أشعل إعلان التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن حول تغطيته لممارسات دولة الإمارات العربية المتحدة في جزيرة ميون اليمنية الواقعة على الممر الدولي باب المندب، جدلا واسعا بين أوساط اليمنيين.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن مصدر مسؤول بالتحالف قوله "لا صحة للأنباء التي تتحدث عن وجود قوات لدولة الإمارات في جزيرتي سقطرى وميون".

وزعم المصدر أن "التجهيزات الموجودة في جزيرة ميون تقع تحت سيطرة قيادة التحالف، وفيما يخدم تمكين قوات الشرعية وقوات التحالف من التصدي لجماعة الحوثي، وتأمين الملاحة البحرية، وإسناد قوات الساحل الغربي"، حد قوله.

والثلاثاء، أفادت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية بأن قاعدة جوية وصفتها بالغامضة تبنى على جزيرة ميون اليمنية ذات الموقع الإستراتيجي والمطلة على مضيق باب المندب.

ونقلت الوكالة عن مسؤولين يمنيين قولهم إن الإمارات تقف وراء بناء هذه القاعدة، وأن سفارة الإمارات في واشنطن ومسؤولين إماراتيين في أبو ظبي لم يردوا على طلب تقدمت به للتعليق على الخبر.

وطالب البرلمان اليمني، أمس الأربعاء، من الحكومة توضيحا بشأن إنشاء الإمارات قاعدة جوية في جزيرة ميون.

وفي وقت سابق اليوم، نفى وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية وجود أي اتفاق موقع بين الحكومة وأي دولة أجنبية لبناء قواعد عسكرية على الأراضي اليمنية، مؤكدا أنه لا يملك أي طرف يمني الحق في التنازل عن شبر من التراب اليمني، لأن هذه القضية سيادية، والاتفاقات من هذا النوع يجب موافقة مجلس النواب اليمني عليها.

وأثارت تصريحات المسؤول في التحالف جدلا وسعا بين أوساط اليمنيين واعتبروا ذلك مغالطات ومحاولة تدليس لما تمارسه الإمارات في الجزر والسواحل اليمنية في المناطق المحررة.

مغالطات

وفي السياق اعتبر الإعلامي اليمني أحمد الشلفي أن بيان التحالف حول جزيرة "ميون" تضمن الكثير من المغالطات. وقال الشلفي "ليس من مهمة هذا التحالف الحديث بدلا عن الحكومة اليمنية، فالمسألة تخص أرضا تحت سيادتها وبيانه هذا اعتداء آخر على السيادة اليمنية وهو لا يعفي الحكومة من توضيح الحقائق كاملة بحسب ما قرره الدستور اليمني".

وأضاف "نفي وجود قوات إماراتية في سقطرى لا داعي له فلم يطلب أحد الآن توضيح وجود قوات إماراتية في سقطرى من عدمه فالجميع يعرف أن الوجود الإماراتي هناك استخباراتي والوجود العسكري سعودي، وقد حاول البيان استخدام سقطرى للهروب من توضيح حقيقة وجود قوات إماراتية في ميون".

وأردف الشلفي "اعتراف البيان بوجود أعمال إنشاءات في جزيرة ميون تحت سيطرة التحالف هو اعتراف بوجود قاعدة عسكرية إماراتية لكن البيان لم يحمل توضيحا حول الآليات القانونية لإنشاء هذه القاعده العسكرية ولا أجاب عن سؤال وجود إذن من الدولة".

وأكد أن "تلويح التحالف بالسكوت عن ميون مقابل الدفاع عن مأرب هو تلويح خطير ومكشوف وغير مقبول"، مطالبا الحكومة والرئاسة اليمنية بإصدار بيان بعد بيان التحالف الذي وصفه بـ"الخطير".

أداة قذرة

من جانبها قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن "الامارات هي الأداة القذرة للسعودية في اليمن لتنفيذ أجندتها الشريرة وهي الوجه القبيح الآخر لها، هذا ما يقوله بيان التحالف حول احتلال جزيرة ميون".

وأضافت كرمان "هؤلاء البعران لم يشرعنوا فقط لانقلاب الحوثي ويمنحوه كل عوامل البقاء والانتصار، بل جعلوا منه حامٍ للسيادة الوطنية ومدافع عنها بسبب أطماعهم وأجندتهم الشيطانية وهو موقع لا يستحقه ولم يكن يحلم به".

وتابعت "لكن في ظل أجندة السعودية الشيطانية وأداتها القذرة وجبن وعجز السلطة الشرعية والمكونات السياسية في قول لا للتحالف وتمثيل اليمن تمثيلا لائقا يعبر عن سيادته واستقلاله، ذلك العجز والجبن الذي يرقى لتهمة الخيانة العظمى هو من أهدى للحوثي هذا الموقع الذي لا يستحقه وما كان له ليحلم به أبدا".

واختتمت توكل كرمان منشورها بالقول "اليمن المهيب العظيم تحتل ممالك الرمال جزره وسواحله، هل هناك ما هو أشد خزيا وعارا من هذا".

النائب البرلماني علي عشال علق على ‏بيان المصدر المسئول بالتحالف حول جزيرة ميون فقال "أراد أن يكحلها فأعماها".

‏وأضاف عشال "أثبت صحة المعلومات، كما أثبت أن الانحراف لم يكن عملاً شاذاً من طرف في التحالف وأنما عملاً ممنهجاً مرضيٌ عنه"، متسائلا بالقول "أين سلطات الدولة من كل ما يجري؟  نريد أن نسمع منها؟".

الكاتب الصحفي عامر الدميني قال إن "بيان التحالف يخدم الإمارات وينأى بها عن المسؤولية، ويحمل السعودية وحدها المسؤولية"، مشيرا إلى أن البيان ذر للرماد على العيون ومغالطة مكشوفة، واستغفال لليمنيين، ومحاولة للجم الغضب اليمني المتصاعد جراء العبث السعودي الإماراتي.

وأضاف "التحالف أكد في البيان أن التجهيزات في ميون تعمل على إسناد قوات الساحل الغربي التي يقودها طارق، وهذا تأكيد جديد على دعم السعودية والإمارات لمليشيا طارق عفاش واعترافهما بها، وهي ذاتها القوات التي لا تزال غير رسمية، ولا تتبع الحكومة الشرعية".

وتابع الدميني قائلا "البيان لم ينفِ وجود استحداثات في جزيرة ميون بل قدم تبريرا لها، وأكد صحتها، ومنذ اندلاع المعارك لم تفلح قوات التحالف في إلحاق أي أذى بالحوثيين انطلاقا من ميون، أو تمكنت من وقف الهجمات البحرية سابقا".

وتساءل "أين هي قوات الشرعية التي يسندها التحالف من خلال تواجده في سقطرى وميون، وماذا عن مبررات التواجد العسكري في سقطرى؟"، مضيفا "لماذا خرج التحالف بهذا البيان ولم تتحدث الحكومة اليمنية عن نفسها، ألهذا الحد صار حتى الكلام لديها ممنوعا؟".

الناشط السياسي محمد المقبلي هو الآخر اعتبر بيان التحالف تغطية على احتلال جزيرة ميون، وقال "كلما انخفض منسوب شعورنا بالعار تجاه الرئاسة والحكومة والقوى السياسية يأتي بيان التحالف ليرفعه".

وأضاف "فيما تصمت الرئاسة كأنثى الفيل يظهر التحالف ويقول إن البنايات الإنشائية في الجزيرة تحت تصرفه وهذا تأكيد على أن التحالف غطاء للجرائم الإماراتية في المجال الحيوي اليمني".

وأردف "سنفتح سجل العار وسنحفظ ذاكرة البلد إلى اليوم الذي يتم فيه غسل العار وحينها ستصبح السلطة الراهنة قوى وأفراد في عداد العار المحنط، ولو شاء ذلك العار السياسي سنبني له التماثيل".

مقايضة مأرب بميون

في حين يرى الباحث السياسي عبد السلام محمد أن التحالف يقايض السيطرة على جزيرة ميون بحماية مأرب التي تشهد مواجهات شرسة منذ مطلع فبراير/شباط الماضي في محاولة الحوثيين السيطرة عليها.

وقال "طالما قايض التحالف السيطرة على ميون بحماية مأرب، فهو اعتراف بأن عرقلة التقدم إلى صنعاء ومنع الجيش من الحسم وتفكيك الشرعية كان كله مرهونا بما حصل ويحصل في عدن وسقطرى والمهرة".

وكتب الإعلامي سمير النمري قائلا "بيان السعودية فضيحة كبيرة وإدانة لها، اليوم اعترفت أنها ستحمي مأرب فقط من الحوثيين إذا سمح لها وللإمارات ببناء القواعد العسكرية على السواحل اليمنية".

وتابع "سيحاكم الشعب اليمني قيادة الشرعية اليمنية القابعة في فنادق الرياض على تخاذلها وخيانتها لبلدها ووقوفها إلى جانب التحالف الغادر".