[ عبدالعزيز المفلحي محافظ عدن ]
يبدو وضع محافظ العاصمة اليمنية المؤقتة عبدالعزيز المفلحي وبعد مرور مئة يوم على توليه منصبه أفضل بكثير من يوم تعيينه في السابع والعشرين من أبريل/نيسان الماضي خلفاً للواء عيدروس الزبيدي.
بدأ الرجل عهده برسائل طمأنة لشرائح عدة أهمها القطاع الخاص ورجال الأعمال والمنظمات الدولية والشارع اليمني عموما وتعزيز ثقافة المحبة والتسامح ونبذ دعوات الكراهية والمناطقية، ومحذراً من مخاطر تأجيج الصراعات.
فبدأ عملية إعادة الإعمار وحركة المشاريع التنموية والخدمية التي تشهدها عدن، والتي كانت متعثرة في عهد سلفه، مكنته من الظهور كرجل إداري فذ يلبي كل احتياجات المرحلة.
وكشف المفلحي في تصريحات صحفية عن وجود مبالغ تمويل المرحلة الأولى من خطة إعادة الإعمار مقدمة من الصندوق العربي في الكويت منذ عامين ولم تستخدم حتى اللحظة.
ينتهج المحافظ خطابا تصالحيا تنمويا ينطلق من آمال الشارع في تحسن الأوضاع وانتهاء الأزمات المتلاحقة التي أثقلت كاهل المواطن، وتحركا على الميدان يبشر بعهد جديد في محاولة ذكية توحي بشخصية المحافظ الذي ينشط بعقلية التاجر صاحب الأرقام والإنجازات لا المناضل صاحب الشعارات.
ملف الإعمار
صباح أمس الثلاثاء وقع محافظ عدن مع ممثلي شركات المقاولات المنفذة عقود المشروع الذي يستهدف في مرحلته الأولى مديريات التواهي وصيرة والمعلا، بتكلفة خمسة مليار وثمانمئة مليون ريال يمني.
كما يشمل المشروع في مرحلته الثانية مديرية خورمكسر بتكلفة سبعة مليارات ريال يمني، والمرحلة الثالثة مديريات الشيخ عثمان ودار سعد والبريقة والمنصورة بتكلفة سبعة مليارات وتسعمئة وخمسين مليون ريال يمني.
وعقب التدشين والتوقيع، قال المفلحي "بدأنا أولى خطوات وضع مداميك البناء والتعمير، والتي لن تنتهي إلا باستكمال بناء ما دمرته الحرب"، وبارك لأبناء عدن عامة بدء عملية إعادة الإعمار التي تعتبر بمثابة إعادة الروح لمدينة عدن.
مضيفاً "لن نكتفي ببناء العمران، بل سنمتد إلى بناء الإنسان، كون وجود الكادر المؤهل يعد داعماً رئيسياً للدفع بعجلة البناء والتنمية وتعزيز ديمومتها".
وتعثر مشروع إعادة إعمار عدن عن التنفيذ لأكثر من عامين منذ تحريرها من مليشيا الحوثي وقوات صالح في يوليو/تموز من العام 2015.
وعلى عكس سلفه الذي كان صدامياً معها، يستفيد المفلحي من تواجد الحكومة ونشاطها في دعم مختلف المشاريع في العاصمة المؤقتة لاسيما في قطاع الكهرباء الذي أحدث تحسناً كبيراً بعد توفير نحو 75% من إجمالي احتياج المدينة و تقلصت معها ساعات الانطفاء إلى حد كبير، إضافة إلى الخطوات الحثيثة لإعادة عمل السلطة القضائية والنيابات واستئناف نشاطها بالكامل.
تحديات
مؤخرا كاشف المفلحي أثناء لقائه بالمكاتب التنفيذية بحجم الفساد الذي تواجهه السلطة المحلية والحكومة الشرعية والذي يقف حجر عثرة أمام دوران عجلة التنمية، مؤكداً بأن عدن لا تزال تنهب على يد عناصر موالية للحوثيين وصالح في عدن.
واضاف "نعم انها ثروة منهوبة إلى حد الآن من قبل عصابات عفاش والحوثي وبأيدٍ جنوبية".
وأكد بأن تلاميذ الفساد في عدن تفوقوا على معلميهم في فنون السرقة والنهب.
تصريحاته الصريحة ضد الفساد أشعلت منصات التواصل الاجتماعي وأكسبته تعاطفا وزخما في أوساط المثقفين والمواطنين البسطاء.
وفيما يخص المجلس الانتقالي ومستقبل القضية الجنوبية بدا المفلحي أكثر وضوحا في انتقاد المجلس الانتقالي بخروجه عن الواقع حين ادعى إدارته للداخل الجنوبي وتمثيل الجنوب في الخارج في أي مفاوضات قادمة، مشيراً بأن تلك الخطوة كانت ستجلب الضرر الكبير على مستوى القضية الجنوبية وعلى الحكومة الشرعية والتحالف معًا.
مضيفا في حوار مطول أواخر يوليو الماضي -نشرته صحيفة "الأيام"- "إننا مع الشرعية ومع التحالف، ولذلك لا يجب أن يكون خطابنا خارجا عن هذه الإستراتيجية".
وفيما يخص مستقبل الجنوب جدد الدعوة "إلى كلمة سواء بأن نعترف أن من حق شعبنا أن يقرر مصيره، وقد قرر مصيره من خلال خياره في مؤتمر الحوار بالدولة الاتحادية"
مضيفاً "علينا احترام الإرادة الشعبية للشعب اليمني لما قرره في مؤتمر الحوار واحترام مخرجاته واحترام مسودة دستوره، وكذلك الإقرار بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرار 2216 إذا أردنا بالفعل التحرك بالاتجاه الصحيح".
الإمارات
حتى الآن لم يتمكن المحافظ من استلام مبنى ديوان المحافظة وسكن المحافظ، حيث يقيم في القصر الرئاسي في معاشيق، وأرجع المفلحي السبب لـ"ظروف الخارجة عن إرادتنا جميعًا وهي ربما لأسباب فنية وجزء منها سياسية ربما، تم بسببها تأجيل استلام المحافظة بالرغم من أن الجميع جاهزون لموضوع الاستلام والتسليم"، في حوار مع صحيفة "الأيام".
ويبدو أن الجزء السياسي الذي لمح له المفلحي هو رفض الإمارات التعامل معه منذ تعيينه حيث لم يلتق به أي مسؤول إماراتي وهو ما يعكس امتعاض أبوظبي ورفضها لتسهيل عمله وتمكينه من أداء مهامه على النحو الأرجح وهو الذي يرفض الإفصاح عنه صراحة.
مؤخرا أثنى على الدور الإماراتي الكبير الذي اِمتد من المهرة شرقاً إلى المخا غرباً، و لا يُمكن تغطية بغربال الأكاذيب مدفوعة الثمن.
محافظ عدن كان يتحدث بعد تناولات إعلامية حاولت حرف كلامه أثناء لقائه بالمكتب التنفيذي للعاصمة المؤقتة والإيقاع بينه ودولة الإمارات.
يحاول الأخير بالنأي بنفسه عن الاستقطاب والمناكفات السياسية على قاعدة مع أو ضد، و يقدم نفسه كرجل اقتصاد وتنمية وخدمات، مستفيدا من أخطاء سلفه خصوصا في ملف التعامل مع دولة الإمارات.
وأشاد المفلحي بالدور الكبير الذي قدَّمته الإمارات، والذي تنوَّع في كافة المجالات عسكرياً، وخدمياً، وإغاثياً، واِمتد على طول الجغرافيا المُمتدة من المهرة غرباً إلى ساحل البحر الأحمر شرقاً، مشيراً بدورها المحوري في تحرير عد وتأمينها.