نعى اليمنيون الإعلامي والمذيع الشهير عقيل الصريمي، الذي وافته المنية مساء اليوم السبت في مسقط رأسه بمحافظة تعز بعد صراع مرير مع المرض.

وتوفي الصريمي في مسقط رأسه بمديرية الشمايتين بمحافظة تعز، بعد عطاء مشهود كواحد من أفضل المذيعين اليمنيين الذين طبعت أصواتهم أثير إذاعة صنعاء بلونها الخاص، واستحقت متابعة نادرة خلال مسيرته المهنية. 

وكان الصريمي يعاني من مشاكل في القلب، وساءت حالته الصحية، وظل أكثر من سنة في قريته الريفية غرب مدينة تعز بعد أن كان قد توقف عن العمل في الإذاعة عقب اندلاع الحرب في اليمن عام 2015.

ويعد الصريمي مذيعا ومثقفا وشاعرا من أشهر المذيعين في اليمن وهو صاحب سيرة إبداعية بالعمل الإذاعي، بدأت من إذاعة الحديدة وإذاعة تعز، وكان من أفخم أصوات إذاعة صنعاء منذ تأسيسها، ويعتبر الصريمي مذيعا من الطراز الرفيع منذ عقود عديدة قضاها مهنياً مقتدراً، ليرحل بهدوء تام، ولم تنتبه له الجهات المعنية في زمن الفوضى.

وكان الصريمي مذيعًا ومعدًا لعديد من البرامج الثقافية والمنوعة في إذاعة صنعاء، ومنها "رحلة الأسبوع"، و"أوراق ملونة"، و"واحة اليوم" و"استراحة الظهيرة" التي تميز بها في ثنائية فريدة مع المذيعة المعروفة عائدة الشرجبي.

بدأ عقيل العمل الإذاعي عبر إذاعة مدينة الحديدة عندما كان طالبًا في المرحلة الابتدائية، حتى أصبح معدًا ومقدمًا ومشرفًا عامًا للبرامج في الإذاعة عام 1978، قبل أن ينتقل في العام نفسه إلى إذاعة صنعاء، التي قادته إلى فضاء جماهيري أوسع.

ونعت وسائل الإعلام اليمنية الصحفي الصريمي، وتحولت منصات التواصل الاجتماعي في اليمن أيضا إلى صالة عزاء لنعي الصريمي الذي وصفوه بـ"الموجع"، مستذكرين مناقبه وأعماله التي دخلت كل بيت يمني عبر برامجه الإذاعية المتميزة.

وفي السياق كتب الإعلامي خليل القاهري وهو أحد الأصوات الشابة المثيرة للإعجاب، نبأ رحيل الصريمي، واصفًا إياه بـ"عميد المذيعين، وأفخمهم صوتًا، وأغزرهم ثقافة".

من جانبه الصحفي محمد السامعي قال "الإعلامي اليمني البارز عقيل الصريمي في ذمة الله، رحل صاحب الصوت الجميل، والرمز الإذاعي المميز".

وأضاف "الصريمي أحد أبرز الإعلاميين الإذاعيين، ومن أجمل الأصوات اليمنية التي أحبها الكثيرون على مدى وقت طويل".

الناشط السياسي محمد المقبلي كتب قائلا "كنت واحة اليوم يا عقيل الصريمي"، مضيفا "قرأت خبر وفاة الصريمي واستيقظت بداخلي ذاكرة الريف وذكرياته حينما كنا نتقرفص بجانب الإذاعة ونسمع البرنامج الشهير الذي كان اسمه أوراق ملونة ثم تحول إلى برنامج واحة اليوم، أحفظ أول بيت شعري عن الروح من ذلك البرنامج: لا تُشرق الروحُ إلا من دُجى ألمٍ  هل تُزهر الأرضُ إلّا إنْ بكى المطرُ".

وتابع "كانت إذاعة صنعاء أفضل من القناة التلفزيونية بكثير، برامج أثرت كثيرا في سنوات الطفولة والمراهقة في الريف، ولا أدري عن شباب المدن كان البرنامج مميزا من المقدمة الموسيقية إلى الفقرات إلى الأغاني المختارة وصوت عقيل المميز الذي كان يتناغم مع صوت عائدة الشرجبي".

وأردف: "عاش الصريمي جمهوريا ومات كذلك ووضع على بروفايله أيقونة سبتمبر التحرير بينما عدد من موظفي الإذاعة من ذوي الأسر السلالية انساقوا خلف الإمامة الهاشمية بينهم عباس الديلمي الذي منح منصب مدير عام إذاعة صنعاء بعد أوبريت خيلت براقا لمع الذي معظمه من التراث الشعبي اليمني ونسب الكلمات إليه".

الكاتب الصحفي خالد العلواني نعى الصريمي بالقول: "رحم الله عميد المذيعين الأستاذ عقيل الصريمي، صاحب الصوت المشبع بالأمل، والأحاديث المفعمة بالثقافة وحب الوطن".

في حين قال الباحث السياسي نبيل البكيري "في رحاب الله والخالدين يا عقيل الصريمي في رحاب الله يا صوت اليمن في صباحاتها البهية ومساءاتها المتعبة".

وأضاف: "ثلاثة عقود كان صوتك هو أنيسنا وموسيقانا وشدونا وغناءنا ونشيدنا الذي لا يمل، فبصوتك تدفقت الحكايات الأولى وتشكل وعينا وانسابت علينا حكمها التي وعينا بها ذواتنا وهويتنا".

وتابع: "ها أنت ترحل اليوم بصمت النساك وطهر الأنبياء والقديسين، فقيرا من كل شيء إلا من حب الناس الذين رسمت يوما في شفاههم الابتسامات وغرست في أرواحهم بذور الأمل وأسارير الفرح في صباحاتهم وهدهدت أتعابهم وداويتها في مساءاتهم المرهقة".

وأردف: "في رحاب الخالدين أيها القديس المتبتل بمعابد الحب لله والوطن والجمال، في رحاب الخالدين يا أنبل الراحلين والباقين في محراب اليمن المتعبة".

آفاق الحاج، هي الأخرى وصفت رحيل الصريمي بالمفجع وقالت: "رحيل مفجع لأيقونة الأثير الإذاعي عقيل الصريمي الكبير في صوته وحروفه وعزة نفسه".

وأضافت: "لن أنسى تشجيعك الدائم لي ولن أنسى تلك الأبيات التي كتبتها لي مرة إشادة وتشجيعا وكم كنت فخورة بها، ولا زلت أذكر عبارتك حين قلت لي: لا شيء يبهج قلب أم وأب كتفوق الأبناء يا آفاق".

الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر نعى الصريمي قائلا: "أفنى عقيل الصريمي عمره في تقديم نموذج غير سطحي بالإذاعة، وتعلق في الذاكرة الوطنية لمستمعيه في القرى والأقاصي والمدن التي تتشكل في عز ظهور محاولات حداثة بناء الدولة وما شكله الراديو لدى الناس من تأثير".

وأضاف: "كانت بحة صوته -وهو الذي رحل اليوم غريبا ووحيدا- تمنح التوازن والفرح في عز الضجر والهموم".

أما الصحفي منصور الجرادي فاكتفى بالقول "وداعا عقيل الصريمي المذيع الذي امتلك حنجرة ذهبية، وعشق صوته كل مستمع لإذاعة صنعاء".

بدروه يرى الصحفي منصور الصمدي رحيل الصريمي خسارة كبيرة للإعلام اليمني، وقال "رحيل قامة إعلامية بحجم الأستاذ عقيل الصريمي يمثل خسارة كبيرة للإعلام اليمني".

وأضاف: "كان أحد المذيعين المخضرمين القلائل الذين برعوا وتميزوا بأدائهم وثقافتهم وبرامجهم منذ بدايات تشكل الإعلام اليمني، والذين تتلمذت على أيديهم الكثير من الكوادر الإعلامية الحالية، كما أنه أحد الأصوات الإذاعية المميزة والفخمة والأنيقة التي عُرفت وترسخت في أذهان ووجدان الجمهور اليمني على مدى عقود".

ويستذكر الصحفي صدام أبو عاصم  صوت الصريمي قائلا: "عقيل الصريمي اسم موسيقى لصوت تحدى النسيان، لا أظن أن صوتا سيحل محله قريبا في أي مذياع كما في ذاكرتنا أيضا".

وأضاف: "بعد يوم مرهق كنا نبدده قسرا في حرث الأرض أو رعي الأغنام في قرانا النائية، كانت عقارب الساعة لا تشير إلى التاسعة مساءً وإنما إلى أجراس فرحتنا ولهفتنا ببرنامج (أوراق ملونة) في إذاعة صنعاء.. البرنامج المنوع الذي سيتغير اسمه لاحقا إلى (واحة اليوم)".

وتابع: "كان صوت الثنائي عقيل الصريمي وعائدة الشرجبي واحد من أهم محفزات السعادة والاسترخاء، وبالنسبة لي شخصيا كان أيضا دافعا أساسيا للاتجاه نحو دراسة الإعلام".

وأردف: "كنت أحبذ الاستماع للبرنامج وأنا في سطح المنزل، حيث استدارة القمر ورقصات النجوم تكمل المشهد".