[ الوضع في عدن لايزال مرشحاً للتصعيد - فرانس برس ]
بالتزامن مع مغادرة رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، لمدينة عدن، متوجهاً إلى السعودية، تُثار العديد من التساؤلات، حول سيناريوهات مع الزيارة، التي جاءت في توقيت حساسٍ، عقب الأحداث التي شهدتها عدن، في النصف الأخير، من يناير/كانون الثاني المنصرم، في وقتٍ لا يزال الوضع في المدينة، مفتوحاً على كل الاحتمالات، مع بقاء الظروف المسببة للتوتر، وإعلان ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، التمسّك بمطلب إقالة حكومة بن دغر.
وأفادت مصادر قريبة من الحكومة الشرعية في عدن لـ"العربي الجديد"، بأن الوضع في المدينة لا يزال مرشحاً للتصعيد مجدداً، إذا ما استمرت تحركات الموالين لـ"الانتقالي"، والمدعومين من الإمارات العربية المتحدة، الذين وعلى الرغم من إعلانهم الالتزام بالتهدئة التي رعاها "التحالف العربي"، بتدخّل سعودي مباشر، تحدّثت أنباء عن رصد تحركات عسكرية بخروج آليات من مطار عدن الدولي، فجر الأحد، قالت إنها لا تتبع القوات الموالية للحكومة الشرعية، من دون إيراد مزيد من التفاصيل.
ويوم السبت الماضي، شهدت عدن اجتماعاً هو الأول من نوعه لـ"الهيئة الإدارية" لما يُسمى بـ"الجمعية الوطنية"، التابعة لـ"الانتقالي الجنوبي"، والتي جرى الإعلان عن تشكيلها، من قبل المجلس، في أكتوبر/تشرين الأول من العام المنصرم، وتُوصف بأنها "البرلمان الجنوبي"، أو "أعلى هيئة مُشرعة في المجلس"، كما وصفها الإعلان. وخرج الاجتماع، بالإعلان عن التمسك، بإقالة ما وصفه بـ"الحكومة الفاسدة ومحاسبتها"، وهو المطلب الذي رفعته قيادات في المجلس، الشهر الماضي، قبل أسبوع من التصعيد العسكري في المدينة، والذي وصلت المواجهات خلاله إلى قرب القصر الرئاسي.
وفي ظل وجود رئيس "الانتقالي"، محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، منذ أكثر من أسبوع، كان من أبرز التصريحات اللافتة، التي خرجت في الأيام الماضية، تصريح رئيس ما يُسمى بـ"الجمعية الوطنية"، محافظ حضرموت السابق، اللواء أحمد سعيد بن بريك، والذي كتب على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" يوم السبت الماضي، إن "الأيام المقبلة ستثبت أن الانتقالي هو المتحكّم بكل الخيوط على الساحة الجنوبية في كل الاتجاهات السياسية والعسكرية، وبما يوحد لحمة الجنوبيين في الداخل والخارج نحو انتزاع حقه في تقرير المصير" (أي الانفصال).
وكان بن دغر، غادر الجمعة الماضي، عدن، متوجهاً إلى السعودية، لإجراء سلسلة لقاءات تشاورية مع الرئيس عبدربه منصور هادي، الموجود في الرياض، ومع المسؤولين السعوديين للتباحث حول الدعم الذي أعلن عنه السعوديون للحكومة. وعلى الرغم من تأكيد المصادر الحكومية، أن زيارة بن دغر، كسابقاتها، إلا أن توقيت الزيارة يثير أكثر من تساؤل، حول ما وراءها، والسيناريوهات المرتقبة، بعد عودة رئيس الوزراء.
وفي السياق، يبرز سيناريو عودة بن دغر، مشمولاً بدعم سعودي، في الأيام أو الأسابيع المقبلة، وفقاً لما أعلنت الحكومة، على رأس التطورات المحتملة، وبالتالي فإن العودة، ستمثّل ضربة جديدة لحلفاء أبوظبي، الذين يتمسّكون بمطلب "إقالة الحكومة"، وكانوا قد أوشكوا بالفعل، على إكمال السيطرة على عدن، وإطاحتها الشهر الماضي، قبل أن تتدخل السعودية لفرض التهدئة والإشراف على ترتيبات نزع فتيل المواجهات. وإذا ما عاد بن دغر، وفقاً لهذا الاحتمال، فإن مسألة خضوع الانفصاليين أو تصعيدهم من عدمه، مرتبط بدرجة أساسية، بالموقف السعودي ودرجة التوافق مع الإمارات، باعتبار أن التحالف (أبوظبي ــ الرياض)، هو الطرف القادر، على السماح أو منع أي تصعيد مجدداً في عدن.
إلى جانب ذلك، من غير المستبعد، أن يكون انتقال بن دغر، إلى الرياض، مقدمة لإجراء تغيير في الحكومة الشرعية، استجابة للمعطيات الجديدة، والتي قد يدفع نحوها التحالف، كجزء من التفاهمات المطلوبة لترتيبات من شأنها أن تضع حداً لفتيل الأزمة بين الشرعية ــ الانتقالي في عدن. وكان التحالف أظهر في بياناته التي صدرت خلال الأزمة في عدن، نوعاً من التجاوب الداعم لأي تغيير محتمل، على غرار توصيفه للأزمة بين "أطراف"، وليس بين حكومة شرعية وطرف يتبنى علناً مشروع الانفصال، وتقول الحكومة إنه قام بمحاولة انقلاب فاشلة في عدن. كما أشار التحالف في أحد بياناته، إلى الحوار حول الاختلالات، في مؤشر إلى أن الرياض، قد تدعم تغييراً تسعى إليه أبوظبي، وفقاً لهذا السيناريو، الذي إن تم، فقد لا يشمل بالضرورة، رئيس الحكومة، بقدر ما قد يشمل محافظين ووزراء في الحكومة، تتضمن تعيين محسوبين على "الانتقالي"، أو يرضى عنهم الأخير، على الأقل.
ويبرز سيناريو ثالث، لتطورات ما بعد زيارة بن دغر، إذ ليس من المستبعد، أن تعود ملابسات تفجّر الأزمة، التي يسعى معها "الانتقالي"، مجدداً لفرض سيطرته على عدن، وهو ما يمكن استنتاجه، من حديث أحمد بن بريك، عن أن الأيام المقبلة ستثبت أن الانتقالي هو المتحكّم بكل الخيوط جنوباً، في "كل الاتجاهات السياسية والعسكرية". ومن المهم الإشارة في هذا السياق، إلى ما تضمنه تقرير فريق الخبراء المشكّل من مجلس الأمن الدولي، والذي سُرب أخيراً، إذ أشار إلى أن الانفصال احتمال وارد، بعد تشكيل "الانتقالي"، ومع تآكل سلطة الحكومة الشرعية.
يذكر أن "الانتقالي" الذي تأسس بدعم إماراتي، في مايو/أيار 2017، صعّد الشهر الماضي، بمنح مهلة للرئيس اليمني لإقالة الحكومة، مدتها أسبوع، انتهت بتفجّر المواجهات ليومين، اقترب خلالها الانفصاليون من فرض السيطرة العسكرية الكاملة على عدن، قبل تدخّل السعودية، التي فرضت تهدئة مباشرة. إلا أن المدينة التي تتنازع فيها مختلف الأطراف على النفوذ، وتنتشر فيها قوات عسكرية وأمنية غير موالية للحكومة، تجعل الوضع مفتوحاً على الاحتمالات كافة، بما فيها تمديد حالة التهدئة أو عودة التصعيد، ليفرض أحد الطرفين سيطرته في عدن.