[ الوضع الاقتصادي في اليمن تدهور إلى مستويات قياسية ]
تصدرت اللجنة الاقتصادية الاهتمام في اليمن، وسط استمرار تدهور الريال اليمني أمام الدولار، ووصلوله إلى مستويات قياسية، متسببا بارتفاع معاناة السكان، وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير.
وتشكلت اللجنة الاقتصادية مؤخرا برئاسة حافظ معياد، المعروف بولائه للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعضوية كل من أحمد الفضلي وزير المالية نائبا لرئيس اللجنة، و محمد زمام محافظ البنك المركزي الحالي ومنصر القعيطي المحافظ السابق، وأحمد غالب رئيس مصلحة الضرائب السابق، بالإضافة إلى أحمد ثابت العبسي مدير بنك اليمن الدولي، وعبيد سعيد شريم أستاذ المحاسبة بجامعة صنعاء، وفارس الجعدبي، نائب الرئيس التنفيذي السابق لمصرف "كاك بنك" الحكومي.
وأثارت اللجنة منذ الحديث عن تشكيلها الجدل حول طبيعة تولي معياد رئاستها، ونقل موقع العربي الجديد عن مسؤول حكومي تأكيده وجود تدخلات سعودية وإماراتية تقف خلف إعادة مسؤولي النظام القديم إلى مناصب رفيعة في الدولة، ومنها التغييرات الاقتصادية الأخيرة.
ووفقا للموقع فإن المهام الرئيسية للجنة الاقتصادية تتركز في إعداد الخطط الاقتصادية والإشراف على تنفيذها، ووضع معالجات لأزمة تهاوي الريال، بالإضافة إلى الإشراف على تشغيل البنك المركزي من عدن ومتابعة إجراءات توحيده مع البنك المركزي في صنعاء بالتنسيق مع سلطات الحوثيين وضمن جهود المبعوث الأممي مارتن غريفث.
وعقدت اللجنة أول اجتماع لها يوم أمس الأحد في العاصمة السعودية الرياض برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، وبحضور نائبه على محسن الأحمر، ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، ورئيس وأعضاء اللجنة.
ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية "سبأ" فقد وجه هادي الجميع بالعمل بصورة فاعلة وعاجلة وسريعة من خلال دراسة الحالة الاقتصادية ووضع التدابير الكفيلة بعودة الاستقرار التمويني والغذائي والخدماتي إلى وضعه الطبيعي والوقوف بحزم أمام مختلف الاختلالات والظواهر التي أسهمت وشجعت على التلاعب بمعيشة المواطن واستقرار المجتمع والوطن.
وقالت الوكالة إن رئيس الحكومة ورئيس اللجنة الاقتصادية قدما عدداً من المقترحات والرؤى العاجلة التي يعول عليها في تجاوز تداعيات أسعار الصرف والخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، فيما ستواصل اللجنة اجتماعاتها برئاسة رئيس الوزراء للوقوف على مجمل التطورات ووضع المعالجات المناسبة تجاهها.
قائمة إجراءات
وعقب اجتماع اللجنة تداول ناشطون مقربون من الحكومة منشورا يتضمن سلسلة من الإجراءات التي أقرتها اللجنة في اجتماعها مع هادي ونائبه ورئيس الحكومة للعمل بها لمواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور.
ولم تنشر تلك المضامين في وسائل الإعلام الرسمية، لكنها احتوت على عدة إجراءات من بينها وقف استيراد وتصدير السلع الكمالية مؤقتاً كالسيارات وما شابهها، وتكليف كلاً من وزارتي المالية والصناعة والتجارة بإعداد قائمة الكماليات الممنوعة من الاستيراد وتعميمها وإعلانها، و إغلاق جميع محلات الصرافة الغير مرخصة وربط جميع شركات ومحلات الصرافة المرخصة بنظام الرقابة في البنك المركزي، ورفع رواتب الموظفين المدنيين والمتقاعدين.
ومن ضمن الإجراءات زيادة الإنتاج النفطي في حقول المسيلة بحضرموت، وضمان تصدير نفط محافظة شبوة، ومنع خروج العملات الأجنبية من جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية إلا بتصريح رسمي من البنك، والبدء بإجراءات عاجلة لتصدير الغاز، كخطوة أولى للوصول إلى تصدير كامل للإنتاج الغازي والنفطي في البلاد، إضافة إلى إجراءات أخرى تتصل بعمل بقية الجهات الحكومية، كالداخلية والمالية والتجارة والبنك المركزي.
تفاعلات
ولقيت هذه التطورات تفاعلات من المهتمين بالجانب الاقتصادي، والصحفيين في اليمن، وقال الصحفي جمال حسن إن رفع الرواتب التي تصرفها الحكومة الشرعية في اليمن، لن تخفف غلاء المعيشة بالنسبة للشريحة التي ستستفيد منها.
وذكر بأن الإشكالية هي في عدم استفادة كل العاملين في القطاع الحكومي، لأن معظم الموظفين لا يتسلمون مرتباتهم من الحكومة، واعتبر تلك الزيادة ستسهم في تضخم الأسعار وتدهور الريال.
وقال جمال في صفحته على فيسبوك إن الحكومة عاجزة عن تحصيل أي واردات داخلية، كما أنها غير قادرة على استئناف تصدير النفط، وهذا مجرد سبب جزئي، إذ إن الحرب عامل رئيسي لتدهور الوضع الاقتصادي، حيث إن الاقتصاد معطل وكثير من القطاعات الاقتصادية توقفت.
الحاجة لقرار سياسي
رئيس تحرير صحيفة الشارع اليومية (متوقفة حاليا) قال بأن مشكلة انهيار العملة الوطنية واضحة وضوح الشمس، ومواجهة ذلك لا يكون بتشكيل لجنة اقتصادية، بل ابتداءً بقرار سياسي يوفِّر مناخات آمنة لعمل شركات النفط في حضرموت وشبوة ومأرب، ويُعيد تصدير النفط والغاز.
وذكر في منشور له على فيسبوك أن الأسباب التي تؤدي إلى انهيار العملة كثيرة، أهمها، بالنسبة لوضعنا اليمني الراهن، انخفاض العرض وكثرة الطلب على العملة، وذلك عائد بشكل رئيسي إلى اختلال "الميزان التجاري للمدفوعات"، فنحن نستورد بأكثر كثيراً مما نصدِّر.
وأضاف: كان تصدير النفط، وغيره، يمدّ اليمن بالعملة الصعبة دون المطلوب، ومنذ سنوات ونحن متوقفون عن تصدير النفط والغاز، وتراجعت مستويات تصديرنا للأشياء الأخرى (زراعية وسمكية وغير ذلك) المتدنية أصلاً، شأن النفط والغاز، ويعني هذا العملات الصعبة لم تعد تدخل اليمن، وفق حسان.
وأوضح أنه بإمكان الحكومة توفير الظروف الآمنة التي تُمكِّن الشركات النفطية من العودة لإنتاج النفط في مأرب وحضرموت وشبوة، والترتيب لتصديره من حضرموت وشبوة، و إقناع "توتال" الفرنسية بالعودة للعمل على تصدير الغاز، وذلك لا يمكن إلا بتوفير الظروف الأمنية الملائمة لذلك. هذا سيؤدي، بلا شك، إلى التخفيف من حِدّة تدهور العملة الوطنية.
وأردف: المطلوب من الرئيس هادي القيام بهذا الأمر أولاً، ثم بإمكان اللجنة الاقتصادية البحث عن الأسباب الأخرى التي يجب القيام بها لإيقاف تدهور الريال اليمني وإعادة التوازن له، غير هذا، فكل ما ستفعله وتقوله اللجنة الاقتصادية، والرئيس والحكومة، سيكون "كلام فاضي ولعب على الدقون".
التحالف يفاقم الأزمة
أما الأكاديمي اليمني أحمد الدبعي المقيم خارج اليمن فقال إن اليمن يعيش وضعا كارثيا، ويساهم التحالف السعودي الإماراتي في مفاقمته للحصول على مكاسب انتهازية وضيعة.
وذكر أن التحالف يقف حائلا دون تدفق الدورة الدموية للاقتصاد اليمني، حيث يمنع الحكومة من تصدير ما يمكن من البلد بشكل طبيعي، ونشر الفوضى الأمنية في كل المحافظات التي انسحب منها الحوثيون، فكانت النتيجة ريال يتيم تائه لا يعرف من أين أتى وإلى أين المصير.
وقال الدبعي في منشور له إن قيمة العملة اليمنية تدهورت بشكل دراماتيكي بالغ بسبب اختفاء الموارد المركزية والسياسة النقدية الصحيحة والثقة وسياسة طبع العملة بغير غطاء، وأكد أن اليمن يستطيع الحصول على مليارات سنويا من عائدات تصدير الغاز والنفط والأسماك والمحاصيل الزراعية، ومن الضرائب والجمارك في الموانئ والمطارات المعطلة.
وأضاف: "لا يحتاج هذا البلد إلا للحصول على الوضع الطبيعي كي يستعيد أنفاسه، ومع ذلك يوغل التحالف في جعل هذا البلد ضحية لمليشيات وأمراء الحرب الذين كونهم بالانشطار الثنائي عبر سنوات".