ التي ترقى آثارها إلى أكثر من مجرد فيضانات. ما يقرب من 18 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة، وهي مشكلة ستزداد سوءًا في المستقبل.
وذكر أن وباء كورونا كان مجرد وباء آخر إلى جانب ما يعانونه، كما واجهت البلاد في السنوات الأخيرة تفشي الملاريا وحمى الضنك والكوليرا وكلها أمراض يمكن الوقاية منها على عكس الكورونا.
وقال "كان العالم كله يبحث عن لقاحات له، كان الناس في اليمن يعانون من عواقب العيش بدون مياه نظيفة، والأسوأ من ذلك، انهيار نظام الرعاية الصحية في اليمن".
سياسة الوباء
وتابع "حتى وباء كورونا أصبح صراعًا سياسيًا، خاصة في المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون، الذين رفضوا التعرف على الحالات ونشروا أخبارًا كاذبة ومعلومات مضللة عن المصابين بالمرض".
واستدرك أن "مدى تفشي وباء كورونا في اليمن غير معروف حاليًا، ولكن من المرجح أن عدد الوفيات في البلاد أعلى بكثير من 607 حالة وفاة أبلغت عنها منظمة الصحة العالمية، إذ أن صور الأقمار الصناعية المستخدمة لتقدير القبور بين أبريل وسبتمبر في مدينة عدن الساحلية قدرت عدد الوفيات الزائدة في المنطقة بـ2100 مقارنة بـ1300 حالة وفاة المتوقعة.
وأوضح أن الاقتصاد أيضا في حالة خراب. منذ عام 2015، تراجعت قيمة الريال اليمني إلى 800 ريال يمني مقابل دولار أمريكي واحد، بانخفاض أكثر من ثلثي قيمته قبل الحرب، بينما يعتمد السكان بشكل متزايد على التحويلات التي يرسلها اليمنيون من دول مثل السعودية، لافتا إلى أن هذه المدفوعات تأثرت أيضًا بأزمة كورونا، حيث فقد العديد من العمال في الخارج وظائفهم مما يعني أن الأموال التي يتم إرسالها إلى الوطن انخفضت بشكل كبير.
تقلص المساعدات
وبين التقرير أن المجتمع الدولي تسبب بتفاقم الوضع الكارثي عندما بدأ في تقليص الأموال الإنسانية المرسلة إلى اليمن، أحيانًا بحجة أن الحوثيين كانوا يستخدمون المساعدات لصالحهم.
وقال إنه مع بقاء ما يقارب الشهر من عام 2020، تم إرسال أقل من نصف المساعدات الإنسانية التي طلبتها الأمم المتحدة (مطلوب 1.75 مليار دولار أخرى)، في غضون ذلك، أنفقت عشرات المليارات من الدولارات على مبيعات الأسلحة الغربية للسعودية والإمارات خلال الحرب.
وتابع أن "هذا التناقض يدعو إلى التفكير، واجب الدول الديمقراطية هو تجنب كارثة لا يمكن تصورها، ليس هناك وقت، يجب على الحكومات الغربية أن تتحرك الآن من خلال وقف إرسال الأسلحة وبدلاً من ذلك تقديم الأموال الفورية لأكبر أزمة إنسانية في العالم".
* يمكن الرجوع لمادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست