[ جماعة الحوثي باليمن ودعم إيران لها ]
جددت الهجمات على منشآت إنتاج النفط في بقيق في السعودية التركيز على حركة الحوثي اليمنية، ويبدوا أن ما كان في السابق حركة معارضة صغيرة ظهرت في شمال اليمن في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، أصبح الآن لاعباً ذا أهمية وطنية وإقليمية متزايدة.
بهذه العبارة استهل فنسينت دوراك، المحاضر في كلية السياسة والعلاقات الدولية بجامعة دبلن تقريره في موقع "ذا كونفرزيشن" بعنوان "لماذا لا يمكن اعتبار الحوثيين مجرد وكلاء لإيران؟".
وأشار الكاتب في مقاله والذي ترجمه "الموقع بوست" إلى أن الهجمات على منشآت إنتاج النفط في السعودية، والتي تبناها الحوثيون، سواء أكانت هذه الادعاءات صحيحة أم لا، تزعم الولايات المتحدة والسعودية أن إيران كانت متورطة بشكل مباشر في الهجمات، فهي تؤكد على تحول حركة الحوثيين.
وقد تطورت الحركة الحوثية، التي سميت على اسم الأسرة التي ترتبط بها بقوة، في محافظة صعدة الشمالية في اليمن بعد ادعائها التهميش لسكانها الشيعة الزيديين من قبل الحكومة في العاصمة صنعاء، ادعى أفراد من عائلة الحوثي الدفاع عن هوية الزيدي الشيعية من الإضعاف في بيئة إسلامية سنية أوسع.
كما كان هناك دافع آخر للحركة وهو ما كان ينظر إليه على أنه تمييز اقتصادي في صعدة من قبل نظام علي عبد الله صالح، الرئيس الذي سيطر على الحياة السياسية اليمنية من عام 1990 حتى الإطاحة به في انتفاضة شعبية في عام 2011.
وبين عامي 2004 و2010، كانت صعدة مسرحاً لصراع متكرر مع الحكومة في صنعاء أسفر عن آلاف القتلى ودمار كبير، وأثناء ذلك الصراع، تحول الحوثيون من حركة معارضة هامشية صغيرة إلى مليشيات متصلبة في المعارك، قادرة على محاربة قوات النظام.
انتهاز الفرص
عندما أُجبر صالح على الاستقالة في عام 2011، نقل السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، الذي ترأس ائتلافاً من الحكومة وأحزاب المعارضة. استغلت الحركة الحوثية، التي تبنت اسم أنصار الله، فترة انتقالية فوضوية لتعزيز سيطرتها على شمال البلاد والتحرك نحو العاصمة.
وعندما أثبتت حكومة هادي أنها غير قادرة على حل المشاكل الاقتصادية والسياسية العميقة الجذور التي غذت انتفاضة عام 2011، استولى الحوثيون على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014 دون عنف، وقد ساعدهم في ذلك دعم صالح والقوات الموالية له التي خسرت في التقلبات والمنعطفات في الفترة الانتقالية.
وعلى الرغم من أن التحالف غير المتوقع بين صالح والحوثيين لم يدم، إلا أنه كان حاسماً بالنسبة للاستيلاء الحوثي على مؤسسات الدولة القائمة وحصولهم على موارد عسكرية متزايدة بشكل كبير، وشمل ذلك الدبابات والمدفعية والأسلحة المضادة للطائرات، فضلا عن القذائف التسيارية القصيرة المدى وقاذفات القنابل.
استقطب تقدم الحوثيين مشاركة القوى الإقليمية، وقادت السعودية والإمارات تدخلاً عسكرياً ضد الحوثيين بدأ في مارس/آذار 2015 بدعم من الحلفاء الإقليميين والمجتمع الدولي، وقد أدى القصف الجوي اللاحق للبلد إلى مقتل ما يصل إلى 90 ألف شخص وأدى إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
ومع استمرار الغارات الجوية السعودية في تدمير البلاد، بدأ الحوثيون - الذين يواصلون السيطرة على صنعاء - في شن هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار على الأراضي السعودية في يناير/كانون الثاني 2018.
البعد الإيراني
كان دخول القوى الإقليمية في النزاع في اليمن مدفوعاً، جزئياً على الأقل، بالمخاوف من التوسع الإيراني وتأطير الأحداث من قبل السعوديين وحلفائهم كحرب طائفية، ومع ذلك، ففي حين استفاد الحوثيون من الدعم، فإن الاقتراح القائل بأنها لا تشكل أكثر من مجرد وكيل إيراني هو اقتراح بعيد نوعا ما.
وتوجد أدلة محدودة على أن إيران تسيطر على إستراتيجية الحوثيين، وفي حين ينفق التحالف العربي ما بين 5 و6 مليارات دولار شهرياً على الحرب، فإن إنفاق إيران على حرب اليمن يقدر بما يزيد قليلاً عن عدة ملايين من الدولارات سنوياً.
كما أن تأطير الصراع على أنه حرب طائفية بالوكالة يغفل تعقيد الدوافع، وطبيعة التحالفات التي تقاتل من جميع الأطراف، وفي سيطرتها على العاصمة صنعاء، حظيت الحركة الحوثية بدعم من مجموعة معقدة من الجماعات المحلية، ورجال القبائل والضباط العسكريين.
كما أمكن توسيع الحركة الحوثية بسبب أوجه القصور في العملية الانتقالية لما بعد عام 2011 وفشل حكومة هادي في التصدي للفساد أو في مواصلة إصلاحات سياسية ذات مغزى، ومع فقدان الحكومة شرعيتها في سياق الضائقة الاجتماعية والاقتصادية الواسعة النطاق، تمكن الحوثيون من حشد الدعم خارج نطاق قاعدتهم الأساسية.
كما أن الإصرار على أن الصراع طائفي يفتقد أيضاً إلى أي مدى يستخدم اللاعبون الإقليميون الأحداث في اليمن كإسقاط لطموحاتهم في السلطة، ومن أوضح الأمثلة على ذلك إستراتيجية دولة الإمارات لتطوير مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية الخاصة بها، مستفيدة من وجودها في جنوب اليمن ورعايتها للجهات الفاعلة المحلية، بما في ذلك السلفيون المحليون والقوى الانفصالية الجنوبية، وتشمل هذه الإستراتيجية الرقابة الفعالة على البنية التحتية للطاقة وحقول النفط والموانئ التجارية التي ترتبط جميعها بأهداف إماراتية أوسع في المنطقة.
على الرغم من هذا التعقيد، ترى الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة، ولاسيما السعودية، أنه من المناسب رؤية النزاع اليمني على أنه حرب بالوكالة بسيطة بين السعوديين وحلفائهم من جهة، وإيران وحركة الحوثيين من جهة أخرى. وهم بذلك يدينون اليمن بإطالة أمد صراع وحشي طال بقاؤه.
* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست