[ هادي مع المبعوث الإماراتي - أرشيف - سبأ ]
تتسارع الأحداث في العاصمة المؤقتة عدن على نحو مقلق ويفتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول مستقبل العلاقة بين الرئيس هادي والسلطة الشرعية ودولة الإمارات العربية المتحدة التي تقود قوات التحالف العربي في عدن.
لم يعد الخلاف بين الطرفين خافيا، لكن أحداث مطار عدن الأخيرة، أبرزت إلى السطح حجم تلك الخلافات، والتي وصلت حد دعم تمرد قائد حراسة المطار المقدم صالح العميري، وتدخل طائرات إماراتية لإسناده في مواجهة قوات الحرس الرئاسي التابعة للرئيس هادي، واستهداف عربة عسكرية (طقم) تابعة لها نتج عنه إصابة جنود، إضافة إلى أن الأحداث الأخيرة أفرزت خارطة اصطفاف لتشكيلات وقيادات عسكرية مع الطرفين، كما يهدف الرئيس هادي من خلال حادثة المطار إلى إظهار حجم العراقيل الإماراتية في وجه السلطة الشرعية.
عرقلة نشاط المطار
وكان الرئيس هادي قد أصدر قراراً بتعيين الخضر صالح كرده قائدًا لحراسة أمن مطار عدن خلفاً للعميري، نهاية يناير الماضي، وتتهم الحكومة العميري بعرقلة نشاط المطار الملاحي.
وكان جنود يتبعون العميري منعوا، يوم الجمعة الماضي، دخول موظفين ومسافرين إلى داخل المطار.
وقال مسافرون على طيران اليمنية وآخرون من موظفي المطار إنهم مُنعوا من دخول المطار صباحا من قبل عدد من الجنود الذين يتولون حراسة المطار، الأمر الذي أدى إلى تأخر إقلاع الطائرة في موعدها، ويقول الجنود إنهم لم يتسلموا مرتباتهم منذ أشهر مضت ويطالبون بصرفها.
منع لهبوط الطائرة الرئاسية
ووفقاً لمصادر متطابقة فإن العميري منع هبوط الطائرة الرئاسية والتي كانت تقل الرئيس هادي، الاثنين الماضي، قادماً من السعودية ما اضطرها إلى تحويل وجهتها نحو محافظة سقطرى.
العميري كان إمام مسجد وقيادي سلفي قبل اندلاع الحرب، ومُنح رتبة مقدم وعُين على رأس كتيبة ضمن لواء زايد السلفي والذي شكلته الإمارات وتتولى وحدات تابعة له مهمة حماية مطار عدن الدولي.
منع الطائرة الرئاسية من الهبوط لم تكن الحادثة الأولى ضد مسؤول حكومي، فقد سبق وأن اشتبك العميري مع قوات تابعة لمعسكر زايد والذي يقع في محيط المطار ليلة وصول رئيس الحكومة بمعية وزراء حكومته إلى العاصمة المؤقتة عدن في الخامس من يونيو من العام الفائت.
تمرد وتحذير للإمارات
فجر الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٧ اندلعت اشتباكات في محيط مطار عدن الدولي بعد تطويق قوة عسكرية تابعة للحماية الرئاسية في محيط مطار عدن الدولي، عقب رفض القوة العسكرية المكلفة بحماية المطار أوامر من رئاسة الجمهورية بإقالة العميري، ورفضه الاستجابة لاستدعاء الرئيس له إلى قصر معاشيق بعدن.
وانتقد ائتلاف القيادة العامة للمقاومة ما أسماها عمليات تدخل يقوم بها ضباط إماراتيون في شؤون مدينة عدن، وطالب في بيان له ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد بوقف تلك التدخلات، مؤكداً وقوفه المطلق مع قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي، ملوحاً بالتصدي لأي تمرد من قبل أبطال المقاومة وأفراد المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد.
اشتباكات واعتقالات
وفي غضون ذلك، اشتبكت قوة عسكرية من معسكر لواء النقل موالية للرئيس هادي بقيادة العقيد أمجد خالد ومحمد البوكري مع تعزيزات عسكرية لقوات من الحزام الأمني في محيط جولة كالتكس بمديرية المنصورة قدمت لفك الحصار عن المطار، ووُصفت الاشتباكات بالعنيفة، واستُخدمت فيها الأسلحة الرشاشة وقذائف الأربيجي.
وأسفرت الاستباكات عن احتراق عربتين عسكريتين (طقمين) ومقتل شخص مدني، في حين تم اعتقال قائد قوات الطوارئ في الحزام الأمني منير المشألي وثمانية جنود بينهم جريح كانوا برفقته وثلاث عربات عسكرية (أطقم).
تغيب المحافظ ومدير الأمن
تلى ذلك اجتماع للجنة الأمنية العليا ترأسه الرئيس هادي في معاشيق تغيب عنه محافظ عدن ومدير أمنها واللذان يرجح رضوخهما لضغوط إماراتية بعدم الحضور.
وأقر الاجتماع تشكيل وتفعيل غرفة عمليات مشتركة تابعة لوزارة الداخلية في العاصمة المؤقتة عدن لتوحيد المعلومة وتسهيل اتخاذ القرار بما يعزز استتباب الأمن بصورة عامة.
واشتراط ترقيم حراسة أمن المطار كأفراد يتبعون وزارة الداخلية في حين أنهم لا يزالون ينتسبون لقوات الحزام الأمني، وذلك لصرف مرتباتهم بصورة عاجلة، وعقب الاجتماع وجه الرئيس بسحب كافة القوات العسكرية التي حاصرت مطار عدن ليومين.
وجاءت هذه التوجيهات في حين عقدت اللجنة الأمنية بعدن اجتماعا استمر لساعة كاملة وانتهى بالتوافق على تسوية سلمية لمشكلة مطار عدن.
جهود تهدئة
وكان وكيل محافظة عدن عبدالرحمن شيخ والقيادي المقرب من الوزير هاني بن بريك تحدث في تسجيل صوتي عن جهود مبذولة توصلت إلى تسوية بناء على توجيهات الرئيس هادي، وتتضمن أن يتولى نائب القوة التي تتولى حماية مطار عدن وهو الخضر صالح كردة مهام قيادة القوة في الوقت الحالي خلفا للعميري.
ويتضمن الاتفاق سحبا لكافة المسلحين من كافة المواقع المحيطة للمطار وإعادة نشر نقاط قوات الحزام الأمني التي كانت تنتشر في عدة مواقع سابقا.
كلام وكيل المحافظة أكده نائب قائد أمن مطار عدن المقال الخضر صالح كردة، وهو الضابط الذي كلفه الرئيس هادي بتولي مهام قيادة القوة العسكرية المرابطة بمطار عدن الدولي، أمس الأحد، حيث أكد تسلمه رسميا التوجيهات الرئاسية.
وقال كردة إن جهودًا تبذل لإتمام عملية الاستلام والتسليم للقوة الموجودة داخل المطار، وتوقع كردة أن يتم الاستلام والتسليم قريبا.
لكن قائد الحماية الأمنية لمطار عدن المقال المقدم صالح العميري نفى التوصل لاتفاق يقضي بتسليم مهامه إلى نائبه، مؤكدا أن الاتفاق الذي أُبرم بين الرئيس هادي وقيادة قوات التحالف العربي تتضمن إبقاء الأمور على ما هي عليه داخل المطار.
وقال العميري إنه تم الاتفاق على أن تبقى القوة العسكرية المكلفة بحماية المطار مثلما هي بدون أي تغييرات في حين يتم سحب كافة القوات التي تحاصر المطار ويتم فتح الطريق البحري أمام حركة المرور، ولا يزال الوضع على حاله السابق حتى ساعة الكتابة.
ضوء أخضر سعودي
تأتي حادثة المطار لتكشف مستوى الخلاف بين الرئيس هادي والإمارات، لكن المتغير الجديد هو تحرك الرئيس هادي والذي ينظر إليه من قبل مراقبين على أنه تكتيك لإقناع السعوديين بدور الإمارات السلبي في العاصمة المؤقتة عدن، وذلك بعد لقائه بولي ولي العهد السعودي الأسبوع الماضي، والذي يعتقد حصول هادي خلاله على ضوء أخضر سعودي للتحركات الأخيرة.
تحرك هادي الأخير وقرارات اللجنة الأمنية العليا بإنشاء غرفة عمليات موحدة تتبع وزارة الداخلية ينظر لها بمثابة إجراءات تمهد لإجراءات أكثر صرامة وربما معركة مؤجلة مع عدة أطراف تساهم في خلط الأوراق في العاصمة المؤقتة عدن.
فالسعودية، بحسب مراقبين، لم تعد بحاجة إلى مداراة الإماراتيين كما في عهد إدارة أوباما، فالإدارة الجديدة تعتبر السعودية حليفا رئيسيا في المنطقة، وهو ما يدفع بالإمارات إلى ارتكاب أخطاء جديدة في اليمن، في محاولة منها لتسويغ القبول بتسوية سياسية في اليمن تبقي على الحوثي وصالح مستقبلاً.
قوات سودانية
كما أنه من المتوقع أن تستعيض السعودية بقوات عسكرية إضافية من دولة السودان لسد أي فراغ محتمل قد يتسبب به الإماراتيون، وكشف الرئيس السوداني عمر البشير في مقابلة مع قناة "العربية" عن أن قوات من الجيش السوداني تُجهز لتنقل إلى المملكة ومن ثم إلى اليمن، مؤكداً أن السودان لن تسمح بأن تستغل أرضها ضد المملكة.
وأكد الرئيس السوداني أن هناك توافقاً كاملاً في الآراء والمواقف مع السعودية، مشيداً بتطور العلاقات بين الجانبين على المستوى السياسي والاقتصادي والاستثماري والعسكري.
اصطفاف مع الطرفين
حادثة المطار أظهرت حجم الفرز والاصطفاف بين التشكيلات العسكرية والقيادات المدنية والأمنية سواء مع السلطة الشرعية برئاسة هادي أو القوات الإماراتية، حيث شكل تغيب اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن واللواء شلال مدير الأمن عن اجتماع اللجنة الأمنية العليا دعم الرجلين مؤشرا لما تقوم به الأطراف المؤيدة للإمارات داخل عدن وفي مقدمتها سلطة المدينة ومحافظها وقوات الحزام الأمني التابعة للوزير السلفي هاني بن بريك الموالي للإمارات.
وهو ما حدا بالرئيس هادي إلى إيفاد مدير مكتبه وقائد الحرس الرئاسي إلى أبو ظبي في محاولة لتوجيه رسالة إلى الداخل بحصر الخلاف مع الإماراتيين وليس وكلائهم.
في حين يقف أغلب القيادات العسكرية والأمنية في صف الرئيس هادي، إضافة إلى قيادات المقاومة والتيار السلفي الموالي للمملكة العربية السعودية والذي يعد بسام المحضار ومهران قباطي أبرز رموزه، بالإضافة إلى قائد لواء النقل العقيد أمجد خالد.
ويضع الموقف الأخير لمحافظ عدن ومدير أمنها في خانة الاصطفاف خلف المتمردين ضد الشرعية وقرارات الرئيس هادي، وهو ما قد يمهد الطريق إلى التسريع بإقالتهما.