[ شهدت تعز مواجهات عديدة بين فصائل الشرعية - فرانس برس ]
تشهد محافظة تعز اليمنية تحوّلاً كبيراً قد يصل في حال اكتماله إلى إنهاء الاقتتال الداخلي في صفوف قوات الحكومة الشرعية، مع العمل على اتفاق نهائي يتم الترتيب للتوقيع عليه برعاية قيادة التحالف السعودي-الإماراتي، يُتوقع أن ينهي الصراعات المتكررة بين فصائل الحكومة الشرعية في المناطق المحررة وسط مدينة تعز، والتي شهدت جولات عدة من المواجهات تسبّبت بسقوط ضحايا مدنيين ومن المتقاتلين.
وشكّلت مغادرة نائب قائد "كتائب أبو العباس" عادل العزي مدينة تعز وانتقاله إلى العاصمة المؤقتة عدن جنوب البلاد، خطوة جعلت تعز تعيش هدنة من المواجهات بين فصائل الشرعية.
وكان خروج العزي من المدينة، إجراء لا بد منه لتجنّب انهيار الاتفاق الذي يُعمل عليه، لكن ذلك وحده لا يعني أن الاتفاق بات واقعاً، إذ تبقى الكثير من التعقيدات التي تواجه جهود مساعي الحلول المرتقبة، فالمعركة مع العناصر المطلوبة أمنياً قد تحدث في أي لحظة، وقد ترافقها ردة فعل غير محسوبة من الجماعات المصنفة في قوائم المطلوبين أمنياً.
وكانت لقاءات متعددة قد عُقدت في محافظة تعز اليمنية وفي العاصمة المؤقتة عدن، خلال الفترة بين قرار الخروج النهائي من تعز لـ"كتائب أبو العباس" الذي أعلن عنه القيادي السلفي عادل عبده فارع في التاسع من أغسطس/آب الماضي، وبين العدول عن قرار الخروج المثير للجدل.
وجمع لقاء ثلاثي في محافظة تعز، القيادي في حزب "الإصلاح"، العميد عبده فرحان (الملقب بسالم) وهو رئيس اللجنة الرئاسية، مع رئيس جهاز الأمن السياسي العميد عبدالواحد سرحان، وعادل العزي، قبل خروج الأخير من تعز الثلاثاء الماضي، وناقش مقترحاً يتضمن خروج العزي من اليمن إلى أي دولة على أن يتم ضمان حق العودة له بعد شهرين، وتتحمّل الحكومة نفقات سفره وإقامته في حال توجّه إلى العاصمة المصرية القاهرة، وذلك لإتاحة الفرصة للوصول إلى حلول بين قيادة "كتائب أبو العباس" وقيادات اللواء 22 ميكا في قوات الشرعية وتطبيع الحياة في المناطق المحررة في تعز.
مقترح خروج العزي من اليمن طُرح على اعتبار أن قائد اللواء 22 ميكا العميد صادق سرحان، كان قد غادر قبل شهرين تعز ويقيم حالياً في ماليزيا، ومع ذلك طرح عبده فرحان في اللقاء أن يغادر مع العزي عدد من القيادات العسكرية في الطرف الآخر. وعلى الرغم من طلب العزي فرصة للتفكير، إلا أنه غادر إلى عدن بعد أيام من هذا اللقاء، بعد توجيهات قيادة المنطقة العسكرية الرابعة وقيادة التحالف لـ"كتائب أبو العباس" بضرورة خروجه.
وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن طرح خروج العزي مؤقتاً إلى خارج اليمن، هو ضمن الخيارات التي تُناقش في مقر التحالف في عدن مع قيادة المنطقة العسكرية الرابعة والسلطة المحلية في تعز و"كتائب أبو العباس". لكن العزي ليس وحده من سيغادر اليمن، ذلك أن هناك قيادات من الطرف الآخر ستغادر أيضاً، إلا أن خيار الخروج وفقاً للمصادر، سيكون في حال فشلت الحلول بين العزي وقيادة المحور وقيادة اللواء 22، وفي حال كان مقترحا أن يتولى عادل العزي قيادة جبهة الكدحة جنوب تعز تحت قيادة اللواء 35 وقيادة محور تعز مستبعداً أيضاً.
وتمت مناقشة الخيارات الثلاثة في قيادة التحالف ضمن نقاشات الترتيب لتوقيع اتفاق نهائي يجري التمهيد له بعدد من الخطوات للوصول إلى التوقيع عليه في مقر قيادة التحالف في عدن وبرعاية من التحالف، وهو اتفاق يُتوقع أن ينهي الصراع المعقّد في تعز.
وكان قد عقد في مقر قيادة التحالف في مدينة عدن عدد من اللقاءات، وطلب من حضر تلك اللقاءات من قائد "كتائب أبو العباس" القيادي السلفي عادل عبده فارع، العدول عن قرار خروج كتائبه نهائياً من تعز، على أن تبحث جميع الأطراف في تعز حلولاً جذرية للخلافات المتراكمة بين فصائل الشرعية.
وفي اللقاء الذي جمع في عدن في 30 أغسطس/آب الماضي، قيادات في "أبو العباس" والتحالف وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة، والقيادي في "التجمع اليمني للإصلاح"، عبدالقوي المخلافي، وسكرتير الحزب "الاشتراكي" في تعز، محمد عبدالعزيز الصنوي، طرح الجانب السعودي من التحالف مقترحاً تضمّن البدء بخطوات تمهد لاتفاق يتم التوقيع عليه في لقاء موسع في مقر قيادة التحالف في عدن بحضور محافظ تعز أمين محمود، وقيادة محور تعز، وقيادة الألوية العسكرية، وكل قادة الفصائل، ويؤسس هذا الاتفاق لعدم عودة الاقتتال الداخلي.
وناقش هذا اللقاء الترتيبات التي يجب القيام بها من قبل السلطة المحلية واللجنة الرئاسية في تعز تمهيداً للوصول إلى اتفاق، ومن بينها رفع الطوق الأمني عن مركز قيادة "كتائب أبو العباس"، إضافة إلى تشكيل لجنة للتحقيق في كل الانتهاكات التي رافقت المواجهات بين عادل العزي وبين اللواء 22 ميكا، وإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين لدى كل الأطراف.
ومن المقرر أن تتضمن وثيقة الاتفاق النهائي، الإشادة بالدور القتالي التي قدّمته كل الأطراف في تعز، ومن بينها "كتائب أبو العباس"، في مواجهة المليشيات الانقلابية وتحرير مدينة تعز وتنفيذ توجيهات السلطة المحلية والرئيس اليمني بما يتعلق بتسليم المؤسسات والمقار التابعة للدولة وتفعيلها وكذلك تسليم المواقع العسكرية.
كما يُلزم الاتفاق الجميع بالتعاون والشراكة في إعادة التوازن وتنفيذ القرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية والمحافظ.
والأهم في الأمر هو أن قائد "كتائب أبو العباس" عادل فارع، حصل على وعود سيتضمنها الاتفاق بتحويل كتائبه إلى لواء عسكري، الأمر الذي أكده في الاجتماع قائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء فضل حسن، والذي سيقوم بمتابعة الملف مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لإصدار قرار يضمن تحويل "كتائب أبو العباس" إلى لواء عسكري ضمن الجيش في تعز، على أن يعمل تحت قيادة المحور في تعز والسلطة المحلية.
لكن تحقق هذا الوعد يواجه صعوبات كون عادل فارع مدرجا في قائمة الداعمين للإرهاب لدى وزارة الخزانة الأميركية، لكن كتائبه ستكون في إطار اللواء 35 مدرع منصاعة للمؤسسات العسكرية وهذا ما أكده فارع في بيانه الأخير، وقال إنه سيعمل تحت قيادة المؤسسات العسكرية.
ومن الخطوات التي تأتي ضمن الاتفاق، الانسحاب الكامل للألوية العسكرية من المواقع والمناطق التابعة لـ"كتائب أبو العباس" في حي الجحملية شرق المدينة، وعودة قوات الكتائب إلى مواقعها، وتقديم الاعتذار إلى الكتائب عما حدث من الجرائم ومحاسبة كل الأفراد المتسببين بذلك، وعدم الاعتراض
ض على عناصر أو فرق "كتائب أبو العباس"، والسماح لها بالتحرك داخل مدينة تعز بكامل الحرية. وتلتزم قيادة المحور بالتعامل مع كل الوحدات العسكرية بمساواة ومن دون تمييز أو اختلاق المشاكل للقضاء على أي فصيل، في المقابل تلتزم الكتائب بتنفيذ توجيهات القيادة العسكرية في محور تعز وفقاً للخارطة الميدانية التي سيتم إعدادها لإعادة توزيع القوى العسكرية لحسم معركة تعز.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن التوقيع على الاتفاق المرتقب من جميع الأطراف، سيكون في لقاء موسع تحضره القيادات العسكرية وقيادة المحور وإدارة الأمن واللواء 22 ميكا، و"كتائب أبو العباس"، برعاية قيادة التحالف، وإشراف السلطة المحلية وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة، وستتم المصادقة عليه من قِبل هادي.
وسيحدد الاتفاق قائمة المطلوبين أمنياً وتجهيز الملفات لملاحقتهم من قبل قوات اللجنة الأمنية المشكّلة وفق قرار محافظ تعز الصادر في الأشهر الماضية، وستكون "كتائب أبو العباس" ضمن القوات التي ستتولى ملاحقة المطلوبين. كما يلزم الاتفاق كل الأطراف بتسليم المطلوبين أمنياً الموجودين في صفوف كل الفصائل والوحدات العسكرية. وأكدت مصادر مطلعة، أن الاتفاق الذي لا خيار أمام الأطراف غير التوقيع عليه وتنفيذه، يلزم الجميع بتحديد قائمة المطلوبين كخطوة لا بد منها.
وعقب خروج عادل العزي، الثلاثاء الماضي من تعز، تصدّر القيادي السلفي مؤمن المخلافي الواجهة ممثلاً عن "كتائب أبو العباس" للجلوس مع اللجنة الرئاسية، وحدثت تحولات أشارت إلى تنفيذ الأطراف لخطوات عملية تمهد لعودة قائد هذه الكتائب إلى تعز، وتنفيذ تسليم المواقع التي ينتشر فيها قناصة ومسلحون يتبعون قيادة المحور، إلى اللواء الخامس حماية رئاسية، وإخلاء المباني والمواقع المحيطة في مركز قيادة الكتائب وسط المدينة القديمة، من المسلحين والقناصة التابعين للمحور، وإزالة كافة النقاط العسكرية في المناطق الجديدة، وهي خطوات تعد من ضمن ترتيبات للتوقيع على الاتفاق.
وبحسب مصادر، فإن القرار المعلن من فارع في 10 أغسطس الماضي، بخروج أفراد كتائبه وأسرهم من مدينة تعز بشكل نهائي، جاء بعد تشاور قيادات من السلفيين المهجرين من منطقة دماج في صعدة، مع مرجعيتهم الشيخ يحيى بن علي الحجوري، وخرجت بالرأي الشرعي المتمثّل في الخروج من تعز وحقن دماء المسلمين وأبناء المدينة، وهو ما كان مفاجئاً لقيادة التحالف التي كانت تتجاهل وقف زحف قوات المحور التي تتوغل في مناطق ومواقع تحت سيطرة "كتائب أبو العباس".
ويقول المراقبون إن قيادة التحالف وخصوصاً الإمارات، كانت إلى ما قبل إعلان "أبو العباس" الخروج النهائي من تعز، تراقب المشهد بصمت من دون أن تتدخل، وبذلك كانت قيادة التحالف تدفع المعركة بين فصائل تعز إلى اقتتال لا يمكن الخروج منه، فشعر فارع بأن تجاهل قيادة التحالف ما يحدث في تعز، هو زجّ بكتائبه في معركة تريد قيادة التحالف أن تحصل لأهداف خارجية.
ووفقاً لمتابعين، فإن علاقة فارع بأبوظبي يُعتقد أنها تراجعت بعد إدراجه في قائمة الإرهاب من قبل السعودية والإمارات، وهذه الأخيرة فشلت حتى اليوم بإيجاد حليف لها في تعز مستعد لتنفيذ تجربة الإمارات في عدن.