[ أفراد من الجيش الوطني في نهم شرق العاصمة صنعاء ]
استهل العام 2020م شهره الأول بتحديات وصعوبات جديدة تثقل كاهل الرئاسة والحكومة الشرعية والجيش الوطني اليمني الذي يخوض حربا ضد الانقلابيين الحوثيين منذ خمس سنوات.
ومع إحكام سيطرة الحوثيين على جبهة نهم وأجزاء من محافظتي مأرب والجوف فإن الأخطار التي تواجه الشرعية باتت تهدد وجودها باعتبار محافظة مأرب تعد معقل الشرعية في اليمن.
هل بدأت مرحلة الانقضاض؟
بتتبع الأحداث فإن الصورة تبدو جلية للعام الحالي، ففي العام 2015م وبمساعدة ودعم إيراني لم يعد خافيا تمكن جماعة الحوثي من إسقاط عاصمة البلاد صنعاء وطرد الشرعية منها.
وهو ذات الحال الذي جرى في العاصمة المؤقتة عدن في العام 2019م والذي تمكن فيه المجلس الانتقالي الجنوبي من الانقلاب على الشرعية وطردها بمساعدة ودعم إماراتي.
وبرغم سيطرة الحكومة الشرعية على أجزاء كبيرة من البلاد فإن سيطرتها الفعلية وثقلها الحقيقي بفعل حرب الحوثيين وأتباع أبو ظبي عليها بات متركزا في محافظة مأرب شمالا ومحافظة شبوة جنوبا.
ومع بداية العام الحالي بدأ الحوثيون والمجلس الانتقالي مرحلة الانقضاض على الشرعية في محافظتي مأرب وشبوة.
وهو تزامن يدلل على أن مرحلة الانقضاض النهائية على الشرعية اليمنية وحلفائها ابتدأت، فقد باتت في مرمى نيران الانقلابيين في الشمال والجنوب وبدعم من إيران ودولة الإمارات.
مسار جديد
ما إن تم خفض التصعيد في شبوة وجاراتها بعد استكمال أبو ظبي لمخططها في العاصمة المؤقتة عدن بتوقيع الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا على اتفاق الرياض برعاية سعودية حتى بدأ الحوثيون بالتصعيد في جبهات نهم والجوف ومأرب بعد هدوء استمر لسنوات.
فأصبحت الشرعية والجيش الوطني اليمني بين مطرقة الحوثيين المدعومين من إيران وسندان مليشيات الانتقالي المدعوم من الإمارات.
وكل ذلك يضيف دلائل أخرى بأن مرحلة الانقضاض على الشرعية بعد تقويضها لسنوات قد بدأت باعتبار حرب حلفاء إيران والإمارات دشنا حربا كبرى على آخر معاقل الشرعية في مأرب وشبوة وبتزامن يدلل على تنسيق وثيق بين الجانبين.
نحو مشروع التقسيم
لم يعد خافيا سعي المجلس الانتقالي وبدعم إماراتي لتقسيم اليمن وإعادتها إلى مربع التشطير وفصل جنوب اليمن عن شماله وهو المشروع الذي يعتقد مراقبون أنه يتفق مع مشروع جماعة الحوثي الإمامي يرجح صحتها ما بات مشتهرا عن وجود تفاهمات بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومحادثات سرية مع الحوثيين يرجح أن يتم الوصول فيها إلى نقاط اتفاق بحيث تصل سيطرة كل طرف إلى الحدود السابقة بين شطري اليمن.
دلالات أخرى
ثمة دلالات وأبعاد أخرى للتصعيد الحوثي في مأرب والجوف وقبله في محافظة الضالع والتي أوقف الحوثيون فيها هجومهم الكاسح في مناطق قريبة من الحدود بين شطري اليمن في الجنوب والشمال بمديرية قعطبة وهو ذات الحال في منطقة يافع إذ وضعت الحرب أوزارها بين الجانبين في المناطق الحدودية.
ولعل أهم تلك الدلالات والأبعاد استكمال إنهاء تواجد السلطة الشرعية في محافظتي مأرب وشبوة تمهيدا لفرض الواقع الانفصالي الجديد باعتبار السلطة الشرعية والجيش الوطني العائق الوحيد أمام تحقيقه.
احتفاء يكشف التحالف
في أحداث جبهات نهم ومأرب والجوف اتضح بصورة أكبر أن استهداف الشرعية في اليمن أصبح هدفا مشتركا لكل الأطراف فقد بدا التشفي والتناغم بين وسائل إعلام المجلس الانتقالي الانفصالي وجماعة الحوثي واضحا.
وهو احتفاء وتناغم يدلل على وجود مخطط متفق عليه من قبل كل الأطراف التي تناصب العداء للسلطة الشرعية وتلك التي تتخذ من حزب الإصلاح شماعة لاستهداف وتقويض السلطة الشرعية في اليمن.
خيارات صعبة
الصحفي والمحلل السياسي عبد الرقيب الأبارة يرى أن الحوثيين استفادوا من فترة التوقف وبنوا قدراتهم بعد أن فشلت الشرعية في تحقيق أي انتصار منذ أربع سنوات أي منذ تحرير فرضة نهم.
وأوضح الأبارة في حديث خاص لـ"الموقع بوست" أنه لهذه الأسباب بدت طموحات الحوثيين مرتفعة لاستعادة السيطرة على مأرب والجوف وما تشكل السيطرة عليهما من أهمية إستراتيجية للحوثي لاستكمال السيطرة على شمال البلاد.
وبشأن تزامن هجوم الحوثيين مع الانتقالي قال الأبارة إن ذلك نتيجة لتخادم بين الطرفين لإشغال الشرعية وتديره الإمارات التي تسعى لإعطاء الشمال للحوثي والجنوب للانتقالي وإخراج الشرعية من المشهد.
وعن خيارات الشرعية إزاء هذه التطورات الجديدة عبر عن اعتقاده بأن الشرعية تبدو ليس لديها خيارات خاصة في ظل ربط قراراها بالتحالف الذي بدوره -وفقا للأبارة- يساهم في خلق هذه الفوضى في البلاد.
وتابع بالقول: "إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فقد نشاهد انقسامات أكبر في البلاد ليس شمالا واحدا وجنوبا واحدا بل أكثر من شمال وجنوب".