[ تواجد إماراتي في سقطرى ]
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، استكمال تنفيذ أجنداتها في مناطق جنوب اليمن بما فيها جزيرة سقطرى عن طريق مليشيات الانتقالي الموالية لها، وتشييدها قواعد عسكرية.
ومنذ بدأت التوترات في البحر الأحمر على اثر الحرب التي تشنها دولة الكيان الصهيوني على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر من العام الماضي، وسعت الإمارات من تحركاتها المشبوهة في جزيرتي سقطرى وعبد الكوري، إلى جانب تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم من ابوظبي- وتجنيده للمئات من أتباعه خلال الفترة الأخيرة، في تصعيد خطير يعرقل عمل اللجنة العسكرية المعنية بدمج وتوحيد الجيش والأمن تحت قيادة وزارتي الدفاع والداخلية، وفقا لمراقبين.
ومع أواخر فبراير الماضي شهد محافظ أرخبيل سقطرى التابع للانتقالي رأفت الثقلي تجنيد وتخرج المئات من القوات التابعة للانتقالي بشكل تشطيري.
تجنيد للمليشيا وخطاب تشطيري
وذكرت وسائل إعلام تابعة للانتقالي حينها أن الثقلي شهد حفل تخرج الدفعة الأولى لمنتسبي من سمتها "القوات المسلحة الجنوبية"، مشيرة إلى إن تلك الدفعة تلقت تدريبات عسكرية مكثفة ومهارات وفنون قتالية ترقى للمستوى الرفيع للوحدات العسكرية.
وفي كلمة له تكرس التشطير والانفصال، أمام الجنود الخريجين، قال الثقلي "نفخر ونعتز بتخرج أول دفعة من مركز الشهيد طاهر علي السقطري للتدريب العسكري، التي لطالما مثلت ضرورة ملحة لما سماها "لقوات المسلحة الجنوبية" وخاصة في الأرخبيل"، حد زعمه.
وفي الحفل الذي شهد عرضا عسكريا للخريجين، أشاد الثقلي بدور دولة الإمارات، وما توليه من اهتمام كبير بما سماه "القوات المسلحة الجنوبية".
ومن شأن عمليات التجنيد هذه تعقيد مهمة حلحلة الملفين العسكري والأمني عقب تشكيل اللجنة العسكرية المعنية بإعادة تنظيم وترتيب القوات غير الرسمية ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، كما ستضيف أعباء مالية وإدارية على الملف الثقيل.
ومنذ فبراير الماضي تشهد سقطرى توترا جديدا مع توارد معلومات بشأن سيطرة قوات تابعة للانتقالي، تم استقدامها من محافظة الضالع، وقيامها بالسيطرة على معسكر اللواء "الأول مشاة بحري".
وبالتوازي نفذت عناصر تابعة للانتقالي أمام مقر قوات الواجب السعودية، المرابطة في الجزيرة؛ اعتصاما مفتوحا للمطالبة بصرف مكرمة الملك سلمان -حد زعمهم- وهي مبالغ كانت تصرف للقوات الموالية للحكومة الشرعية في الأرخبيل، وتوقفت قبل أربع سنوات.
لعل هذه التطورات تشير بشكل أو بآخر إلى طبيعة التنافس الذي تحول بطريقة ما إلى صراع بين الحليفين اللدودين السعودية والإمارات، ومحاولة الإمارات القضاء على أي هامش للنفوذ السعودي في هذه الجزيرة الهامة، لا سيما مع تنامي التوترات في خليج عدن والبحر الأحمر، والتحشيد العسكري العالمي في المنطقة، مما يمنح الجزيرة أهمية أمنية وجيوسياسية أكبر في الصراع البحري.
استحداثات إماراتية في جزيرة عبد الكوري
وفي 25 فبراير الماضي، كشف تحقيق عن استحداثات وتحركات إماراتية متسارعة في القاعدة العسكرية، التي شيّدتها، في جزيرة عبد الكوري، بمحافظة سقطرى، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وذكرت منصة "إيكاد" للتحقيقات أن صور الأقمار الصناعية تظهر وصول سفن محمّلة بشاحنات وإمدادات وبناء مدرج عسكري ومهبط مروحيات شمال المدرج الرئيسي للقاعدة، وظهور لسان بحري جديد في القاعدة التي بدأ العمل فيها في ديسمبر 2021.
وأشار إلى أن تحليل صور الأقمار أظهر تطورات في الأبنية في المصف الرئيسي بمدرج القاعدة الغربي، وإنشاء أبنية جديدة خلال الأسابيع التي تلت "سبعة أكتوبر".
وبينّت المنصة أن طبيعة التطورات وتسارعها تخدم أبو ظبي؛ كون الجزيرة مركزاً ملاحياً اقتصادياً يتمتع بموقع مميز في سواحل اليمن والقرن الإفريقي، إضافة إلى أنها تخدم قواعد عسكرية أخرى أنشأتها خلال الأعوام القليلة الماضية.
ولفتت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ربما يكون أحد الأطراف المستفيدة من هذه التطورات الإماراتية، إذا ما تم ربطها بأحداث مشابهة قرب باب المندب.
ومنذ أن هيمنت الإمارات على أرخبيل سقطرى، واستيلائها على الأرض، وإنشاء المعسكرات، وأبراج الاتصالات، سعت إلى التغلغل في كل مناحي الحياة في الأرخبيل.
ونشطت أبو ظبي في عسكرة أبناء الجزيرة، برجالها ونسائها وأطفالها، وسعت إلى تحويل أبنائها المسالمين إلى مشاريع مليشيا، وكل ذلك من أجل أن تعزز أهدافها الإستراتيجية.
وسبق أن كشفت صور الأقمار الصناعية أن الإمارات سرَّعت عملها على مدرج مطار بطول 2.5 كيلومتر في جزيرة عبد الكوري، الواقعة في أرخبيل سقطرى اليمني، على المحيط الهندي.
تشييد دفاعات جوية أمريكية
والخميس الماضي، كشف مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية، عن تعزيز واشنطن دفاعاتها الجوية في جزيرة سقطرى الخاضعة لسيطرة مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا.
ونقلت "سكاي نيوز عربية" عن مسؤول دفاعي أمريكي قوله: "عززنا دفاعاتنا الصاروخية بجزيرة سقطرى"، مشيرا إلى أن "هذه الإجراءات لاعتراض صواريخ طويلة المدى قد يطلقها الحوثيون".
وكشف وزير الخارجية الأسبق عن اعتزام الهند دراسة إقامة مشروع لبناء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى بتحالف إقليمي، في ظل تصاعد التوتر في المنطقة بفعل الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال القربي -في تغريدة على منصة (إكس) إن الهند تدرس مشروع بناء قاعدة عسكرية على جزيرة سقطرى ضمن تحالف مع دول الاقليم مرتبط بإقامة طرق تجارية برية وبحرية عبر دول المنطقة لمنافسة طريق الحرير الصيني ولحماية الممرات البحرية".
وأضاف بأن من شأن هذا المشروع، زيادة التوتر والتصعيد في المنطقة، متسائلا: هل سيتحمل اصحاب القرار داخل اليمن وخارجه حماية سيادة اليمن على أرضه؟
تحركات الانتقالي في أمريكا وبريطانيا
وبشأن استغلال التوترات في البجر الأحمر، طالب المجلس الانتقالي في أكثر من مرة، "تحالف الازدهار"، الذي ترأسه أمريكا وبريطانيا، بدعم قواته، وإشراكها في جهود مواجهة الحوثيين الذين يهددون حركة الملاحة الدولية.
ودعا الانتقالي الدولتين إلى عدم إشراك قواتهما على الأرض، والاكتفاء بدعم قواته، التي ستقوم بالمهمة على أكمل وجه، كما جاء في تصريح للقيادي في المجلس الانتقالي، عمرو البيض، لصحيفة "إندبندنت" البريطانية.
وكشفت الصحيفة مطلع مارس/ آذار الجاري عن تواجد القياديان في الانتقالي عمر البيض ونبيل بن لعسم يت في لندن للقاء دبلوماسيين وسياسيين من وزارة الخارجية، قبل توجههما إلى واشنطن لإجراء محادثات مع وزارة الخارجية وأعضاء الكونغرس، لبحث الدعم العسكري من أجل مواجهة جماعة الحوثي وايقاف هجماتها على السفن في البحر الأحمر.
تحركات الإمارات تخدم إيران والحوثيين
الباحث في مركز اليمن والخليج للدراسات، عدنان هاشم، يقول إن دولة الإمارات تسعى لاستغلال اللحظة الحالية من المتغيرات الدولية في منطقة البحر الأحمر وشمال غرب المحيط الهندي، لتحسين وجودها كقوة إقليمية صاعدة.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يضيف هاشم إن "جزيرة سقطرى ومناطق جنوب اليمن توفر هذه الفرصة الجيدة للإمارات لتحقيق المكاسب دون اعتبار لتأثيرها على اليمن أو على الأمن القومي لشبه الجزيرة العربية ودول القرن الأفريقي".
وتابع "على الوضع الداخلي اليمني أو عملية السلام فإن الإمارات تسعى للتقسيم وهو ما سيؤثر على معسكر الحكومة المعترف بها دولياً ووحدته الداخلية وقد ينتج عن ذلك اقتتال داخلي أشد عنفاً وإيلاماً من القتالات بين 2018-2022".
وأكد الباحث اليمني أن نتائج التكتيكات الإماراتية في اليمن خلال الوضع الحالي ستحقق نتائج ليست حتى لصالحها بل تخدم إيران كقوة إقليمية والحوثيين في الداخل بصفتهم القوة الوحيدة المتماسكة والأكثر تأثيراً.