على حين غَرةٍ ودون سابق إنذار غادرت الناشطة الحقوقية والإنسانية عائدة العبسي الدنيا، بعد حياة حافلة بالنضال والكفاح.

الخامس عشر من يونيو العام 2019 وحينما كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحا تواجدت العبسي في مستشفى الثورة العام بتعز لإجراء عملية جراحية لاستئصال المرارة بعد أن أجروا الفحوصات اللازمة.

مرّ الوقت بطيئاً على العبسي وبعد أن كانت تستعد لسماع خبر نجاح العملية بدأ مسلسل آخر سوف لن تنتهي فصوله لتدخل في حالة سيئة نتيجة خطأ طبي تطور إلى دخولها في غيبوبة انتهى بوفاتها صباح أمس الأحد.

عائدة العبسي تلك المرأة التي طافت جبهات مدينة تعز لإسناد جنود الجيش الوطني المرابطين في المتارس، بالإضافة إلى أنها كانت الناشطة الحقوقية والسياسية التي واجهت صعوبات كثيرة في آخر أيامها وتدهور وضعها الصحي والمعيشي، كما يصفها عدد من المقربين منها.

تنحدر عائدة العبسي من عزلة الأعبوس إحدى عزل مديرية حيفان في قضاء الحجرية بمحافظة تعز.

لم يخطر ببالها أنها ستكون ضحية خطأ طبي، بعد أن خاضت منذ بداية الحرب على مدينة تعز تجارب كثيرة بل كانت تتحرك بصمت وسط مدينة مطوقة بحصار الحوثيين.

حادثة وفاة العبسي جراء الخطأ الطبي دفع ناشطين وإعلاميين وحقوقيين إلى حملة استنكار واسعة، واصفين ذلك بجريمة بحق أرواح المواطنين.

المصور الصحفي هاني العديني طالب بسرعة التحقيق مع الأطباء الذين أجروا عملية للعبسي، لافتاً إلى أنه في حالة التهاون في ذلك سيتم التصعيد، مؤكداً أن القتلة لن يمروا بسلام وأن لا يستحقوا أن يكونوا اطباء.

وأضاف العديني في منشور على فيسبوك أنه زار عائدة العبسي إلى المستشفى ووصفت حينها الأطباء بالفاشلين، مشيراً إلى أنه تم مناشدة السلطة المحلية ولم تحرك ساكنا.

وأضاف العديني: "يا وجعي عليك يا أم المناضلين من كانت تغامر وتفدي بروحها من أجل أبنائها في الجيش الوطني وتدخل بين الرصاص وتسعفهم عو توزع لهم الغذاء أو ملابس للبرد كل همها وعشقها إلى أن تتحرر تعز وتفدي روحها لمدينتها تعز".

وتابع: "ماذا نقول عن نضالها وإنجازاتها؟ لكن تجار الحروب القتلة من داخل مدينة تعز طفوا (أطفؤوا) شمعتنا الغالية ونفتقد لضحكتها والعمل معها، كم كنا نحس براحة عندما نكون معها".

وبحسب العديني فإن العبسي "قبل العملية كانت تحتاج لشغل وتتواصل معه وزملائه ليبحثوا لها عن عمل لها حتى لو خارج تعز، أهم شيء تشتغل بعرق جبينها وتوفر مصروفها وقوتها لها ولأولادها".

لكن السلطة المحلية التي لم تكافئها في يوم من الأيام على نضالها وصدقها وحبها لتعز وتعطيها وظيفة داخل المحافظة بل همشتها.

من جانبه الناشط الإعلامي محمد مهيوب أحمد قال: "عائدة العبسي من النساء التعزيات النادرات اللواتي وقفن مع تعز للدفاع عنها وخدمت أبناءها وقدمت لها الكثير، غادرتنا اليوم إلى ربها بعد معاناة خطأ طبي وخذلان وإهمال، رحلت بعد تاريخ حافل بالعطاء والنضال برفقة الشهيدة رهام البدر وجميع شباب وشابات تعز الفاعلين من بداية المقاومة وما قبلها".

أما الناشطة الإنسانية حياة الذبحاني فقد قالت: "الحب الصادق والوفاء هو محاسبة السفاحين، ما دون ذلك فهو هراء وكذب وخداع ومشاركة في القتل، رحمة الله على المناضلة عائدة العبسي".

وأضافت الذبحاني: "بدلاً من الدموع والنواح غداً ليقف الجميع أمام مستشفى الثورة في مدينة تعز للمطالبة بمحاسبة المتسببين في وفاتها"، متسائلة: "كم يا ترى مات من قبلها نتيجة تلك الأخطاء الطبية بصمت وأودعوا المقابر دون جزاء وعقاب ومساءلة؟".

الجريح عمروس الصمدي قال: "مرت ثلاث ساعات على وفاة الثائرة عائدة العبسي نتيجة خطأ طبي حدث بأكبر مستشفى حكومي داخل مدينة تعز وإلى الآن لم تحرك السلطة المحلية بتعز ولا وزارة الصحة اليمنية ساكنا، لا بيان ولا توضيح ولا توقيف ولا تحقيق، يصمتون جميعهم ويكتفون بالمتابعة وذرف دموع التماسيح كذباً، قتلوها حية وميتة".

من جانبه قال شوقي علي الحاج: "بالأمس استشهاد طفلتين من أطفال صبر بقذيفة إجرامية حوثية، واليوم وفاة المناضلة عائدة العبسي إثر جريمة أخرى خطأ طبي"، مشيراً إلى أنه لا فرق بين الجريمتين جريمة يتحملها الحوثيون وجريمة تتحملها الشرعية وإدارة مستشفى الثورة.

ياسر الرازحي قال: "عائدة العبسي أيقونة من أيقونات النضال في مدينة النضال (تعز) غادرتنا فجأة والسبب خطأ طبي سلبها حياتها.. كنت في طريقي لزيارتها لأتصفح النت صباحا وأجد خبر وفاتها ويالهول الصدمة".