[ إفشال الحوثيين لجهود السلام ناتج عن ضعف خصومه ]
تقوم جماعة الحوثي من وقت لآخر بإفشال جهود السلام في اليمن، وهو السيناريو الذي تكرر مرارا طوال سنوات الحرب التي ستدخل عامها السادس بعد أيام.
يؤكد ذلك اتهام نائب رئيس مجلس النواب عبد العزيز جباري للحوثيين -مؤخرا- بأنهم غير جادين في السلام، وتعمدهم إفشال جميع المساعي لتحقيق ذلك.
فهو يقول إن جماعة الحوثي تحاول الالتفاف على كل عمليات السلام، وتستمر في ممارسة انتهاكاتها بزراعة الألغام وتجنيد الأطفال واستهداف المناطق الأهلة بالسكان، والانقضاض على جميع مؤسسات الدولة ونهب المساعدات الإنسانية.
وبرغم أن الجماعة هي من تعرقل جهود السلام كما يظهر طوال فترة الحرب، إلا أن عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي قال -في تصريحات صحفية- إن التصعيد الراهن في اليمن، يدفعهم إلى فرض قواعد اشتباك جديدة، ويظهرون بذلك كما لو أنهم المتحكمون بكل شيء.
وكثيرا ما تتهم الجماعة الحكومة بعرقلة مساعي السلام في اليمن، بينما تؤكد السلطة والتحالف العربي أن الحوثيين هم من يقومون بذلك بالتصعيد وعدم الالتزام بالاتفاقات.
وخلال فترة الحرب، لم تلتزم جماعة الحوثي بأي اتفاقات أبرمتها أو بقرارات مجلس الأمن، واتخذت من كل مرحلة مرت بها، فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب صفوفها، وهو ما بدا واضحا خلال جولات الصراع العديدة والمستمرة حتى اليوم.
عدم الجدية
وفي محاولة فهم سبب جرأة الحوثيين في عرقلة جهود السلام مرارا، يفسر المحلل السياسي عبد الغني الماوري مواقفها المتشددة إزاء ذلك، لاعتقادهم بأن لا أحدا جاد في محاربتهم، حتى التحالف العربي الذي تم تأسيسه لقتالهم، يرسل بين الحين والآخر بإشارات متعددة ويتخذ سياسات يفهم منها أنه غير راغب في هزيمتهم وسحقهم.
وفي تصريحه لـ"الموقع بوست" يعتقد الماوري أنه ما دام لا توجد رغبة حقيقية لهزيمة الحوثيين، فإن من مصلحتهم عدم الاستجابة لأي حلول سلمية، خصوصًا أن الطرف الذي يقاتلهم منقسما على نفسه، وسوف يتحول لمجموعات بشرية في المنفى، الأمر الذي يجعلهم ينتصرون في النهاية.
حقيقة قوة الحوثيين
أما عن مصدر قوة الحوثيين لمواجهة جهود السلام بتلك السلبية، يقول الماوري إنها تنبع من ضعف وانقسام خصومه، إضافة إلى اعتقاد بعض الأوساط الغربية بأن تلك الجماعة هي الطرف الذي يمكن الاعتماد عليه في مواجهة الإرهابيين في اليمن.
وأوضح أن موقف كثير من الأوساط الغربية التي لديها موقف سلبي من السعودية، تسهم في إظهار الحوثي مقاوما للهيمنة السعودية، وما ساعد في ترويج تلك الصورة -كما يقول الماوري- هو تبني الرياض سياسية غير ناضجة.
ويبقى اعتقاد الحوثي بأن السلطة الشرعية غير قادرة على التحكم بالمناطق التي يقال إنها تحت سيطرتها وسيطرة الفساد على كثير من مكوناتها، مصادر دعم للحوثي الذي يشعر أن بإمكانه الصمود لحين انتهاء الحرب، والانفراد بحكم اليمن، وفق الماوري.
ضعف السلطة
وبالنظر إلى طريقة تعاطي السلطة اليمنية مع جهود السلام مقارنة بالحوثيين، يشير الكاتب الصحفي فهد سلطان إلى وجود مشكلة يصفها بـ"الكبيرة" لدى الشرعية، تتمثل في كونها تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الناس وبالتالي تعبر عنهم في الخارج، وهو ما جعلها تنظر للأمم المتحدة من وسيط محايد إلى شرطي يملك مفاتيح الحل وقادر على فرض شيء يعجزون هم عن تحقيقه.
ووفقا لذلك، يعتقد سلطان في حديثه مع "الموقع بوست" أن الحوثيين ربما يفهمون دور الأمم المتحدة، ويتعاملون معها وفق سلوكها.
وأضاف أن "الشرعية اليمنية مرتهنة في قرارها للخارج، وهو ما أضعف موقفها في الداخل والخارج معًا، ولا يمكن للأمم المتحدة أن تعاقب أو تفعل أكثر مما فعلت، حتى القرارات الدولية التي انتزعت وحصلت عليها الشرعية والسعودية لم تنفذ وتم الدوس عليها والمرور بسلام من قبل الحوثيين".
وأوضح سلطان أن "الشرعية هي شرعية الأرض والقوة والحنكة السياسية وكل ذلك مفقود لدى الشرعية، فلا هي عبرت عن الشارع اليمني الذي تمثله، ولا هي تركت الباب مفتوحًا لمن يمثل اليمنين في هذا الظرف العصيب".
وبالتالي، فتحميل الأمم المتحدة المسؤولية، هو هروب من المشكلة ورمي المشكلة على الآخرين لا أكثر، وفق تعبيره.
يُذكر أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أكد مؤخرا التزام المملكة بحل سلمي في اليمن، وأن الأمر متوقف على التزام جماعة الحوثي.