[ صالح تحالف مع الحوثيين وشنا معاً حربا مفتوحة في اليمن ]
بعد حوالي ثلاث سنوات من الانقلاب في اليمن، وفي ظل الاحتقان الكبير بين الحوثيين والمخلوع صالح، أعلن الأخير الخميس الماضي، الاعتكاف عن العمل الحزبي، وعدم مشاركته مختلف القيادات السياسية والاجتماعية والوجاهات القبلية وغيرهم، أفراحهم وأحزانهم.
وفوض الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا أن ينوبه في تقديم واجب التعازي، أو المشاركة في المناسبات الفرائحية لقيادات وأعضاء المؤتمر وحلفائه وأنصاره وغيرهم، وبحسب ما تسمح به الظروف.
جاء هذا عقب إجراء زعيم المليشيا الحوثية عبدالملك الحوثي، أول لقاء مباشر مع المخلوع صالح، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وبعد أيام من إعلان حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء أن لجنته العامة ستظل في انعقاد دائم.
وتزامن هذا مع إعلان السكرتير الصحفي للمخلوع، نبيل الصوفي، اعتزاله الكتابة السياسة، وتخصيصه برنامجه التلفزيوني في قناة اليمن لمناقشة قضايا المجتمع.
وكشف الصوفي عقب خروجه من اجتماع ضم إعلاميين مؤتمرين وحوثيين، بحضور عدد من قيادات الأخيرين أبرزهم رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" صالح الصماد، كشف عن تهديدهم لهم ووصفهم للإعلاميين بـ"السفهاء" وألفاظ أخرى تحفظ على ذكرها.
ويرى متابعون أن اعتزال صالح مؤشر على فض الشراكة مع الحوثي، خاصة بعد جملة الانتقادات الواسعة التي خرجت بها أعلى سلطة تنظيمية في حزب المؤتمر (اللجنة العامة)، بعد انعقادها الدائم لعدة أيام.
اقتراب النهاية
وقبل أيام قام الحوثيون بتعيين موالين لهم في عدة جهات، أبرزها مجلس القضاء الأعلى، وهو ما أثار غضب حزب المؤتمر الذي انتقد تلك القرارات واعتبرها أحادية الجانب وغير ملزمة، وصدرت دون أن يقرها ما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، في حين قال مراقبون إنها تمهيدا لمحاكمة الحوثيين لشريكهم.
ويؤكد المحلل السياسي فيصل المجيدي أن العمل الاجتماعي بالنسبة لصالح، يمثل الرئة التي من خلالها يتنفس العمل السياسي، وهي ميزة تفوق بها على كل خصومه، وكانت مصدر قوته إذ كان يتواصل حتى مع أعدائه.
واعتبر في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن تخليه عن ذلك مؤشر واضح، على أنه حدث في ظل وجود ضغوط يمارسها عليه شريكه في الانقلاب "الحوثي" الذي أصبح اليوم أكثر قوة في صنعاء، ويهدد بلميشياته الاعلاميين المؤيدين للمخلوع بالاختطاف برغم دعمهم الكبير لهم.
وبدا المخلوع صالح -بالنسبة للمجيدي- عقب إعلانه انسحابه من العمل السياسي، بأنه أصبح بيد الحوثيين وبلا أنياب، بعد أن قام بعمل حكومة مع المليشيا الحوثية التي قامت بالسيطرة على القوة المسلحة والمالية، فتم حصاره وبات اليوم مطالبا بتسليم معسكره الأخير في ريمة حُميد بصنعاء.
وعدَّ ظهور المخلوع صالح في مقابلته التلفزيونية الأخيرة وهو مهزوزا، بأنه تأكيد عملي على أنه قد انتهى، وأن الصراع الآن سيكون بين الحوثيين والشرعية على تركته لا أكثر، والمتمثلة بحزب المؤتمر الشعبي العام.
وكل ما يهم صالح الآن -بحسب المجيدي- هو سلامته وأرصدته، متسائلا " فهل يستطيع أن يحافظ عليها؟".
وأشار إلى الحديث الذي يدور عن تأثر قائد الحراسة الشخصية للمخلوع "طارق محمد عبدالله صالح" بالحوثيين، وإسراعه ليكون الوارث لصالح الذي سلم كل ما بيده من قوة.
ولم يبدِ المجيدي أي تفاؤل إزاء المحاولات الإقليمية لدعم المخلوع وإنعاشه، فالوقت بات متأخرا، مستبعدا أن يقوم صالح بأي مغامرات، فأكبر مغامراته هي الخروج سالما، على حد تعبيره.
فخ يخدم صالح
وفي سبتمبر/أيلول 2014 أسقط الحوثيون صنعاء، بدعم من المخلوع صالح الذي ظل تحالفه معهم غير معلن، إلى أن بات يُصرح به في خطاباته المختلفة.
وذهب المحلل السياسي فيصل علي، بعيدا عن ما طرحه المجيدي، فهو يعتقد أن "الحرب جزء من اللعبة السياسية، والمعركة السياسية أكبر من المعركة العسكرية، وإبعاد المخلوع صالح من الحياة السياسية مسألة فيها نظر، والتقليل من شأنه مجرد فخ يخدمه هو ولا يخدم أعدائه".
وقال لـ"الموقع بوست" إن المخلوع صالح لم يُهزم في أي معركة عسكرية خاضها طيلة فترة وجوده، واستخدم جميع القوى السياسية والاجتماعية والقبلية كوقود للحروب.
وحول إن كان اعتكاف المخلوع صالح عن العمل الحزبي دليل على انهياره، بيَّن أنه من المبكر جدا القول إنه صار ضعيفا أمام الحوثيين الذين سمح بصناعتهم على عينه.
وأردف "المعركة الوحيدة التي هُزم فيها المخلوع صالح، هي معركته أمام شباب ثورة التغيير، التي عبث بها المشترك ودول الخليج عبر مبادرتها".