[ تزينت مواقع التواصل الاجتماعي بصور اليمنيين وهي مكسوة بإطارات ثورة سبتمبر ]
للمرة الأولى منذ أكثر من 50 عاما، احتفى اليمنيون بشكل أكبر وأوسع بالذكرى الـ55 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، التي أطاحت بأسوأ نظام إمامي حكم شمال البلاد لعدة عقود حتى العام 1962.
وبدا ملفتا هذا العام الاهتمام الكبير من قبل اليمنيين من مختلف المكونات بهذه الذكرى المهمة، وتزينت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت بصور المواطنين من مختلف الأعمار، وهي مكسوة بعبارات الاحتفاء بذكرى الثورة اليمنية وعليها العلم الوطني، كتعبير عن رفض أي مشاريع إمامية أو جهوية مقبلة.
وقد كان اليمنيون يبدؤون الاحتفال بهذه الذكرى قبل أيام فقط من موعدها (26 سبتمبر)، إلا أنهم قرروا هذا العام، على غير العادة، أن يحتفوا بذلك منذ الأيام الأولى لهذا الشهر.
حُراس الجمهورية
الناشط الشبابي وليد الجعور، اعتبر ذلك التفاعل الكبير من قِبل اليمنيين مع الثورة، كتظاهرة مجتمعية تحرس الجمهورية وتحتفي بنضال الآباء والأجداد الذين أنهوا للأبد حقبة مظلمة في تاريخ البلاد، ومرحلة حكم استبدادية أسرية كهنوتية ظلامية متخلفة.
وفي حديثه لـ"الموقع بوست"، عدَّ تفاعل المجتمع مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر من مختلف الأطياف والانتماءات، بأنه مؤشر إيجابي لمستوى الوعي المتنامي لدى المجتمع، وشعوره بالأخطار المتنامية التي تواجهها الجمهورية اليوم.
ولعل حالة التفاعل الشعبي الكبير والمتنوع، نتاج شعور أفراد المجتمع اليوم أنهم يواجهون ذات المشروع الإمامي الكهنوتي، وأن انقلاب صالح والحوثي ما هو إلا امتداد لتلك الحقبة الكهنوتية، يردف الجعور.
واستدرك أن حجم تفاعل المجتمع، يأتي كتجديد للعهد لسبتمبر الثورة والجمهورية، وتأكيد على أن لا عودة للوراء.
وكان لافتا للجعور أنه وبالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اليمنيون، فإن ذلك لم يمنع المجتمع اليمني من الاحتفاء بالذكرى الخامسة والخمسين لثورة سبتمبر المجيدة، والدعوة للاحتفال الشعبي بها على أوسع نطاق ممكن.
مغالطات
ولم يقتصر الاحتفال بثورة 26 سبتمبر الجمهوريين فقط، فقد لوحظ أن هناك من استغل هذه المناسبة من تحقيق بعض أهدافهم، وبرغم تأييدهم للإمامة وحديثهم عن الولاية في تناقض لافت.
ويفسر ذلك نائب تحرير صحيفة المصدر على الفقيه، بأنه أولئك إماميون يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم ليسوا نقيضا لثورة سبتمبر وإنما مجددين لها، في محاولة للتغطية على قبحهم، وتمرير النسخة الجديدة من الإمامة بطريقة ناعمة.
ويعتبر أن احتفاء اليمنيين بهذه الثورة وبهذا الزخم، جاء بعد أن رأوا الهجمة الشرسة على الجمهورية والمبادئ التي جاءت بها.
ويعتقد أن الجيل الجديد الذي لم يعايش الإمامة، رأى تجسيداً لهمجيتها وكهنوتها في سلوك جماعة الحوثيين التي عاثت في الأرض فساداً خلال ثلاث سنوات، فوجدوا أن لا مخرج لليمن إلا في التمسك بمبادئ ثورة سبتمبر، والعمل على إحيائها وتجذيرها حتى لا يجدوا أنفسهم في قبضة الإمامة من جديد.
استعادة ألق الجمهورية
ويتفق مع الفقيه، الكاتب الصحفي عبدالله دوبله، الذي أكد أن جيل السبعينيات وما تلاه، لم يكونوا يعرفوا قيمة الجمهورية وسوء الإمامة، لكن النسخة الجديدة منها التي صعدت مع الحوثية، أبدت للناس بشاعة هذه السلالية والعنصرية وقيمة ثورة 26 سبتمبر التي تخلصت منها، وأسست للمساواة والعدل في اليمن في ظل الجمهورية، برغم الاختلالات السياسية التي شابتها خاصة في فترة نظام حكم المخلوع صالح.
وقال لـ"الموقع بوست" إن الوعي بالجمهورية يعني استمرار النضال من أجل الجمهورية والثورة التي قضت على الإمامة.
ويرى أن اليمنيين يرفضون الوجود الحوثي الذي استمر حتى اليوم بالقوة، لكن ذلك لن يدوم مع وجود الوعي الوطني الذي يتم التعبير عنه بهذه الثورة عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، على حد تعبيره.
الجدير بالذكر أن الحوثيين مؤخرا روجوا لما يسمى بـ"الولاية"، ليعلنوا بذلك عن هدفهم المتمثل بإعادة الإمامة إلي اليمن والتي تم القضاء عليها في ثورة 26 سبتمبر 1962.