[ السفينة الإماراتية "روابي" التي احتجزها الحوثيون تحمل على متنها اسلحة ومعدات عسكرية ]
يعد استيلاء الحوثيين على سفينة ترفع علم الإمارات في جنوب البحر الأحمر في مقابل مدينة الحديدة اليمنية حدثاً نادراً يهدد بحصول "تصعيد" خطير في بلد يشهد حرباً دامية منذ سنوات، حسب ما يرى خبراء.
ووصف التحالف بقيادة السعودية استيلاء الحوثيين اليمنيين على السفينة بأنها "عملية قرصنة"، مشيراً إلى أنها كانت تقل معدات طبية، فيما قال الحوثيون بدورهم أنها تحمل "معدات عسكرية". ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من الإمارات.
ويرى كبير المحللين اليمنيين في شركة الأبحاث "نافانتي غروب" الأميركية محمّد الباشا في مصادرة السفينة "مؤشرا لتصعيد سياسي وعسكري في مواجهة التحالف".
ويقول "لطالما خشي المراقبون من إمكانية أن تمتد الحرب في اليمن إلى البحر الأحمر وتزعزع استقرار ممرات الشحن الحيوية".
ومساء الإثنين، بث المتمردون الحوثيون عبر قناة "المسيرة" التابعة لهم مشاهد فيديو قالوا إنه تم التقاطها من على متن السفينة "روابي". وتُظهر المقاطع المصورة السفينة وعلى متنها سيارات مدرعة وقطع أسلحة رشاشة وذخيرة.
ووُجهت أصابع الاتهام للحوثيين المدعومين من إيران مراراً باستخدام زوارق مفخخة لمهاجمة سفن ومرافئ ومنشآت نفطية سعودية على البحر الأحمر.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2019، احتجزوا قاطرة سعودية وسفينة وحفاراً كوريين جنوبيين شمال مدينة الحديدة عند ساحل البحر الأحمر، قبل أن يفرجوا عنها لاحقاً.
أضرار "لا يستهان بها"
ويقول المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبري إنه "من الصعب تحديد السبب الرئيسي (لمصادرة السفينة) كما أن رسائلهم كانت ملتبسة بعض الشيء".
ورغم ذلك، يرى أنه "من الصعب عدم تفسير ذلك بأنه تذكير غير لطيف بقدرتهم على الحاق اضرار لا يستهان بها بالشحن السعودي والإماراتي في البحر الأحمر حال رغبوا في ذلك".
ومن جهتها، دانت الولايات المتحدة ليل الثلاثاء الأربعاء الاستيلاء على السفينة، معتبرة أن "هذه الأعمال تتعارض مع حرية الملاحة في البحر الأحمر وتهدد التجارة الدولية والأمن الإقليمي".
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس "تأتي عمليات الحوثيين هذه في وقت ينبغي أن تقوم كافة الأطراف فيه بتخفيف التصعيد والعودة إلى محادثات سياسية شاملة".
وأضاف "نحث الحوثيين على الإفراج الفوري عن السفينة وأفراد طاقمها سالمين ووقف كافة أعمال العنف التي تعيق العملية السياسية الرامية إلى إنهاء الحرب في اليمن".
ويدور النزاع في اليمن، الذي أسفر منذ العام 2015 عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم الكثير من المدنيين، بين تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
ويقاتل المتمردون الحوثيون منذ شباط/فبراير الماضي بشراسة القوات الموالية للحكومة التي تسيطر على مدينة مأرب، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، بهدف الوصول الى المدينة. ومن شأن السيطرة على مأرب أن يتيح لهم وضع يدهم على كامل الشمال اليمني.
واشتد القتال في الأسابيع الأخيرة في المحافظتين المحاذيتين لمأرب مع استقدام قوات من "ألوية العمالقة"، التي حققت تقدماً في شبوة خلال الأيام الأخيرة.
وتأسّست تلك الألوية في أواخر العام 2015 في منطقة الساحل الغربي، وتضم 15 ألف مقاتل على الأقل. وتحظى بدعم من الإمارات والسعودية، وقامت بدور قتالي فعال في مواجهة المتمردين الحوثيين على طول شريط ساحلي يبلغ طوله 300 كيلومر، من منطقة باب المندب حتى الحديدة على ساحل البحر الأحمر.
ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي إن المتمردين قد "يشعرون بقلق من عودة زخم دعم الإمارات للعمليات العسكرية ضدهم بعدما كانت أكثر هدوءاً خصوصاً في محافظة شبوة" جنوب البلاد.
ويرى أن "الفوائد العسكرية (لمصادرة السفينة) هي سياسية واستعراضية أكثر من كونها عسكرية فعالة"، مشيراً إلى أن المتمردين الحوثيين "لا يتمتعون بخبرة كبيرة في البحر، إذ أنهم مقاتلون جبليون بالأساس".
وتتهم السعودية خصمها اللدود إيران وحزب الله اللبناني، الذي تصنفه منظمة "إرهابية"، بدعم الحوثيين ومدهم بأسلحة نوعية، الأمر الذي تنفيه طهران.
ويقول المذحجي قد يكون كل ما في الأمر "محاولة لتسجيل نقطة ضد الإمارات".