[ دم العميد الحمادي والتحريض على الناشطين والصحفيين باليمن ]
ازداد الوضع توترا على الصعيد الإعلامي في تعز قبل أيام، وذلك بعد صدور مذكرات استدعاء لناشطين وصحفيين في تعز من قِبل النيابة الجزائية في العاصمة المؤقتة عدن.
طالبت النيابة الصحفيين والناشطين المثول أمامها، للتحقيق في قضية مقتل اللواء عدنان الحمادي الذي قُتل مطلع ديسمبر/كانون الأول الفائت.
ومن بين الأسماء التي صدرت المذكرات بأسمائهم، كان الناشط عمر الصمدي، المقيم في الهند منذ قرابة عام ونصف، والصحفية وئام الصوفي.
وكان الصحفي عبد العزيز المجيدي الذي شملت اسمه المذكرات، كشف عن تلقيه تهديدات من جهات مرتبطة بالإمارات، بينهم رئيس الاستخبارات السابق حمود الصوفي، وأمين عام التنظيم الناصري عبد الله نعمان، بسبب وجهات نظره وعمله.
بينما أكد الناشط ياسر المليكي في صفحته بموقع فيسبوك والذي تم استدعاؤه أيضا، أن الحمادي ليس خصمه، ولم يكن خصيما للنشطاء يوما ما، مشيرا إلى خوف أهله عليه، متسائلا: "ما الذي يمكن أن أتوقعه وأنا بمواجهة أدوات لديها وسائل عنيفة، وسجلها حافل بالموت؟".
خذلان النقابة
وبرغم أن النيابة الجزائية لا صلة لها بقضايا الصحافة والنشر، إلا أن نقابة الصحفيين اليمنيين رفضت التدخل في هذه القضية حتى الآن.
وحول ذلك علق المحلل السياسي ياسين التميمي في منشور على فيسبوك بالقول مستغربا: "يبدو أن نقابة الصحفيين لا تستطيع أن تقول شيئا بخصوص التهديدات الإرهابية التي تطلقها تنظيمات مليشاوية مدعومة من الإمارات، ضد أنبل الصحفيين اليمنيين المقاتلين من أجل الحرية".
كيد سياسي
الناشطة الحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان من جانبها قالت إنها تشعر بالأسف لتحويل قضية الحمادي إلى ورقة يتم توظيفها للكيد السياسي.
وقالت إن من أطلقوا الرصاص مباشرة على الشهيد عدنان الحمادي معروفون، وكان يمكن لتحقيق جاد ومستقل وشفاف أن يقودنا إلى المجرمين الكبار، لكن تم إيداعهم في عدن لدى مليشيات هاني بن بريك وبعد انقلابه وتمرده في عدن، ومن حينها لا ندري ماذا قالوا وماذا قيل لهم بل وما هو مصيرهم".
تصفية حسابات
وبهذا الشأن تؤكد الناشطة أسوان شاهر أنه لا يمكن فهم ذلك الاستدعاء إلا في إطار تصفية حسابات إماراتية مع كل الأصوات المناهضة لممارستها في اليمن.
ولذلك الغرض تفيد أسوان لـ"الموقع بوست" بأن "أبوظبي جندت أدوات سياسية وإعلامية رخيصة، قبلت أن تأكل لحم زملاء المهنة والنشاط المدني في سبيل تببيض وجه الإمارات وتغييب حقيقة اغتيال رمز وطني بحجم العميد عدنان الحمادي".
وعلى رغم ركاكة سيناريو الاستدعاء والثغرات القانونية المتعددة لهذه الخطوة، فضلا عن تنازع السلطة في عدن بين الشرعية ومليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يمكن معه الحديث عن دولة في الجنوب، إلا أنها كما تفيد أسوان تشي بمرحلة جديدة وخطيرة توظف فيها مؤسسات الدولة القضائية والضبطية لصالح أجندات غير وطنية على حساب مشروع الدولة اليمنية التي كان الشهيد الحمادي من أوائل من تصدر لحمايتها.
وبحسب الناشطة أسوان فإنه مع غياب أي دور حقيقي للمنظمات الحقوقية والمؤسسسات النقابية، يصبح النشطاء المستهدفون عرضة لمخاطر كثيرة، أولها التحريض ضدهم وإلقاء التهم الجاهزة عليهم وممارسة أشكال البلطجة الإعلامية بحقهم، وانتهاء بما يمكن أن يطالهم من أطراف متهمة أساسا بدعم خلايا اغتيالات وسجون سرية وتعذيب وانتهاكات جسيمة لا حصر لها.
وبهذا تكون حياتهم وسلامتهم على المحك ما لم يتم التراجع عن هذه الخطوة الاعتباطية وإعادة الاعتبار للصحفيين، خاصة والجميع يعلم أن القاتل المباشر وعشرة آخرين موجودين الآن تحت قبضة سلطة عدن منذ شهور دون أن نعرف أي تفاصيل عن نتائج التحقيقات، على حد قولها.
تعميق الانقسام
وحذر الإعلامي عبد الرقيب الأبارة من خطورة تلك الممارسات التي يتعرض لها الصحفيون والناشطون، وقال إن تلك السياسيات قد تعمق من حالات الانقسام السياسي وتزيد عدد المتهمين، الذي قد ينتج عنه صراعات وانقسامات أخرى، لن تكون في مصلحة الشرعية والحرب على الحوثي.
وذكر لـ"الموقع بوست" أن استدعاءهم كمتهمين بحادثة اغتيال الحمادي هو تمييع للقضية ومحاولة لتهميش الحقيقة وإبعاد المتهمين الحقيقيين عن القضية.
والخطر -وفق الأبارة- لا يكمن فقط في استدعاء الصحفيين بل في استجرار الجرائم الجنائية لتصفية منازعات سياسية.
تأسيس لمرحلة من الفوضى
في حين انتقد وبشدة الصحفي حسن الفقيه تلك الأعمال التي قال إنها تؤسس لمرحلة من الفوضى والعنجهية وإقحام الصحفيين وكتبة الرأي في مثل هكذا أمور وممارسة أساليب القمع والترهيب وتلفيق التهم من قبل جهات تتغنى بالحرية وغيرها من المصطلحات.
وأردف في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن "الأخطر أن يتم التضييق على الحريات تحت لافتة القضاء، والامتثال لأوامر النيابة وتوظيف كل ما يمكن النيل من الصحفيين وأصحاب الرأي".
واعتبر الفقيه الاستدعاء الأخير الذي تعرض لها الصحفيون والنشطاء في تعز بأنه "مسيس ومضحك في آن، فهو مسيس لأن الجهات التي تدفع به تريد محاكمة صحفيين ونشطاء قالوا رأيهم وعبروا عن وجهة نظرهم، وذلك من خلال هذا الدفع والتحريض والتهريب والتخندق الواضح، ومضحك، لأنه ترك القتلة الحقيقيين ومن المفترض أن يحاكموا وذهب ليطالب بمحاكمة نشطاء قالوا رأيهم في قضية الاغتيال"، حسب تعبيره.
ورأى أن الاستدعاء ذاك هو مجرد متاجرة سياسية رخيصة في قضية الاغتيال للعميد الحمادي، متوقعا حدوث تصعيد في ذلك الجانب، والدفع بالقضية إلى أقصى درجاتها لأن هناك من يقف وراءها ويدفع بها بهذا الاتجاه، مستدركا "لكن في النهاية سينتصر الصحفيون وحملة الرأي على هذه الحملة الترهيبية المأجورة، ليس إلا".
إرهاب وجهل بالقانون
وأدانت منظمة "سام" للحقوق والحريات استدعاء الصحفيين والناشطين، واصفة ما يجري بالإرهاب المنظم الذي يكشف خطورة الوضع، ومقدار الجهل بالقانون ومحاولة استغلاله وتفسيره خارج السياق الطبيعي والمنطقي.
وانتقدت عملية التحريض الممنهج التي يتعرض لها مدافعون عن حقوق الإنسان وصحفيون وأصحاب رأي، بسبب التعبير عن رأيهم في قضايا عامة والنقد لشخصيات عامة.
الجدير بالذكر أن المرافق الشخصي للعميد الركن عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع قتل في ظروف غامضة في منزل صديقه بمديرية المعافر بتعز يوم أمس الاثنين (24 فبراير/شباط).