[ سكون وهدوء وقلق يلف العاصمة صنعاء ]
في أول ليلة لها بعد رحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تبدو العاصمة صنعاء هادئة، إلا من أصوات الكلاب وأصوات طيران التحالف العربي، الذي يحلق فوق سمائها بين ساعة وأخرى، ملقيا بصواريخه على بعض المواقع العسكرية وبعض المؤسسات التي تتوسط أحياء سكنية.
الشوارع خالية من الحركة تماما، وهناك خوف وقلق بالغين لدى سكان صنعاء هذا المساء، حالة من الترقب والحذر تخيم على مدينة يقطنها قرابة سبعة ملايين شخص، وذلك بعد التغير السريع والمفاجئ، وغير المتوقع والذي تمثل باغتيال الرئيس السابق صالح، بعد معركة عسكرية لم تستمر سوى أربعة أيام وبضع ساعات.
يقول إبراهيم هزاع، طالب بجامعة صنعاء، وأحد سكان حي الدائري في العاصمة صنعاء، لـ "الموقع بوست": "الوضع الآن أصبح متأزما، هدوء ما قبل العاصفة، هذا السكوت والهدوء ليس من فراغ، بل هناك شيء متخفي خلف، فصنعاء هدأت من إطلاق النار الكثيف والمواجهات، لكنها لم تهدأ من قصف الطيران، وهناك بركان يتوهج ونحن لا نعلم، أول ليلة بدون صالح هي نقطة البداية لمرحلة جديدة لا نعلم ماهي ولا كيف سيكون مصيرنا في هذه المرحلة".
ويقول محمد العزعزي، أحد سكان صنعاء، لـ "الموقع بوست": "الشوارع خالية تماما، والمدينة هادئة على غير العادة، وكأنها ترتقب عاصفه قادمه بعد خبر رحيل صالح أنها أشبه بحال المقبرة في الليل".
حدث مفاجئ بهذا الحجم لرجل ظل يمثل بقائه جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا، ولكنه برحيله المفاجئ وبطريقة كهذه، وضع الناس أمام حيرة وخوف من القادم، والجميع يحاول استحضار سيناريوهات وتوقعات للقادم لصنعاء ولليمن برمته، حيث يشير البعض إلى أن اليمن سيعيش إما خيرا او شرا.
ويقول العامري ضياء لـ "الموقع بوست": "لم يعد هناك شيء يبث فينا الأمل، بحقيقة الأمر لم يكن صالح الباعث للأمل طيلة حياته، ولم يفعل قط، بيد أنه استثنى الصفحة الأخيرة من سجل القدر وبادر عنوة وعانقنا الأمل بفعله الأخير، سواء كان من تلقاء نفسه أو لا".
ويضيف "لا حركة في الشوارع، هناك أشبه ما يكون بالموت البطيء وحياة أشبه ما تكون بالموت السريري، وبركان مختبئ داخل الناس".
وتابع "علي صالح أوجعنا طيلة حياته وها هو اليوم يوجعنا برحيلة لا يشيء ينبأ بالقلق الآن كما تفعل الشوارع عندما تلثمت بالليل وتعطرت بالوحشة، وما زمهرير الليل القارس بقليل كي يكون وقودا للقلق." نخاف من القادم المجهول، من الغد، يخيفنا هذا النفق الذي نمضي إليه، صالح كان في أقل تقدير يحتفظ بقليل من الجمهورية وملامح الدولة، فما بعد اليوم، لا ندري حقيقة إلى أين ستقودنا هذه العاصفة".
على مستوى مناطق الاشتباكات التي شهدها كل من أحياء الحي السياسي والجزائر وحدة، وخلال الأربعة الأيام الماضية، تشهد هذا المساء هدوءًا أيضا، ولم تعد هناك أي مواجهات بعد مقتل صالح وعدد من مرافقيه وبعض قياداته، لكنها ما تزال وفق سكان هناك تحت السيطرة والتطويق من قبل جماعة الحوثي.
وعلى عكس من ذلك عاشت بعض الاحياء حالة من الهلع والخوف الشديد، نتيجة القصف الذي شنته طيران التحالف العربي، واستهدفت به مواقع واقعة وسط أحياء مكتظة بالسكان، ومن بين هذه الأحياء، الحي القريب من القصر الجمهوري الواقع في التحرير، حيث أكد سكان في الحي لـ "الموقع بوست" استهداف الطيران القصر الجمهوري، الأمر الذي دفع كثير من السكان لمنازلهم الواقعة بالقرب من القصر.
محمد العزعزي، وهو أحد السكان الذين فروا مع الفارين ونجى بأعجوبة هو وأفراد أسرته، قال لـ "الموقع بوست": "المواطنون لم يعيروا التحذيرات التي أطلقت بخصوص الابتعاد عن المناطق التي قد تستهدف ليفاجؤوا قبل منتصف الليل بغارات عنيفة أذعرت الأطفال والنساء، ولكن أصوت القصف كانت أعلى من صراخهم، القصف الجوي كان قد توقف منذ مدة، ولكن بعد الخلافات التي نشبت بين صالح والحوثيين، جعلت الطيران يعاود القصف مرة أخرى لمناصرة صالح، وبعد اشتباكات لم تدم أكثر من ثلاثة أيام، اتى الخبر يقول بأن صالح قد قتل في مواجهة مع الحوثيين أثناء محاولة الفرار كما يقولون".
ويضيف:" الشارع تلقى الخبر ما بين مصدق ومكذب، ولكن بعد مقطع الفيديو الذي عرض بدأت الشوارع تهدأ، واختبأ الناس في منازلهم، وعلى وجوههم قلق وحيرة مما هو قادم، فالمجهول بات مصيرا حتميا كما يتحدث الأغلب".
ومن جهة ثانية تتحدث معلومات عن إعلان جماعة الحوثي في ساعات الليل الأولى، حالة الطوارئ، في حين تتحدث معلومات عن تحركات واسعة لجماعة الحوثي، وتتركز على منازل قيادات المؤتمر الشعبي العام، ربما خوفا من أي ردة فعل إزاء مقتل صالح.
كما تتحدث المعلومات عن تحركات واسعة لجماعة الحوثي أيضا عند مداخل العاصمة صنعاء، ويقال إن هناك منع لحركة الدخول والخروج، ولكن لم يتم التأكد من صحة هذا الإجراء.