في الأول من مايو/أيار من كل عام يحتفل العمال في أنحاء العالم بعيدهم السنوي، لكن حال العمال مختلف في اليمن؛ حيث فاقمت الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من معاناة هذه الشريحة.
 
صنعاء أكبر مدينة في اليمن، تحتضن العمال لكن الحرب دمرت أحلامهم البسيطة في الحصول على عمل يومي يطعمون به أسرهم.
 
وظلت شريحة العمال خلال الثلاث السنوات الماضية، في دائرة النسيان، يواجهون الموت والأوبئة والمجاعة، ولم يسلموا من استهداف مقاتلات التحالف العربي في الموانئ، والمزارع، والمصانع، وغيرها خلفت تلك الغارات عشرات القتلى والجرحى والتي بدورها فاقمت معاناتهم.
 
ومع دخول الحرب في البلاد عامها الرابع، لا زال العشرات منهم يسابقون خيوط الشمس في الوقوف على الأرصفة بشوارعها وجولاتها أملا في الحصول على عمل يومي في مدينة أشباح أصبح شغل أهلها الشاغل مكافحة الجوع، ما عدا هوامير الفساد الذين لا زالوا يشيدون المباني الفاخرة أمام أنظار مئات الآلاف من المواطنين داخلها يطحنهم الجوع.
 
ولا يتوفر إحصاء بعدد عمال الأجر اليومي في اليمن، لكن تقديرات تفيد بأنهم أكثر من مليوني عامل، وفق آخر إحصاء للاتحاد العام لنقابات العمال عام 2010.
 
هؤلاء أضحوا يعيشون ظروفا بالغة القسوة، وانضموا إلى رصيف البطالة؛ مما فاقم من مأساة عائلاتهم.
 
يبحثون كل صباح عن رزقهم المسلوب
 
وفي كل صباح يُسابق الشاب الثلاثيني، رمزي محمد" خيوط الشمس، يجلس بالقرب من أحد البوافي في شارع 45 ليتناول كوبا من الشاي وبالقرب منه معدات طلاء المنازل التي يستخدمها.
 
يقول رمزي في تصريح لـ "الموقع بوست"، عمل طلاء المنازل أصبح نادرا بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وأصبحت أنا وزملائي لا نحصل على فرصة عمل سوى مرة واحدة في الشهر وأحيانا شهرين بعد أن كان جدول أعمالي مزدحما.
 
يذهب "رمزي" إلى أن العشرات من العمال داهمت أسرهم المجاعة وقد كانوا قبل الحرب مستورين الحال، مما دفعهم للالتحاق بمعسكرات الأطراف المتحاربة، أملا منهم في الحصول عن دخل يستطيعون من خلاله إنقاذ أسرهم من موت محقق.
 
وتابع "رمزي" أن كل هؤلاء العمال دخلوا في نفق مظلم، منهم من قتل وهو يحارب ومن تبقوا لا يحصلون على رواتب أو مقابل مادي إلا نادرا لا يسمن ولا يغني من جوع، وهناك أطفال ونساء ينتظرن منهم أن يرسلوا بعض الريالات لكن ذلك لا يتم مشيرا إلى أن الأسوأ من ذلك عودتهم إلى أسرهم جثثا هامدة.
 
شريحة العمال منسية
 
أمين الدائرة الإعلامية لنقابات عمال اليمن "محمد المنتصر"، أكد أن العمال في اليمن منسيون وغير مذكورين على المستوى العالمي، والمستوى المحلي والمستوى العربي.
 
وأشار "المنتصر" في تصريح لـ "الموقع بوست" إلى أن العمال في اليمن أصبحوا نازحين مشردين، من مرافق عملهم بعد قصفها والاعتداء عليها.
 
وكشف عن مقتل العشرات من العمال وعلى رأسهم نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات اليمن "جمال السنباني" وأسرته، والذي قتل في قصف لطيران التحالف العربي.
 
وأشار إلى أن هناك أعدادا كبيرة من العمال قتلوا، في المخا، وفي محطات الكهرباء، وفي موانئ البلاد قتل العشرات من الصيادين وعمال والمزارع في تهامة وصعدة، قصف العمال في مزارعهم وفي بيوتهم بسبب هذه الحرب الظالمة.
 
ودعا المنتصر العالم إلى التدخل العاجل لوقف الحرب وما وصفه العدوان والظلم على الشعب اليمني، وعلى العمال في الدرجة الأساسية مطالبا في الوقت ذاته بوقف قصف المصانع والمرافق الحيوية داخل البلاد.
 
وناشد مجلس الأمن، والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة العرب العملية، ومنظمة العمل الدولية، والاتحاد الدولي لنقابة العمال العرب والاتحاد العالمي كلها هذه المنظمات بأن تقف وقفة حازمة وجادة، لوقف الحرب والعدوان الذي ليس له أي مبرر.
 
وأكد أن النقابة لم تستطبع تقديم أي شيء لمنتسبيها، سوى البحث عن فرص عمل لهم، والتواصل مع بعض المنظمات لتقديم مساعدات إنسانية وإغاثية تنقذهم من الجوع الذي يطارد أسرهم.
 
وبين أن العمال شريحة كبيرة وواسعة تضررت بشكل كبير من الحرب، نزحوا وشردوا، لكن ظلوا بعيدا عن اهتمام المنظمات الدولية ولم تقدم لهم أي مساعدات إنسانية باسمهم.

شلل تام في سوق العمل

ويرى خبراء الاقتصاد أن الحرب الدائرة في اليمن منذُ أكثر من ثلاث سنوات، أصابت سوق العمل في اليمن بشلل تام، وتقول آخر الإحصائيات أن النشاط الصناعي توقف بنسبة 75 %، وفقدان 80 % من العاملين في القطاع الخاص لوظائفهم، حسب الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية.

ويُقدر الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، عدد من فقدوا أعمالهم بسبب الحرب بحوالي ثلاثة ملايين عامل في القطاعين المنظم وغير المنظم.
 
ويبلغ إجمالي العمالة 4.2 ملايين شخص، من إجمالي عدد السكان في سن العمل البالغ 13.4 مليون نسمة، حسب نتائج مسح القوى العاملة في اليمن (2013- 2014)، الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء، 73.7 في المئة منهم يعملون في القطاع غير الرسمي.