يستقبل اليمنيون شهر رمضان، بأجواء باهتة من السرور، ومشبعة بالكثير من الهموم والمنغصات والأوجاع التي تتعاود هذا العام بصورة قاسية، حيث تبدو حركة المواطنين ضعيفة وللغاية لإستقبال رمضان وتوفير إحتياجاتهم المعيشية التي تحولت إلى كوابيس وهموم لدى شريحة واسعة من المواطنين بمختلف مديريات المحافظة..
يحل رمضان هذا العام على اليمنيين، بلون آخر لم يسبق أن مر عليهم من قبل كما يقول الكثير من أبناء المحافظة والمعروف عنها كرم أهلها وبساطتهم خصوصا في شهر رمضان.
خلال الأسابيع الماضية ارتفعت أسعار المواد الغذائية وسط انهيار الأوضاع الاقتصادية وغياب فرص العمل وانقطاع المرتبات، ليبقى أبناء إب وبقية اليمنيين بين نارين، نار الغلاء ونار المعاناة الناجمة عن الأوضاع التي تشهدها اليمن منذ عقد كامل.
ويرى مواطنون في محافظة إب وسط البلاد، أن رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، لكنهم يحاولون الفرح بهذا الشهر كمناسبة دينية، لكن ذلك السرور يخفت حين يختلط بالمعاناة وانهيار الأوضاع المعيشية التي كدرت فرحتهم ونغصت حياتهم اليومية.
المواطن خالد الحبيشي قال بأن الأوضاع التي تشهدها البلاد ألقت بتبعاتها على حياة الناس وصار الكل يبحث عن لقمة العيش في حين لا يجد مصدرا للرزق حتى يتمكن من توفير لقمة العيش لأسرته، مؤكدا أنه لم يستطع حتى اللحظة توفير أي شيء من إحتياجات أسرته لشهر رمضان.
وأرجع الحبيشي السبب في عجزه عن شراء أبسط الإحتياجات لعدم تمكنه من توفير أي شيء من عمله في القطاع الخاص، والذي غطى من خلاله إيجار شقته التي يسكن فيها بحي "الشعاب" بمدينة إب، وايجار مواصلاته اليومية إذ يعمل براتب خمسين ألف ريال بفترة الصباح ولم يتمكن من الحصول على عمل في فترة المساء.
أما أحمد حمود فهو معلم لجأ للعمل في مجال الكهرباء، بدلا عن التدريس، فقد قال بأن الأوضاع التي يعيشها الشعب أصبحت جحيم لا يطاق وصارت أبسط احتياجات الأسرة رعب لأرباب الأسر، إذ أن ما يمكن أن يتم توفيره يلتهم كل ما يتحصل عليه من العمل.
وأشار المعلم الذي صار كهربائيا إلى قلة فرص العمل وركود السوق المحلية وزيادة الأسعار وهي أمور اجتمعت لتشكل هموما كبيرة أفسدت استقبال المواطنين للشهر الكريم، مستدركا أنه لا يزال ينظر للغالبية من اليمنيين وبدرجة رئيسية المعلمين ويجد نفسه بأفضل حالا من غيره، ما يخفف عنه كدر الحياة وأوجاعها التي باتت حملا ثقيلا تكسر ظهور الآباء أمام أسرهم.
ومع الأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر، جراء الهجمات الحوثية التي باتت شبه يومية، انعكست بشكل لافت على السلع الغذائية والتجارية بمختلف المحافظات، ما أدى لزيادة في الأسعار بالتزامن مع وقف المرتبات وتكثيف الجبايات الحوثية على التجار والتي ساهمت هي الأخرى برفع الأسعار.
منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) توقعت أن ترتفع أسعار السلع الغذائية الأساسية والوقود بشكل موسمي، في الفترة من مارس حتى مايو 2024، استجابة للطلب المتزايد خلال شهر رمضان المبارك والعيد، وبسبب الآثار غير المتوقعة للتصعيد المستمر في البحر الأحمر.
منظمة الفاو حذرت في تقرير لها، من تفاقم شديد للأزمة الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مع الشهر الأخير للنصف الأول من العام الجاري، وقالت: "من المتوقع حدوث أزمة خطيرة لانعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، اعتباراً من يونيو القادم، في ظل غياب المساعدات الغذائية الإنسانية".
ومع شكاوى المواطنين من ارتفاع الأسعار، غير أن مالكي المحلات التجارية يشكون الركود وقلة الحركة التجارية التي أكدوا بأنها لم تصاب بهذا الركود منذ عقود وسنوات طوال.
وأفاد العديد من التجار أن هذا العام أصيب الحركة التجارية بالشلل، في الوقت الذي لجأ الكثير لإعلانه عن تخفيضات حقيقية بهدف تحريك العمل لديه، غير أن تلك المحاولات باءت بالفشل نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية لدى المواطن الذي يكتوي بجحيم الغلاء والإنهيار المعيشي.