[ جامع التوحيد بتعز واحد من المساجد التي عاثت بها المليشيا في تعز ]
في سابقة إجرام وإصرار وترصد، أقدمت المليشيات الانقلابية على استهداف المصلين في بيوت الله الآمنة كدور للعبادة والتي يجرم القانون الدولي استهدافها خلال الصراعات المختلفة، وكذلك الأعراف والقوانين والتشريعات المختلفة، استهدفت فيها المصلين وهم يؤدون صلاة الجمعة في مسجد كوفل بمارب.
حينما دخل المصلون إلى المسجد لأداء عبادة صلاة الجمعة، كان الجميع لا يحمل سوى هم العبادة وأداء فريضة الجمعة، معتقدين أنه لا يمكن استهداف المساجد أثناء الصلوات. غير أن تلك الاعتقادات دمرها الانقلابيون باستهداف المسجد بثلاثة صواريخ أدت إلى تدميره وقتل بعض المصلين فيه وإصابة الكثيرين منهم.
وبالنظر إلى التاريخ القريب، من عهد الرئيس السابق أيضاً، هناك سلسلة جرائم مشابهة لحادثة مسجد كوفل التي لم تكن الأخيرة طالما ظلت هذه المليشيات تسرح وتمرح في الوطن تخريباً ودماراً أو ظل الانقلاب هو المهيمن على الساحة الوطنية دون رادع.
كثيراً ما كان صالح يردد في وسائل الإعلام أنه تم الاعتداء عليه في وقت صلاة جمعة، وأن "إسرائيل عندما اغتالت الشيخ أحمد ياسين انتظرت حتى يخرج من المسجد واغتالته بعد الصلاة خارج المسجد"، بينما كان قتل صالح لشباب الثورة السلميين وهم يصلون.
محطات قصف المصلات والمساجد
• في يوم جمعة البداية في ساحة الحرية بمدينة تعز في يوم 18 فبراير 2011، وبينما كان شباب الثورة يؤدون صلاة الجمعة، هاجم مسلحون مؤيدون للرئيس السابق ساحة الحرية وألقى أحدهم قنبلة وسط المصلين أدت إلى استشهاد أول شهداء الثورة في تعز مازن البذيجي، وإصابة 28 آخرين بجروح مختلفة.
• في يوم السبت 12 مارس 2011، اقتحمت قوات الأمن المركزي ساحة التغيير بصنعاء أثناء صلاة الفجر، وإذ بقوات الأمن المركز وجهازي الأمن القومي والسياسي ومجموعات مسلحة مصحوبة بعربات مدرعة، تهاجم ساحة الاعتصام وقت الصلاة، مستخدمة قنابل غازية خانقة تستخدم لأول مرة في اليمن ولم يعرفها اليمنيون من قبل، على أنها قنابل مسيلة للدموع، بينما هي قنابل غازية خانقة تسبب شللاً مؤقتاً واختناقاً حاداً ورعشة، وتؤدي إلى فقدان الوعي ونزيف داخلي والتهابات حادة في العيون وفي الأغشية المخاطية، حتى أن الأطباء عجزوا عن كيفية التعامل معها، وتسبب أمراضاً مستديمة.
• وفي يوم الجمعة 18 مارس 2011، هاجمت قوات الأمن المركزي ساحة التغيير مجدداً أثناء صلاة الجمعة، التي أسميت جمعة الكرامة، وباشرت بإطلاق الرصاص الحي على المصلين وهم يؤدون صلاة الجمعة، فاستشهد أكثر من 43 شهيداً، وأصيب المئات بالرصاص الحي والحجارة والقنابل الغازية، وكانت من أهم محطات ثورة الشباب أدت بعد ذلك إلى تهاوي نظام صالح، بينما كانت هناك طائرة مروحية تشرف على تلك المجزرة المروعة والجريمة البشعة للمخلوع صالح ونظامه.
• وفي يوم الإثنين 4 أبريل 2011/ 30 ربيع آخر، وبينما كان شباب تعز يؤدون صلاة العشاء وسط شارع جمال، قامت قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري بالاعتداء عليهم، وإطلاق الرصاص الحي والقنابل الغازية على المتظاهرين أمام مبنى المحافظة وفي جولة حوض الأشرف، مما أدى إلى استشهاد 7 من المتظاهرين وأصيب أكثر من 800 آخرين بالغاز الخانق، كما أصيب 50 آخرون بالرصاص الحي. وعرف ذلك اليوم عند أبناء تعز بـ"الاثنين الدامي".
• في يوم الجمعة 3 يونيو 2011، حصل انفجاران كبيران في مسجد دار الرئاسة بصنعاء، أثناء صلاة الجمعة، ما تسبب بإصابة صالح بجروح بالغة هو وبعض أركان نظامه، وقتل فيهما بعض الضباط.
• وفي يوم السبت 13 أغسطس، قام الطيران الحربي بقصف قرى أرحب ودمر مسجداً هو أكبر مساجد قرى شعب، وهو خامس مسجد تدمره قوات صالح في أرحب، وأسفرت الغارات عن سقوط عدد من الجرحى، وتضرر عشرات المنازل والمنشآت العامة، وتسبب القصف بتدمير مسجد أثري يعود إلى العام 1070 للهجرة، وألحق أضراراً بليغة في المسجد الجديد في القرية.
• وفي يوم الاثنين 5 سبتمبر 2011، شن الطيران الحربي التابع للرئيس السابق غارات جوية استهدفت الجامع الكبير ومستشفى الرازي وثانوية مدينة جعار محافظة أبين، أسفر القصف عن سقوط 30 شهيداً من المدنيين وعشرات الجرحى، ونزوح المئات من السكان إلى مدينة عدن وبعض القرى المجاورة.
• وفي يوم الأحد 11 سبتمبر 2011، قصفت قوات الحرس الجمهوري التابعة لصالح بالصواريخ والمدافع بعيدة المدى، وتسبب القصف بتدمير منازل للمواطنين وممتلكاتهم ومسجداً في قرية البوة، واستشهد مواطن.
• في يوم الخميس 10 نوفمبر 2011، قصفت قوات صالح بالمدفعية مسجد الرأفة ودمرته وإحراق عدد من المنازل في حي زيد الموشكي.
• وفي يوم الجمعة 11 نوفمبر 2011، بينما كان خطيب الجمعة يخطب في المصلين بساحة الحرية بتعز قامت قوات صالح المتمركزة في مستشفى الثورة وجبل جرة وقلعة القاهرة بقصف ساحة الحرية ومصلى النساء في الساحة، وارتكبت مجزرة بشعة في حق المصلين راح ضحية ذلك القصف 14 شهيداً وشهيدة؛ ثلاث من النساء المتجمعات للصلاة، وثلاثة أطفال وسبعة من شباب الساحة دون مراعاة لحرمة الصلاة ولا عزلتهم من السلاح، مما أثار غضب اليمنيين عموماً.
• في يوم الجمعة 14 يوليو 2015، قصفت المليشيات الانقلابية مسجد السعيد بعصيفرة بقذيفتين مدفعيتين والناس يؤدون صلاة الجمعة واستهدفوا بشكل مباشر، وهو أكبر مساجد المحافظة، وكان مكتظاً بالمصلين، وكذلك قصف جامع المختار في شارع المغتربين، وسقط العديد من الشهداء من بينهم أربعة من أسرة واحدة، وأكثر من 30 مصاباً.
استهداف المساجد في مسيرة الانقلاب
وفي مسيرتهم الانقلابية من صعدة وحتى مدينة عدن في أقصى جنوب اليمن، قام الانقلابيون بتدمير وقصف أكثر من 80 مسجداً، منها ما تدمر تدميراً كلياً ومنها ما تدمر جزئياً، ولم تسلم من ذلك التدمير حتى المساجد والمدارس التاريخية الأثرية، كمسجد أرحب وجامع ومسجد الأشرفية بتعز، ومسجد كريتر بعدن.
كما لم تسلم من القصف والتدمير مدارس تحفيظ القرآن الكريم ولا المعاهد العلمية أو الجامعات الإسلامية الأخرى.
كما لم تسلم المعالم التاريخية والأثرية في تعز ومارب من استهداف الانقلابيين لها بالتدمير والتخريب.
تجريم استهداف دور العبادة في القانون الدولي
لم تكن الأعراف أو القوانين المحلية فقط هي من تجرم استهداف المساجد ودور العبادة والمستشفيات والأماكن الأثرية والثقافية بالقصف والحروب المختلفة، بل إن القانون الدولي يجرم هذه الاستهداف.
وجاء في المادة 27 (4) من الملحق الرابع من اتفاق لاهاي 1907 نصت على وجوب أن تتخذ القوات العسكرية في حال حصارها "كل الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للمعابد وللفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية". كما حظرت المادة 22 من الاتفاق ذاته "ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب".
ونصت المادة 56 من اتفاق لاهاي 1954 على تحريم "حجز أو تخريب المنشآت المخصصة للعبادة... والمباني التاريخية". كما نصت المادة 53 من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني، لاتفاقية جنيف الرابعة 1949، على "حظر ارتكاب أي أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعب".