[ ما هي فرص صمود الهدنة في اليمن؟ ]
مر شهران على الهدنة في اليمن التي بدأ سريانها في 2 أبريل/ نيسان الماضي، برعاية الأمم المتحدة ضمن الجهود الرامية لتخفيف الأعباء الإنسانية عن السكان الذين يواجهون إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
ومطلع أبريل الماضي، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، موافقة أطراف الصراع في البلاد على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد، بدأت في اليوم التالي.
وفي 31 مايو/ أيار الفائت، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بضرورة تمديد الهدنة، وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
وهذه الهدنة هي الأولى منذ عام 2016 على مستوى اليمن الذي يشهد منذ أكثر من 7 سنوات، حربا أحد طرفيها قوات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية منذ مارس/ آذار 2015.
وتقاتل هذه القوات مسلحي جماعة الحوثي المدعومين من إيران، والمسيطرين على معظم محافظات الشمال اليمني بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
* هدنة مليئة بالخروقات
رغم أن الهدنة استطاعت خفض مستوى الصراع بشكل كبير، وفق مراقبين، فإن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي تبادلتا الاتهامات بارتكاب آلاف الخروقات منذ بدء سريانها.
وفي 21 مايو الماضي، أعلن الجيش اليمني أن "مليشيا الحوثي ارتكبت أكثر من 4 آلاف و200 خرق للهدنة منذ بدايتها، بينها قنص جنود ودفع بتعزيزات عسكرية مكثفة، واستهداف مواقع الجيش بطائرات مسيرة مفخخة".
وفي اليوم التالي، اتهمت جماعة الحوثي القوات الحكومية بارتكاب أكثر من 7 آلاف خرق للهدنة في عدة جبهات.
وخلال فترة الهدنة، سقط عشرات من أفراد الجيش اليمني وعناصر جماعة الحوثي بين قتيل وجريح، دون وجود إحصاء رسمي بشأن ذلك.
والأربعاء (1 يونيو/ حزيران الجاري) أعلن العليمي سقوط أكثر من 70 شهيدا بينهم أطفال بنيران المليشيا الحوثية خلال فترة الهدنة، وفق تصريح نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.
* فتح الطرقات
كان ملف فتح الطرقات المغلقة خصوصا في محافظة تعز (جنوب غرب) التي يحاصرها الحوثيون منذ سبع سنوات، أحد أبرز البنود التي نصت عليها الهدنة.
لكن حتى اليوم، لم يتم إحراز تقدم في سياق فك الحصار عن تعز، وفتح الطرقات في المحافظات الأخرى.
ولعل أبرز ما تم في هذا السياق، هو عقد مشاورات بين ممثلين عن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، في العاصمة الأردنية عمان، انطلقت في 25 مايو الماضي.
وبعد 3 أيام من انعقادها أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن اختتامها، دون إعلان عن تقدم فعلي بخصوص فتح الطرقات.
وأوضح غروندبرغ في بيان حينها، أنه "تم وضع اقتراح لإعادة فتح الطرق بشكل تدريجي (لم يذكر الجهة التي وضعته) ، تضمن آلية للتنفيذ وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين، بناءً على النقاشات التي استمرت 3 أيام والخيارات التي طرحت من قبل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي".
وعقب اختتام هذه المشاورات قال عبد الكريم شيبان رئيس الفريق الحكومي في لجنة فتح الطرقات، في بيان، إنه "سيتم عقد جولات جديدة من المباحثات في الأردن، من أجل فك الحصار عن تعز وفتح الطرقات، خلال أيام".
وخلال الهدنة، شهدت تعز احتجاجات شبه يومية، طالبت بضرورة فك الحصار عن المدينة، كان أبرزها خروج الآلاف في 25 مايو الماضي في مسيرة حاشدة تنديدا باستمرار الحصار.
* تدفق الوقود عبر ميناء الحديدة
نص اتفاق الهدنة على ضمان تدفق الوقود بشكل سلس عبر ميناء الحديدة (غرب) الواقع تحت سيطرة الحوثيين منذ 2014.
وبحسب الاتفاق، تسمح الحكومة اليمنية بوصول 18 سفينة نفطية إلى هذا الميناء الحيوي خلال شهري الهدنة.
ووصلت أول سفينة نفطية إلى ميناء الحديدة في اليوم الثاني للهدنة، تحديدا في 3 أبريل الماضي.
بعد ذلك استمر تدفق الوقود عبر ميناء الحديدة في طريقه إلى مناطق الحوثيين التي عانت أزمة خانقة في المشتقات النفطية قبيل اتفاق الهدنة.
وفي 12 مايو الماضي، أعلن طارق صالح نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن الحكومة "سمحت حتى ذلك التاريخ بدخول 12 سفينة نفطية إلى ميناء الحديدة"، أي ما يعادل ثلثي السفن المتفق على إدخالها خلال فترة الهدنة.
ولم يتم الإعلان بعدها عن إحصائية إجمالية بخصوص عدد السفن التي دخلت ميناء الحديدة.
وفي 26 مايو، أعلنت شركة النفط اليمنية بصنعاء، وصول سفينة تحمل 8 آلاف طن من مادة الغاز المنزلي، في آخر إعلان للجماعة عن وصول سفن نفطية إلى ميناء الحديدة.
* مطار صنعاء
نص اتفاق الهدنة على تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعيا من صنعاء إلى القاهرة والعاصمة الأردنية عمان، والعكس.
وتأخر انطلاق أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي الخاضع لسيطرة الحوثيين، حتى منتصف مايو الماضي، نتيجة رفض الحكومة اليمنية قبول جوازات السفر الصادرة من صنعاء.
وبعد جهود أممية كبيرة، أعلنت الحكومة موافقتها على قبول جوازات السفر الصادرة من مناطق الحوثيين، لاعتبارات إنسانية.
وفي 16 مايو الماضي، تم استئناف الرحلات التجارية من مطار صنعاء عبر رحلة غادرت المدينة إلى الأردن، وأخرى وصلت من البلد نفسه.
وحتى نهاية مايو، وصلت ست رحلات تجارية من الأردن إلى مطار صنعاء، وغادرته مثلها إلى الأردن.
فيما تم إقلاع أول طائرة ركاب من مطار صنعاء إلى القاهرة، في 1 يونيو الجاري، على متنها 78 مسافرا، وفق مصدر ملاحي للأناضول.
* إطلاق أسرى
في خطوة اعتبر التحالف العربي أنها تمثل بادرة حسن نية، قرر نهاية أبريل الماضي الإفراج عن 163 أسيرا حوثيا، وتم إجلاؤهم من السعودية جوا إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب) على ثلاث مراحل، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، إن هذه الخطوة "تمثل دعما لجهود تثبيت الهدنة وإحلال السلام وإنهاء الأزمة اليمنية، وكذلك لتسهيل إنهاء ملف الأسرى والمحتجزين".
لكن رئيس لجنة شؤون الأسرى الحوثية عبد القادر المرتضى قال في تصريح نقلته قناة "المسيرة" الفضائية الناطقة باسم الجماعة: "إن معظم من تم إطلاقهم من قبل التحالف ليسوا أسرى حوثيين باستثناء خمسة أشخاص فقط".