[ فريق رياضي في شبوة يرتدي الأعلام الفلسطينية تضامنا مع فلسطين ]
موقف الحكومة اليمنية تجاه القضية الفلسطينية باهت، والصمت سيد الموقف، تبعا للموقف السعودي الإماراتي، فيما يتعزز التفاعل تجاه قضية فلسطين شعبيا، وكان الحوثيون أكثر حضورا، بغض النظر عن حقيقة دعمهم لقضية فلسطين.
إن نظرة واحدة لحسابات نائب الرئيس ورئيس الحكومة ووزير الإعلام وناطق الحكومة ورئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب في تويتر وفيسبوك تكشف لك مدى غياب هؤلاء عن القضية الفلسطينية.
عُرف اليمن بمواقفه الثابتة في دعم القضية الفلسطينية، ذلك ما تبرهنه مجمل المواقف الرسمية والشعبية طوال العقود الماضية، سواء في أدبيات الدولة والأحزاب السياسية، أو في النشاط المدني، والتفاعل الشعبي.
لكن الوضع اليوم يبدو مختلفا، فقد غابت المواقف الرسمية، وتراجع الإهتمام بالقضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق، تبعا لعدة عوامل ومتغيرات، أثرت ولا تزال تؤثر على الموقف الرسمي للحكومة الشرعية المعترف بها، والمقيمة في المملكة العربية السعودية منذ سنوات.
إن استعراضا بسيطا للموقف الحكومي اليمني بالنسبة للحكومة الشرعية من التطورات الجارية في فلسطين، والتصعيد الإسرائيلي هناك، يعطيك صورة كاملة عن المستوى الذي وصلت له الحكومة في مواقفها وقرارتها، ولم يعد قرارها من قضايا الداخل مسلوبا فحسب، بل أيضا المواقف الخارجية لها صارت هي الأخرى مسلوبة، وتدور في فلك السعودية والإمارات، اللتين تزعمان دعم الحكومة الشرعية.
حسابات خاملة صامتة
من خلال تصفح الحسابات الشخصية في تويتر وفيسبوك لكلٍّ من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ونائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر، ورئيس الوزراء معين عبد الملك، ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر، ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني، ووزير الإعلام معمر الإرياني، ووزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، وناطق الحكومة راجح بادي، يظهر مدى الصمت الرهيب والعزوف الكلي عن تناول القضية الفلسطينية، وكأن لا شيء بالفعل يجري حاليا في فلسطين.
تخلو تلك الحسابات من أي حديث أو إشارة عما يدور من تصعيد إسرائيلي داخل فلسطين، وهي حالة غير مسبوقة في الموقف اليمني الرسمي، ولا ترقى لمجمل المواقف العربية المعلنة، وتتسق تماما مع وجهة نظر المملكة العربية السعودية التي تقيم فيها الحكومة اليمنية منذ سنوات.
الوضع نفسه ينطبق على حسابات أمناء عموم الأحزاب السياسية، والناطقين بلسان تلك الأحزاب، إذ تبدو هي الأخرى في حالة خمول وصمت.
بيانات باهتة
الموقف الحكومي من تطورات الأوضاع في فلسطين جاء فقط من خلال بيانات باهتة، صدرت عن جهات حكومية، مع بدء التطورات في فلسطين، وتبدو وكأنها إسقاط واجب، وتسجيل حضور لا أكثر.
ففي العاشر من مايو/أيار الجاري، أدان مجلس الشورى ما وصفها بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي داعيا في بيان نشرته وكالة الانباء الحكومية (سبأ) المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية الشعب الفلسطيني واتخاذ قرارات حاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي الهمجي، مؤكدا وقوف الشعب اليمني وقيادته الشرعية إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى تحقيق مطالبة العادلة.
أما مجلس النواب فقد أدان في التاسع من مايو/آيار الجاري الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين في الأقصى الشريف ومواطني القدس المحتلة في حي الشيخ جراح وباب العمود وغيرها.
الأحزاب اليمنية هي الأخرى اكتفت ببيان صدر عنها في التاسع من مايو/ آيار الجاري نددت من خلاله بالتصعيد الإسرائيلي وجرائم الاستيطان ومصادرة الأراضي والتهجير القسري التي تقوم بها سلطات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وزارة الخارجية هي الأخرى لم يصدر عنها أي موقف رسمي، باستثناء مشاركة وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك في الدورة غير الاعتيادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري يوم الـ11 من مايو/آيار والتي ألقى فيها كلمة الجمهورية اليمنية، واعتبر أن الاعتداءات الممنهجة على المقدسات وممتلكات الفلسطينيين تندرج ضمن سياسة إسرائيلية لتهويد مدينة القدس، وتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم للمدينة ومقدساتها.
وعلى نفس السياق جاءت كلمة اليمن في الاجتماع الطارئ الافتراضي للمندوبين الدائمين في منظمة التعاون الإسلامي، والتي ألقاها السفير اليمني لدى السعودية شائع الزنداني، طالب فيها الأعضاء بسرعة التحرك لإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية التي تتعرض لها مدينة القدس وبالأخص منها حي الشيخ جراح والعدوان على قطاع غزة.
موقف يتيم سجله الرئيس عبد ربه منصور هادي في تغريدة على حسابه بتويتر، وجاءت ضمن خطاب بمناسبة عيد الفطر المبارك، ولم يصدر عن هادي أي موقف آخر.
إننا نتابع معاً بحرقة وألم مايعانيه شعبنا الفلسطيني المناضل من عدوان غاشم من قبل قوات الاحتلال الصهيوني ، ونحيي صمودهم الأسطوري الذي نرى فيه عزة وشموخ كل عربي ومسلم حر شريف، ورغم الظروف العصيبة التي تمر بها بلدنا جراء انقلاب المليشيات الحوثية والحرب التي اشعلتها فإننا لن ندخر جهد
— عبدربه منصور هادي (@HadiPresident) May 12, 2021
وزارة الخارجية تأخر موقفها حتى الخامس عشر من مايو/آيار الجاري، ونشر حساب الوزراة بتويتر سلسلة تغريدات دانت فيها الوزارة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينين والأماكن المقدسة، وجددت موقف الجمهورية اليمنية الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وتلك التغريدات للأسف ظلت في تويتر، ولم تجد طريقها للنشر في وكالة الأنباء الحكومية.
ندين بأشد العبارات اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي لباحات المسجد الأقصى والاستهداف الوحشي للفلسطينيين في القدس وتدمير البنية التحتية في غزة، وندعو المجتمع الدولي لادانة تلك الجرائم والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني لحمايته ودعم نيل حقوقه المشروعة التي كفلها القانون الدولي 4/1
— وزارة خارجية الجمهورية اليمنية (@yemen_mofa) May 15, 2021
دلالات بهوت الموقف الرسمي
ومن خلال استعراض الموقف الحكومي انطلاقا مما نشرته وكالة الأنباء الحكومية "سبأ"، يتضح أن تلك المواقف جاءت متماشية مع الموقف السعودي بالدرجة الأولى، وبدا كما لو أن هناك تعميما على جميع القيادات الحكومية بالصمت، وعدم الحديث عن القضية الفلسطينية.
ويبدو جليا أن بقاء الحكومة الشرعية في الرياض أثر كثيرا على مواقفها الرسمية، مثلما حرمها أيضا من التفاعل الشعبي، بسبب غيابها عن المدن اليمنية، ما جعل تأثيرها في الشارع أيضا منعدما.
وسعى "الموقع بوست" للتواصل مع الجهات الحكومية اليمنية لمعرفة رأيها عن هذا الوضع، ولكن تعذر التواصل مع كثير منها رغم إرسالنا بعض الاستفسارات لوزير الإعلام معمر الإرياني على رقمه في واتساب، وناطق الحكومة راجح بادي على حسابه في فيسبوك.
يقول المدير العام لقناة بلقيس الإعلامي أحمد الزرقة إن الموقف الحكومي الرسمي أصبح اليوم رهن الموقف السعودي والاماراتي، مضيفا في تصريحه لـ"الموقع بوست": "لا أعتقد أن هناك مجالا لأي نشاط أكثر من البيانات الصادرة عن الأشخاص، وليس الهيئات والمؤسسات".
وفي تفسيره لهذا الوضع يرى الزرقة أن ذلك يأتي انعكاسا لحالة الاختطاف والاستلاب الكامل للقرار اليمني ومؤسسات الشرعية التي عجزت في الأصل عن اتخاذ أي موقف إزاء التجريف السعودي الإماراتي للبلاد والجزر والموانئ، ثم ذهبت باتجاه إعاقة أي وجود للدولة اليمنية أو الشرعية ومؤسساتها تجاه البلاد وتجاه مسؤولياتها.
وفيما يتعلق بصمت وزير الإعلام وكثير من قيادات الدولة يرى الزرقة أن هؤلاء في انتظار إشارة من السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، أو اتخاذ السعودية خطوة في اتجاه الإدانة لما يجري في فلسطين، وأردف: "حينها سنجد الجميع يبادرون لإصدار بيانات وتصريحات".
الدور الحوثي
بالنسبة لجماعة الحوثي فقد جعلت من التطورات الجارية في فلسطين فرصة لتأكيد حضورها شعبيا، ونظمت الجماعة التي تتخذ من صنعاء مقرا لحكمها عدة فعاليات ومهرجانات تضامنية مع الفلسطينيين، وأعلنت عن فتح التبرعات لصالح القضية الفلسطينية، وسلط إعلامها الضوء على ما يصفه بمحور الممانعة، وهو المحور الذي تتزعمه إيران وسوريا وحزب الله اللبناني.
وتجدر الإشارة إلى أن النشاط الحوثي في دعم القضية الفلسطينية لاقى انتقادات واسعة من قبل المناوئين للجماعة، خاصة في ظل الحرب الجارية في اليمن، وتعد جماعة الحوثي طرفا فيها.
الانتقالي يندد
أما المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات فقد ندد هو الآخر باقتحام إسرائيل للمسجد الأقصى واستهداف المصلين فيه، واعتبر ذلك يمثل تكريساً غير مقبول لنهج احتلال إسرائيل للقدس الشرقية، وانتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني الحُر في إقامة دولته وحقه في ممارسة الشعائر الدينية.
موقف المجلس جاء على لسان علي عبد الله الكثيري المتحدث الرسمي باسم المجلس، وعضو هيئة الرئاسة، وصدر في الـ13 من مايو/آيار الجاري، وطالب المجلس الجامعة العربية والمجتمع الدولي بدعم الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وعلى ضرورة الحفاظ على الهوية التاريخية للقدس المحتلة، وعلى حماية المدنيين من الاستهداف الإسرائيلي غير المشروع.
الموقف الشعبي
على مستوى الموقف الشعبي، فقد شهدت عدة محافظات يمنية فعاليات جماهيرية منددة بالتصعيد الإسرائيلي في فلسطين، وممارسات قوات الاحتلال تجاه الفلسطينيين.
وحمل مصلون أثناء صلاة العيد في عدن الأعلام الفلسطينية، وشهدت مدينة مريس في الضالع، ومدينة سيئون في حضرموت، مسيرات جماهيرية متضامنة مع الشعب الفلسطيني، وارتدى فريق النمور الرياضي بمديرية حبان بمحافظة شبوة خلال إحدى المباريات الرياضية متوشحا الشال الفلسطيني تضامنا مع الشعب الفلسطيني.
وكان مجلس اتحاد قبائل اليمن أدان في بيان له تصعيد الاحتلال الإسرائيلي المتواصل في مدينة القدس وقطاع غزة والضفة الغربية، وما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلية من جرائم واعتداءات وحشية بحق الفلسطينيين واستهداف لممتلكاتهم ولمقدسات المسلمين على مرأى ومسمع من العالم.
وعلى مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، ينشط العديد من اليمنيين للحديث عن القضية الفلسطينية، والتضامن مع الفلسطينيين تجاه التصعيد الإسرائيلي، وتفاعل اليمنيون مع حملة عربية لتقييم تطبيق فيسبوك في جوجل بلاي وآبل بنجمة واحدة كردة فعل على حظر فيسبوك للعديد من الحسابات التي تتحدث عن القضية الفلسطينية، وانحياز شركة فيسبوك للجانب الإسرائيلي.
نقابات ومنظمات
جانب آخر من التضامن سجلته منظمات ونقابات وكيانات يمنية أعربت فيها عن موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، وأدانت تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
نقابة الصحفيين اليمنيين تدين العدوان على الصحفيين والشعب الفلسطيني المقاوم تدين نقابة الصحفيين اليمنيين اعتداءات...
Posted by نقابة الصحفيين اليمنيين on Tuesday, May 11, 2021
واعتبرت نقابة الصحفيين اليمنيين العدوان الصهيوني على القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، واستهداف الإعلاميين الذين يوثقون جرائم الكيان المحتل ومحاولة ترحيل المواطنين جريمة مستنكرة تضاف إلى جرائمه المتواصلة في ظل صمت دولي مقيت ومواقف مخزية للأنظمة العربية.
ودعت نقابة الصحفيين هيئة الأمم المتحدة إلى توفير حماية ميدانية للإعلاميين الفلسطينيين، ومواجهة مساعي تغييب الشهود الذين ينقلون الجرائم بحق الشعب الفلسطيني المقاوم، معلنة تضامنها مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين وكافة الصحفيين والإعلاميين وكافة أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال.
أما مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي فقد دعا المكونات اليمنية إلى اتخاذ مواقف عملية موحدة لنصرة الشعب الفلسطيني، وقال الناطق باسم المجلس أحمد الحسني إن “مجازر وجرائم العدو الصهيوني ضد الفلسطينيين، تتطلب من القوى الوطنية مواقف عملية، خصوصا والعدوان وحّد جميع المكونات الجنوبية من حيث الموقف”.
الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان تفاعلت من خلال حسابها في تويتر وفيسبوك مع القضية الفلسطينية، وقالت إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب إرهابا لا حصر له، وتابعت بالقول: "نحن مع كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي احتل الأرض وهجر الشعب وارتكب إرهابا لاحصر له في حق الفلسطينيين".
مع كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي الذي احتل الأرض وهجر الشعب وارتكب ارهاب لاحصر له في حق الفلسطينيين ، كل احتلال الى زوال والنصر للشعوب وثورات الشعوب هي فقط الغلابة
— Tawakkol Karman (@TawakkolKarman) May 15, 2021