[ مجموعة من الشباب المنتمين للواء ]
برز أسم "لواء الصعاليك"، مؤخرا، بمدينة تعز (256 كم جنوب صنعاء)، كقوة ضاربة، ضمن فصائل المقاومة الشعبية بالمدينة، يقوده وينتمي إليه شباب مستقلون من أبناء المدينة معظمهم في مقتبل العمر.
وجاء بروزه أكثر خلال مشاركته الأخيرة في معارك تحرير الجبهة الغربية على مدى ثلاثة أيام متواصلة (11-13 مارس/أذآر الماضي)، انتهت بفك جزئي للحصار المفروض على المدينة من أطرافها الغربية.
وكانت دبابة اللواء، الشهيرة باسم (المبروكة)، ضمن أول فوج للمقاومة الشعبية يقتحم معسكر اللواء (35) بالمطار القديم، وهو آخر موقع استراتيجي هام بلغته المقاومة الشعبية غربا، ونجحت في تطهيره واستعادته من قبضة الميليشيات الانقلابية بعد عام من سيطرتها عليه.
بعدها مباشرة، واصل "لواء الصعاليك" تقدمه، في طليعة فصائل من المقاومة الشعبية، نحو تطهير معسكر الدفاع الجوي، شمال غرب المدينة، الموقع الأكبر مساحة والأكثر أهمية إستراتيجية لوقوعه على منطقة جبلية تطل على معظم أجزاء المدينة، وكانت تستخدمه الميليشيات كموقع هام لقصف المدينة.
وهناك سطر "الصعاليك" ملاحم بطولية، استمرت قرابة أسبوعين على نفس واحد، تمكنوا خلالها من تطهير قرابة (80%) من مساحة الموقع العسكري الاستراتيجي، وخسروا فيها شهيدين من أبرز المقاتلين، مع عشرة مصابين بعضهم حالته خطيرة.
وبشكل عام بلغ إجمالي عدد الشهداء الذين سقطوا في مختلف المعارك منذ تأسيس اللواء وحتى الآن ٣٣ شهيد، فيما بلغت حالات الإصابات قرابة 70 مصابا، بعضهم إصاباتهم خطيرة، وصلت إلى الشلل النصفي.
•من هم "الصعاليك"؟
تكمن السمة الأبرز للواء الصعاليك أن أفراده من فئة الشباب، وتنحصر أعمارهم ما بين العقدين الثاني والرابع، طبقا لقائد اللواء، الشاب العشريني "ماجد مهيوب". والذي أوضح لـ"الموقع"، أن "أفراد اللواء معظمهم من مدينة تعز، ومن أحياء مختلفة، إلى جانب عدد محدود جدا من خارج المدينة".
ويؤكد "عزام الفرحان"، نائب القائد وأركان حرب اللواء، أن معظم الأفراد يحملون الشهادات الجامعية في تخصصات مختلفة، والبعض لديه شهادة الثانوية العامة، موضحا لـ"الموقع"، أن ظروف الحرب التي تضرب مدينتهم هي من فرضت عليهم "التجمع تحت قيادة واحدة لحماية المدينة والدفاع عن أبنائها المستضعفين".
من جهته يشدد "الحسين بن علي"، وهو أحد القادة الميدانين، ويوصف بأنه "أمير اللواء"، على أن ميزة لواء الصعاليك تأتي من كونه "لا يتبع إي جهة حكومية أو حزبية"، ومن هذه الناحية فهو يعتبر "مستقل".
ويضيف لـ"الموقع"، أنه مهما وجد بين الأفراد من لديه خلفيات سياسية أو فكرية، في إطار التنوع، إلا أن اللواء، بشكل عام، ليس لديه أي توجه سياسي أو فكري، ولا يتبع أي طرف بعينه، لكنهم أثناء المعارك ينسقون مع قيادة المقاومة، وكل الجبهات والفصائل المشاركة.
وينفي القائد "ماجد مهيوب"، الذي يصفونه بـ"الأب الروحي" للواء، تلقيهم أي دعم مالي من أي جهة سياسية "فيما عدى بعض الدعم من تجار ومغتربين في الخارج"، إلى جانب الدعم الذي يتلقونه من بعض الجمعيات والمؤسسات "بالتموين الغذائي للمطبخ التابع للواء"، وهو دعم ليس دائم "حيث تمر علينا أيام لا يجد المجاهد فيه ما يسد به رمقه أو قوت أسرته"..! يضيف ماجد.
وبالنسبة للسلاح، يقول نائبه الفرحان، أنهم في البداية لم يكونوا يمتلكون سوى الكلاشنكوف فقط، مضيفا: "لكننا، لاحقا، امتلكنا العديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة كغنائم من المعارك".
وشارك لواء الصعاليك في معظم المعارك المشهودة التي خاضتها المقاومة الشعبية والجيش الوطني في مختلف جبهات المدينة، حيث يتم استدعائه غالبا كقوة تعزيزات في الجبهات التي تشعر المقاومة أنها ضعيفة وتتعرض لهجوم قوي. ومن أشهر المعارك التي خاضها: معركة تحرير تبة الأخوة وسط تعز، وتطهير مبنى المحافظة، ومعركة الشقب بجبل صبر، التي شارك في اللحظات الأخيرة في منع سقوطها.
•الخلفية.. النشأة.. والتسمية
في الواقع، ترجع البدايات الأولى لتأسيس لواء الصعاليك إلى ما قبل خمس سنوات، إبان انطلاق الثورة الشعبية في 2011، التي أسقطت نظام الرئيس السابق، المخلوع علي صالح بعد عام على انطلاقها. طبقا لما كشفه "سعد القميري"، أحد المؤسسين والقائد الميداني الأول في اللواء.
وأكد القميري لـ"الموقع": آنذاك بدأنا بتشكيل مجاميع شبابية لحماية ساحة الحرية بتعز والمظاهرات والمسيرات"، مضيفا: "بدأنا بـ 50 شابا، وبإمكانيات بسيطة جدا".
في تلك الأثناء، ارتكبت قوات نظام المخلوع عدد من المجازر المشهودة ضد المعتصمين، كان بينها إحراق وفض ساحة الحرية بتعز في 29/05/2011. الأمر الذي، بحسب القميري، أفضى إلى تشكيل مجاميع مسلحة لمواجهة جرائم قوات الحرس الجمهوري (سابقا)، بتعز بشكل خاص، تحت قيادة الشيخ حمود سعيد المخلافي، الذي أصبح حاليا قائد المقاومة الشعبية بمحافظة تعز.
بعد تلك التصعيدات، خرج المخلوع "صالح" بخطاب هاجم فيه شباب تعز، ووصفهم بأنهم "شوية صعاليك"..ومن هنا، يؤكد القميري، جاءت فكرة إطلاق أسم لواء "الصعاليك".
ويسرد النائب "الفرحان" عدد من المعارك المشهودة التي خاضها أفراد لواء الصعاليك حينها: بدء بمعركة استعادة ساحة الحرية، ومعارك: جمعة النصر، الحصب، الستين، التربية والتعليم، المسبح، السنترال (زيد الموشكي)، وانتهاء بإسناد مهمة حماية المجمع القضائي بـ"جبل جرة". وخلال تلك المعارك خسر اللواء عدد من الشهداء والجرحى.
ويضيف القميري: "لقد لقناهم درسا لم ينسوه حتى اليوم، لذلك عادوا إلينا مجددا اليوم، بعد انقلاب 2015 للانتقام منا، نحن شباب تعز الذين وقفوا في وجه قوتهم العسكرية الضاربة".
•العودة مجددا
انتهت تلك الثورة الشعبية بتوقيع المبادرة الخليجية أواخر 2011، لتطوي معها صفحة لواء "الصعاليك" بتعز، حيث عاد شباب اللواء إلى أعمالهم أو لمواصلة دراستهم، إلا من لقاءات استثنائية عابرة كانت تجمعهم في المناسبات، أو لإعانة أحد الأخوة عند الملمات. طبقا للقميري.
ومع الأحداث الأخيرة، والانقلاب على السلطة الشرعية، مطلع 2015م، وتوسع الميليشيات الانقلابية وتمددها من صنعاء نحو بقية المحافظات، بينها مدينة تعز، يقول القائد "ماجد مهيوب": "اضطررنا إلى عقد لقاءات للقادة المؤسسين، وقررنا الاستعداد وعمل اللازم من أجل إعادة تشكيل لواء الصعاليك مجددا".
وطبقا لنائبه "الفرحان"، شكل انطلاق معركة "عاصفة الحزم" للتحالف العربي في اليمن، بقيادة المملكة السعودية، حدثا تاريخيا هاما، رفع من معنويات الجميع وساعد على مقاومة المعتدين على مدينتهم، مضيفا: "فرضت علينا الأحداث توسيع قوام اللواء، ونجحنا في استقطاب عددا من الشباب والكفاءات الذين كان لهم دورا كبير في رفد اللواء وتعزيز قوته الضاربة، وظهوره بهذا الشكل القوي كفصيل مؤثر في الأحداث.
•صمود جبل جرة.. وتخليد (المبروكة)
أكثر ما أرتبط أسم لواء الصعاليك، بأمرين أثنين: صمود "جبل جرة" الإستراتيجي، ودبابة "المبروكة".
وأشتهر "جبل جرة"، شمال المدينة، بالصمود والثبات في وجه القوة العسكرية والقتالية للانقلابيين، حيث انكسرت كافة محاولاتهم للسيطرة عليه طوال العام الماضي. ونسجت القصص الخيالية بشأن هذا الصمود الأسطوري، بينها ما نسب للانقلابيين أنفسهم، بزعمهم وجود ملائكة "تقاتل مع المقاومة بجبل جرة..!"، فيما لم يكن هناك سوى شباب لواء الصعاليك، يقاتلون إلى جانب أفراد الجيش الوطني.
ومع تلاحق المعارك، لاسيما الأخيرة منها، تحولت دبابة (المبروكة) التي أستخدمها اللواء في معاركه، رغم تهالكها، إلى رمز للقوة والانتصار، حيث كانت تتواجد في معظم المعارك الساخنة في مختلف جبهات المدينة، وقد أقترح بعض النشطاء تخليدها بتحويلها إلى نصب تذكاري وسط المدينة، بعد نهاية الحرب.