[ عمال يمنيون في صنعاء - إرشيف ]
لا يتذكر محمد الشرعبي أن اليوم الأحد، 1 مايوـ يصادف عيد العمال، الذي يحتفل به عمال العالم، للمطالبة بحقوقهم، واستمرارا للنضال الذي بدأه عمال صناعة الملابس وغيرهم، بولاية فيلادلفيا الأمريكية عام 1869.
العمال والسياسة
يرتبط عيد العمال بالحركات اليسارية والشيوعية والعمالية، إلا أنه صار رمزا لنضال الطبقة العاملة، التي تناضل من أجل الحصول على حقوقها، وهو ما يحدث في مختلف دول العالم، واليمن إحدى تلك الدول، على الرغم من الوضع الذي تعيشه، في ظل الحرب.
ودفعت الحرب العديد من العمال الذين تم تسريحهم من أعمالهم، أو توقفوا عن العمل، إلى الانضمام إلى إحدى جبهات القتال، فأكدوا بذلك أنهم الطبقة الفاعلة، والتي يعول عليها الكثير، في تغيير مسار البلد.
الصحافي محمد العليمي يرى أن:" الاحتفاء بمناسبة عيد العمال له أهمية كبيرة وعظيمة، وخصوصا في بلد كاليمن، وهو يعيش ظروفه السياسية القاتمة، المتمثلة في محاولة إعادة النظام الإمامي، الذي مثل أكبر ضربة لمراحل العمل المهني عبر التاريخ اليمني".
وأشار العليمي، إلى أن النظام الإمامي، هو المسؤول عن احتقار المهن والعمال، من خلال تقسيم فئات المجتمع إلى سادة، وقبائل، وأصحاب المهن، ليسهل بذلك حكم المجتمع، باعتبار طبقة العمال غير مؤهلة للحكم بل ومحتقرة، وبذلك يتم إخراج الطبقة البرجوازية التي تعتمد على العمال كدرجة أساسية من التفكير بالحكم.
وأكد أن:" الاحتفال بهذا اليوم، يعد توجيه صفعة للحكم السلالي، وإعادة تموضع الطبقة العمالية، كمشارك وفاعل رئيسي داخل المجتمع".
وضع صعب
يعيش " الشرعبي" الذي يقطن في مدينة تعز، وضعا مأساويا، بعد أن تدهور الوضع الاقتصادي في الشركة التي يعمل فيها، بسبب الحرب التي اشتعلت في المدينة أواخر مارس/ آذار 2015، ما اضطر الشركة إلى تسريح بعض العمال، ومنحت البعض الآخر منهم نصف راتب.
" الشرعبي" الذي يعيل أسرة مكونة من 6 أفراد، لم يعد بمقدوره أن يفي باحتياجات أسرته، بعد أن تقلص راتبه إلى النصف، وأصبح يقبض ثلاثين ألف ريال فقط، فاضطر إلى مغادرة المدينة، والعودة إلى قريته في شرعب، التي كان قد غادرها منذ أكثر من عشرين سنة.
وأكد في حديثه لـ( الموقع):" أن الحياة أصبحت قاسية، بعد ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بلغ في بعض السلع 100%، وهو ما يزيد من أعباء المواطن البسيط".
كما أشار إلى أن " العمال في اليمن في مثل هذا اليوم، لم يعودوا يفكروا بالمطالبة بحقوقهم، فهم يرتضون بالقليل، ليتمكنوا من العيش كيفما اتفق، كما أصبح جل تفكيرهم يقتصر على الحصول على أي عمل، يكسبون منه ولو القليل".
هل بقي عمال ؟
لم يكن محسن عبدالله، أفضل حالا من الشرعبي، حيث تساءل لـ( الموقع) بلغة ساخرة من الوضع، وبكثير من ألم:" وهل بقي عمال في هذه البلد؟!".
وروى لنا أنه كان يعمل في خياطة الملابس في أحد المحلات التجارية في تعز، لكن رب العمل أغلق المحل التجاري، بعد أن قرر النزوح بسبب الوضع الأمني الذي تعيشه المدينة، تحت وطأة المليشيا التابعة للحوثيين وصالح منذ أكثر من عام، وبسبب ضعف القدرة الشرائية لدى الناس، الذي صاروا يكافحون للحصول على الضروريات، بعيدا عن الكماليات.
وأضاف:" حاولت أن أبيع بعض الخضروات، ومرة بعض الثياب على الأرصفة، لكن ذلك لم يلبِّ احتياجات أسرتي، في ظل الغلاء المعيشي، ولا أعلم بالفعل كيف تسير أموري، وكيف أني ما زلت وأسرتي بخير، ولم نمت جوعا".
" غزا الشيب شعري" بهذه العبارة اختتم حديثه معنا" محسن".
إحصائيات
كان يعيش العامل اليمني وضعا مأساويا قبل الحرب، ازداد سوءا بعد ظل الحرب التي تشهدها اليمن منذ أكثر من عام.
مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، كشف في تقريره الذي صدر قبل أسابيع، أن مليون و500 عاملا يمنيا فقدوا أعمالهم، فيما توقفت 800 شركة خاصة بالمقاولات.
وذكر التقرير أن:" ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال الربع الأول من العام الجاري 2016 بلغ 25%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي".
وأضاف أن:" تعز احتلت المرتبة الأولى في ارتفاع الأسعار، بمتوسط ارتفاع بلغ 45%".
الأمم المتحدة كانت قد ذكرت في وقت سابق أن أكثر من 80% من الشعب اليمنية يحتاجون لمساعدات، ويعاني 13 مليون شخص نقصا في الأغذية.
فيما الوضع ما زال مرشحا للتدهور، في ظل استمرار الحرب، وهو ما ينذر بكارثة حقيقة.