اعتقلت السلطات الإيطالية ماتيو ميسينا دينارو، زعيم المافيا الإيطالي المطلوب، في صقلية بعد 30 عاما من فراره من قبضة العدالة.
وأفادت تقارير بأنه ألقي القبض عليه في عيادة خاصة في باليرمو عاصمة صقلية، حيث كان يتلقى العلاج من السرطان.
ويعتقد إنه زعيم مافيا كوزا نوسترا المعروفة، وقد حوكم غيابيا وصدر عليه حُكم بالسجن مدى الحياة في عام 2002 لارتكاب جرائم قتل عديدة.
وشارك في اعتقاله أكثر من 100 فرد من قوات الشرطة.
وذكرت وسائل الإعلام الإيطالية أن ميسينا دينارو قبض عليه قبل الساعة 00:10 بحسب التوقيت المحلي واقتيد إلى مكان سري. وأفادت تقارير بأنه كان يزور العيادة باسم مستعار لتلقي العلاج الكيميائي من السرطان.
ويظهر مقطع فيديو تداولته وسائل إعلام إيطالية أشخاصا يقفون في الشارع يصفقون للشرطة الإيطالية، بينما كان ميسينا دينارو يقتاد بعيدا.
ومن بين جرائم القتل التي أدين بها قتل المدعيين العامين اللذين كانا يلاحقان المافيا، جيوفاني فالكوني، وباولو بورسيلينو عام 1992، والهجمات الدامية عام 1993 في ميلانو وفلورنسا وروما، واختطاف وتعذيب وقتل طفل في الحادية عشرة من العمر لأن والده تحول إلى شاهد ضد المافيا.
وأشرف رئيس المافيا أيضا على عمليات ابتزاز، وإلقاء نفايات بطريقة غير قانونية، وغسل أموال، وتهريب مخدرات لعصابة الجريمة المنظمة القوية، كوزا نوسترا.
وكان دينارو بحسب تقارير ضمن حاشية توتو ريينا، زعيم عائلة كورليوني، الذي قبض عليه في عام 1993 بعد 23 عاما من الهروب.
وأطلق على ميسينا دينارو لقب "ديابوليك" وهو اسم لص يستحيل الامساك به، في سلسلة كتب فكاهية تحمل اسم "يو سيكو" (أي النحيف).
ويُعتقد أنه آخر "حملة أسرار" كوزا نوسترا. ويرجح العديد من المخبرين والمدعين العامين أنه يحمل جميع المعلومات وأسماء الضالعين في العديد من الجرائم البارزة التي ارتكبتها المافيا، بما في ذلك الهجمات بالقنابل التي قتلت القاضيين فالكوني وبورسيلينو.
وعلى الرغم من أن ميسينا دينارو كان هاربا منذ عام 1993، فإنه يُعتقد أنه كان لا يزال يصدر أوامر لمرؤوسيه من مواقع سرية مختلفة.
واقترب المحققون الإيطاليون مراراً على مدى عقود من القبض على ميسينا دينارو من خلال مراقبة المقربين منه.
وأدى ذلك إلى اعتقال شقيقته باتريشيا والعديد من شركائه الآخرين في عام 2013. كما صادرت الشرطة أيضا شركات قيمة مرتبطة بميسينا دينارو، مما جعله معزولا بشكل متزايد.
وكانت هناك صور قليلة لميسينا دينارو، واضطرت الشرطة إلى الاعتماد على المعادلات الرقمية لإعادة بناء مظهره في العقود التي أعقبت هروبه. ولم يصدر تسجيل لصوته حتى عام 2021.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، قبض على مشجع للفورمولا 1 من ليفربول تحت تهديد السلاح في مطعم بهولندا بعد أن ظن رجال الأمن خطأ أنه ميسينا دينارو.
وتسمر الإيطاليون أمام الشاشات صباح الاثنين عندما انتشرت أنباء القبض على زعيم المافيا.
وكان ميسينا دينارو، لسنوات، رمزا لعجز الدولة عن الوصول إلى القيادات العليا في عصابات الجريمة المنظمة.
وسيكون اعتقاله علامة غير متوقعة على الأمل في إمكانية القضاء على المافيا حتى في المناطق الجنوبية من البلاد، حيث يُنظر إلى الدولة على أنها غائبة إلى حد كبير وغير فعالة.
وصرحت آنا سيرجي، أستاذة علم الإجرام بجامعة إسكس، لبي بي سي أن اعتقال ميسينا دينارو "ليس فقط لأنه كان رئيس كوزا نوسترا، ولكن لأنه يمثل آخر هارب أرادت الدولة الإيطالية حقا الوصول إليه. ولهذا السبب رأينا الناس يصفقون في باليرمو وسبب شعور الدولة بالنصر لأن الأخبار تبدو وكأنها النهاية".
ومع ذلك فمن المرجح أن تثار أسئلة حول توقيت الاعتقال.
وقالت البروفيسورة سيرجي: "لم يتضح بعد كيف حدثت مداهمة العيادة صباح الاثنين، ومن الذي أبلغ السلطات وكيف كان من الممكن لميسينا دينارو أن يتجول في صقلية، التي يفترض أنها كانت محمية، لمدة 30 عاما".
وأضافت: "نحن نعلم الآن أن ميسينا دينارو كان يعالج من السرطان، لذا فهو مريض جدا. ولهذا السبب يقول الناس إن شخصا ما في عالم الجريمة قرر أنه لم يعد مفيدا.
وهذا يعني أنه من المحتمل أنه كان لا يزال جزءا من الهيكل وحيث يوجد تبادل للمصالح بين المافيا والدولة، ويمكن لأحدهم التخلي عن شخص مقابل شيء ما ".
وفي أعقاب الاعتقال تدفقت إشادة بعمل قوات الأمن من مختلف الأطياف السياسية.
وقال جيان كارلو كاسيلي، القاضي والمدعي العام السابق، إن اعتقال ميسينا دينارو كان "استثنائيًا ... حدث تاريخي" قد يؤدي إلى تطورات مهمة في التحقيقات الجارية في تفجيرات عام 1993 التي أودت بحياة 10 أشخاص في جميع أنحاء إيطاليا".
وهنأ الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، الذي قتل شقيقه بيرسانتي على يد كوزا نوسترا في عام 1980، وزير الداخلية ورجال الأمن.
كما شكرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، قوات الأمن على عملها في اعتقال "أهم عضو في عصابة المافيا الإجرامية"، مضيفة: "هذا انتصار كبير للدولة".