[ تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على اليمن ]
تتصاعد المخاوف من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على اليمن التي تشهد صراع مسلح منذ 7 سنوات بين قوات الشرعية المدعومة من السعودية وجماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وتلقي الحرب الروسية على أوكرانيا بظلالها على الواقع اليمني المأزوم على جميع المستويات، خاصة في ما يتعلق بالجانب الإنساني والعسكري.
حيث ترتبط الأطراف الخارجية للأزمة اليمنية بعلاقات متشابكة مع أطراف النزاع الدائر في أوروبا الشرقية بين روسيا وأوكرانيا.
ودفع الصراع في اليمن في الآونة الأخيرة السعودية والإمارات لعقد صفقات أسلحة مع روسيا، بعد أن وضعت الولايات المتحدة شروطاً على صادرتها من الأسلحة على خلفية حرب اليمن وانتهاكات حقوق الإنسان.
التأثير على الأطراف الخارجية
يرى الخبير الاستراتيجي والعسكري اليمني الدكتور، علي الذهب، أن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية يرتبط بشكل وثيق بالأطراف الخارجية المحركة للأزمة اليمنية ومن ثم سينعكس هذا التأثير على الأطراف الداخلية.
ويقول لـ "الموقع بوست "تأثير حرب روسيا على أوكرانيا سيؤثر مباشرة على الأطراف الخارجية للأزمة اليمنية ومصالحها بشكل أكبر من تأثيرها على أطراف الأزمة الداخلية".
ويعتقد الخبير العسكري أن أطراف الأزمة اليمنية الداخلية الشرعية وجماعة الحوثي والمجلس الانتقالي هم مجرد أدوات لتحقيق مصالح برغماتية لأطراف خارجية، خاصة مع التأثير الروسي المستمر على طول امتداد الأزمة اليمنية.
ويشير إلى أن" السعودية والإمارات وإيران كأطراف على علاقة بالأزمة اليمنية ستتأثر من خلال الأمن بمفهومه التقليدي كتوريد الأسلحة لهذه الدول، ومنها منظومة إس 400 وطائرات سوخوي 35 التي تسعى إيران للحصول عليها من روسيا".
من جانبه يقول رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد لـ "الموقع بوست" إن اليمن ترتبط بالسياسة الخارجية السعودية، وأي تصرف من قبل السعودية في الأزمة الروسية الأوكرانية سيكون كارثة على اليمن في حال قررت الوقوف مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا فضلت الحياد سيكون ذلك لصالح الوضع اليمني".
ويتفق عبدالسلام محمد، مع الخبير العسكري اليمني علي الذهب، في ما يتعلق بتأثر الأطراف الخارجية في الأزمة اليمنية بالصراع الروسي الأوكراني.
التداعيات على مسار الحرب
في المقابل يقول رئيس مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، عاتق جارالله، إن حرب روسيا على أوكرانيا سيكون ارتداداتها في اليمن، بما يعزز نفوذ حلفاء روسيا مثل إيران وأذرعها.
ويضيف في حديث لـ "الموقع بوست" الأمن الدولي سيتأثر بتغيير روسيا لمعادلة التوازنات الدولية لصالح إضعاف الهيمنة الأمريكية ومحاولات إنهاء سياسة القطب الواحد، مما يعني المزيد من القوة والسيطرة لحلفاء روسيا مثل إيران".
ويعتقد جارالله أن "دول الخليج قد تنضم للمحور الأمريكي، وهذا الانضمام سيكون على حساب النفوذ الروسي في المنطقة، وبالتالي الأمر مرتبط كذلك بالنفوذ الإيراني، وقد نشهد سخونة الصراع في اليمن بشكل لافت، لربما تعلن روسيا وقوفها إلى جانب الحوثيين بشكل علني".
ويستبعد رئيس مركز المخا للدراسات، أن تساهم الأزمة الروسية الأوكرانية في تسوية سياسية داخل اليمن، بل يتوقع اشتداد المعارك، وتحويل الساحة اليمنية لصراع قادم.
وفي هذا السياق، يقول علي الذهب، أن" الحرب في اليمن ستظل مستمرة لأنها معقدة داخليا، والحرب الروسية على أوكرانيا لن تخدم عملية السلام في اليمن، قد تجمده قليلاً لكنها لن تنهيه، وقد تدفع بتفاقم الصراع بشكل كبير".
أما عبدالسلام محمد فيشير إلى إمكانية دعم روسي للحوثيين في حال اندفعت الشرعية باتجاه اتخاذ موقف ضد روسيا لصالح المحور الغربي، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على مسار الحرب في اليمن.
ويتابع "يحصل الجيش اليمني على السلاح عادة من روسيا، وربما تضطر روسيا لوقف بيع السلاح حال قررت الشرعية اتخاذ موقف لصالح المحور الغربي المعادي لها".
تأثيرات اقتصادية محتملة
الجانب الاقتصادي في اليمن يعد الأكثر تأثراً جراء تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، خاصة وأن أوكرانيا تصدر لليمن بما يعادل 22% مِن إجمالي استهلاك اليمن مِن القمح، وقد تتضاعف هذه الأزمة بسبب إيقاف تصدير القمح الأوكراني.
وفي هذا الاتجاه، يقول الخبير العسكري علي الذهب، إن الأمن الغذائي وأمن الطاقة قد يتضرر بشكل بالغ جراء هذه الحرب، وهو ما سيؤثر بشكل ملحوظ على الدول الفقيرة كاليمن التي تستورد النفط والقمح والزيوت من الخارج.
ويتوقع خبراء اقتصاديون وصول سعر البرميل النفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية على أوكرانيا من 100 إلى 150دولار للبرميل، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف من الأزمة الحادة التي تشهدها اليمن في المشتقات النفطية والكهرباء.
من جهته قال عاتق جارالله، أن هذه المعركة ستكون لها تداعيات اقتصادية وجيوسياسية أكثر منها تداعيات عسكرية، وستكون هناك حزمة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، مما سيؤثر على إمدادات الطاقة العالمية كون روسي أحد أهم مصدري النفط للعالم.
تأثيرات سياسية
ويرى رئيس مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، عاتق جارالله، أن "المرحلة القادمة التي ستعيشها روسيا لن تكون مريحة لها، وإن انتصرت في حربها على أوكرانيا ستتعرض لحزمة من العقوبات والحصار، لكنها ستقدم تنازلات في ملفات معينة وقد تكون من بينها ملفات تتعلق بقضايا الدول العربية مثل سوريا وليبيا واليمن".
ويضيف "من المحتمل أن تصدر روسيا الحرب من أوكرانيا إلى مناطق بعيدة بهدف غلق الملف الأوكراني وهذا يشمل اليمن".
ويستطرد قائلاً" هناك تشابكات في أوتار العلاقات الدولية، وهذه الحرب ستترك مساحة في العلاقات الدولية وسيستفيد من نتائجها من يستعد لها جيدا.
بينما يعتقد عبدالسلام محمد رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث أن" اليمن ستصبح في وضع حرج هل تبقى محايدة أم تنحاز لطرف على آخر؟ وإذا التزمت الحياد لربما تتعرض كغيرها من الدول التي تقرر الحياد لضغوط أمريكية أوروبية".
وأوضح أن" المواقف السياسية والإتزان السياسي في السياسة الخارجية اليمنية مهم جداً، وتفعيل سياسة عدم الانحياز في هذه الفترة مهم للغاية، لأن اليمن غير مستفيدة من مواقف أمريكا وأوربا، فأمريكا رفعت الحوثيين من قوائم الإرهاب، واتخاذ موقف داعم للغرب ضد روسيا لن تستفيد منه اليمن، فقط سيخلق لها عداء مع روسيا ومن الممكن أن ترد على ذلك بدعم الحركات المتمردة في اليمن".
وفي وقت سابق أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليين كجمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا.
وفجر الخميس 24 فبراير 2022م، أعلنت روسيا الحرب على أوكرانيا مستخدمة كل أنواع الأسلحة بهدف إسقاط حكم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تتهمه موسكو بالتبعية لأمريكا ولحفائها.
