[ لاجئون أفارقة في عدن - الموقع بوست ]
يَعْبُر الملايين من النساء والرجال كل عام الحدود الوطنية لبلدانهم، بحثًا عن فرص أفضل للعمل اللائق، وعن سبل عيش أفضل لأسرهم، وباتت الهجرة إستراتيجية للبقاء بالنسبة للعديد من الأسر التي تبحث عن فرص أفضل للأجور والعمالة العادلة، وكذلك بالنسبة لمن يبحثون عن ملجأ هربًا من المجاعة، أو الحروب، أو الكوارث الطبيعية، أو النزاعات العنيفة، أو الاضطهاد.
والهجرة البشرية ليست ظاهرة جديدة، لطالما تنقل البشر من مكان إلى آخر عبر التاريخ، لكن العالم شهد تزايدًا في عدد المهاجرين في الآونة الأخيرة، ومن المحتمل أن يزداد هذا العدد، خاصة مع تنامي آثار تغير المناخ والنزاعات المسلحة التي تخرج الناس من ديارهم، وفقا للأمم المتحدة.
اليمن، ورغم الحرب التي تشهدها منذ نحو سبع سنوات، لا تزال الوجهة المفضّلة للمهاجرين غير الشرعيين، وتحديدًا القادمين من القرن الأفريقي، والذين يتخذون من اليمن الممزّق بفعل الحرب، نقطة عبور للتسلل إلى دول الخليج.
في تقرير لها في فبراير/شباط 2020، وصفت الأمم المتحدة اليمن بأنه "أكثر طرق الهجرة البحرية ازدحامًا في العالم"، موضحة أن "حوالي 11,500 شخص سافروا بحرًا، في كل شهر من شهور العام 2019"، من منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن.
وقارن التقرير الأممي الذي جمعته "مصفوفة تتبّع النزوح" التابعة للمنظمة الدولية للهجرة بين عدد 138 ألف شخص عبروا خليج عدن إلى اليمن خلال العام 2019، وعدد المهاجرين الذين عبروا عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا والذين بلغ عددهم خلال نفس الفترة، أكثر من 110،000 مهاجر فقط.
وفي تقرير آخر، قالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى اليمن عام 2018، بزيادة ناهزت 50% مقارنة بعام 2017، فيما شهد العام 2019 وصول 107 آلاف مهاجر.
وتقتصر جنسية المهاجرين الأفارقة الذين يصلون اليمن عبر ثلاث دول هي الصومال وجيبوتي وإثيوبيا، وتتركز طرق مرورهم باليمن وصولا إلى السعودية، بدءًا من محافظة لحج ثم إلى عدن، بعدها إلى مأرب والجوف، وصولا إلى السعودية، أو عبر طريق جيبوتي، وصولا إلى الحديدة، ومن ثم صنعاء، وصولا إلى صعدة، ومنها إلى السعودية.
كورونا والمهاجرون
ورغم وصف الأمم المتحدة ما يجري في اليمن بأنه "أسوأ وأكبر أزمة إنسانية في العالم"؛ إلا أن تدفق المهاجرين الباحثين عن فرص العمل في دول الخليج الغنيّة بالنفط لا يزال مستمرًا، لكن أعدادهم تناقصت مؤخرًا بسبب الإجراءات التي اتخذتها السلطات اليمنية جراء تفشي وباء كورونا، وفق الإحصائيات التي نشرتها المنظمة الدولية للهجرة.
ونشرت المنظمة الأممية في تقريرها الربعي يوليو - سبتمبر 2020، قالت فيه إن عدد المهاجرين الوافدين إلى اليمن ظل منخفضًا للغاية خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2020، حيث تم تسجيل 1500 ونيف مهاجرًا وافدًا، مقارنة بنحو 23,400 مهاجرً خلال نفس الفترة من العام 2019، ومع ذلك، ما يزال وضع المهاجرين في اليمن غير مستقر، وفق التقرير.
وزادت جائحة كورونا من عوائق التنقل داخل اليمن، وكذا الخروج منه والدخول إليه، وتقطعت السبل بالمزيد من المهاجرين، وأصبحوا أكثر عرضة للاعتقال والاحتجاز والنقل القسري، ناهيك عن خطر الإصابة بفيروس كورونا.
اقرأ أيضا: الموقع بوست ينقل معاناة المهاجرين الأفارقة بعدن.. (فيديو خاص)
مؤخرا، اضطر المهاجرون إلى الاعتماد على المهربين للحصول على الدعم، لعدم قدرتهم على العبور إلى المملكة العربية السعودية، أو العودة إلى ديارهم، وذلك في ظل محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية وانخفاض الأعمال الخيرية بسبب الحرب المستعرة في البلاد منذ سبع سنوات، وفقا لما أورده تقرير منظمة الهجرة.
رحلة المخاطر
عادة ما تكون رحلة المهاجرين الأفارقة عبر اليمن قاسية، وغالبًا ما تكون محفوفة بالمخاطر، جراء الانتهاكات المتزايدة بحق المهاجرين من مختلف أطراف الصراع في اليمن.
فالخطر رفيق دربهم، والموت قد يحملونه في حقائب سفرهم، وهم في طريقهم إلى اليمن، سواء كانوا داخلين إليها أو خارجين منها، باعتبارها دولة غير قابلة للحياة، حسب وصف مدير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
وتختلف دوافع المهاجرين الأفارقة الذين يصلون اليمن، فالبعض منهم يصل للبحث عن العمل، كخدّام في المنازل أو في أعمال البناء والزراعة وغيرها، لكن الأغلب هم الذين يتخذون اليمن منطقة عبور نحو السفر إلى دول الخليج بحثا عن العمل.
الأربعاء الماضي، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 32 ألف مهاجر تقطّعت بهم السُّبل، ويعيشون في ظروف مزرية في مختف أنحاء اليمن، مشيرة إلى أن المهاجرين يعانون من وصول محدود للخدمات الأساسية، مثل: المأوى، والغذاء، والمياه، والرعاية الصحيّة.
رأس العارة بؤرة التهريب
في كانون الثاني/يناير 2020 كشف تقرير نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومنظمة "سام" لحقوق الإنسان، كشف 10 أنماط من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في معسكرات الاحتجاز غير القانوني في الأراضي اليمنية.
وقالت المنظمتان -في تقرير مشترك بعنوان "رأس العارة طريق المهاجرين الأثيوبيين نحو الجحيم"- إنّ اليمن تحول منذ عدة سنوات إلى ممر للمهاجرين من أفريقيا إلى السعودية عبر رحلة طويلة وقاسية محفوفة بالمخاطر، والانتهاكات الجسيمة من مختلف الأطراف.
وحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومنظمة "سام"، تعد منطقة رأس العارة -وهي إحدى المناطق الساحلية التابعة لمديرية المضاربة بمحافظة لحج جنوبي اليمن- المأوى الذي تستقر فيه مافيا التهريب.
وأكد التقرير أن عصابات تهريب المهاجرين تتخذ من منطقة رأس العارة الساحلية مقرًا لها في إدارة أعمالها الإجرامية، وأنشأت أحواشًا يُجمع فيها الأفارقة من المهاجرين وطالبي اللجوء، ومن ثم تستخدم تلك العصابات معهم أساليب التعذيب والضرب، وأحيانا اغتصاب النساء والفتيات، وحرمانهم من الطعام والملبس والمأوى لإجبارهم على دفع مبالغ مالية، ومساومة ذويهم لتحويل مبالغ مالية لقاء الإفراج عن أقاربهم.
وطالبت المنظمتان -في ختام التقرير- السلطات اليمنية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري على حدودها لا سيما منطقة رأس العارة، من خلال تسيير دوريات أمنية لملاحقة ومتابعة عصابات تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، والعمل على ملاحقتهم قانونيًا، ومحاسبتهم على جرائمهم ضد المهاجرين وطالبي اللجوء.
كما طالبتا السلطات اليمنية بتوفير المستلزمات والمواد الطبية للمستشفيات المحلية في المناطق الحدودية التي تقوم برعاية ومتابعة المهاجرين الأفارقة وتوفير المواد الغذائية الأساسية لهم، وبناء أماكن مخصصة لاستقبال أولئك المهاجرين، مع توفير أبسط الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وحماية لتلك الأماكن.
ودعت المنظمتان إلى تكثيف عمليات الإنقاذ من الدول الأوروبية، والسماح للسفن الإنسانية الدولية والمحلية بممارسة مهامها دون تقييد أو منع، والعمل على استقبال أولئك المهاجرين وتوفير الحماية القانونية التي ينص عليها القانون الدولي.
حريق المهاجرين بصنعاء
مطلع مارس/آذار الماضي، كانت العاصمة صنعاء على موعد مع كارثة إنسانية، تعرض لها مهاجرون أفارقة، بعد أن شبّ حريق غامض في مركز احتجاز للمهاجرين يديره الحوثيون بصنعاء، وكان يكتظ بداخله نحو 900 مهاجر أفريقي غالبيتهم من الجنسية الأثيوبية، وفقا لما أوردته المنظمة الدولية للهجرة.
وذكرت وسائل إعلامية حينها، أن المنظمات الأممية مُنعَت من النزول إلى مكان الحادث الواقع في مصلحة الهجرة والجوازات بشارع خولان لمعاينة الأضرار، أو اللقاء بأيٍّ من المصابين أو الناجين لسماع أقوالهم في أسباب الحادثة.
اقرأ أيضا: معلم يمني يجعل من صحراء "الرويك" بمأرب دياراً لتعايش الديانات وسكنا للمهاجرين الأفارقة
وألمحت المنظمة الدولية للهجرة إلى قيام السلطات الحوثية بدفن الموتى من المهاجرين، قائلة إن "مجتمع المهاجرين في صنعاء يحتاج إلى أن يُتاح لهم مجال لرثاء مفقوديهم بشكل لائق ودفنهم بطريقة كريمة".
وفي الوقت الذي أقرت فيه وزارة الداخلية بصنعاء أنها وفرت مركز إيواء مؤقت مكتظ بالمهاجرين، فقد حمّلت المنظمة الدولية للهجرة المسؤولية الكاملة للحادث، لأنها لم توفر لهم ملاجئ خاصة، حسب قولها.
مهاجر أم لاجئ؟
فرقّت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بين مصطلحي "لاجئ" و"مهاجر"، فتشير لمصطلح "لاجئ"، للأشخاص الفارين من الحروب أو الاضطهاد عبر حدود دولية، ومصطلح "مهاجر"، عندما تعني أشخاصاً ينتقلون لأسباب لا يشملها التعريف القانوني لمصطلح لاجئ.
وعرفت المفوضية الأممية اللاجئين بأنهم أشخاص فارون من الصراع المسلح، أو الاضطهاد، ومن أهم المبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي هو وجوب عدم طرد اللاجئ، أو إعادته إلى أوضاع تهدد حياته وحريته.
بينما عرفت المهاجرين بأنهم "أشخاص يختارون الانتقال ليس بسبب تهديد مباشر بالاضطهاد أو الموت، بل لتحسين حياتهم بشكل أساسي، من خلال إيجاد العمل، أو في بعض الحالات من أجل التعليم، أو لمّ شمل العائلة، أو أسباب أخرى".
وأكدت المنظمة في تقرير لها في تموز/ يوليو 2016، أن التفريق بين المصطلحين "مهم"، مشيرة إلى أن "لكل من المصطلحين معنى مختلف عن الآخر، والخلط بينهما يسبب مشاكل للاجئين والمهاجرين على حد سواء".
واعتبرت المفوضية هذا الفارق بين المهاجر واللاجئ بأنه مهم بالنسبة للحكومات الفردية، إذ أن الدول تتعامل مع المهاجرين بموجب قوانينها وإجراءاتها الخاصة بالهجرة، ومع اللاجئين بموجب قواعد حماية اللاجئين واللجوء المحدّدة في التشريعات الوطنية، والقانون الدولي على حد سواء.
اليمن، ومع التدفق الكبير لأعداد المهاجرين من القرن الأفريقي، لم تستطع التفريق بين المهاجرين واللاجئين، الأمر الذي دفع وزارة حقوق الإنسان في 2008 إلى تحضير مشروع قانون مكون من 17 بندًا، يهدف إلى توضيح قوانين اللجوء في البلاد، وهل يعامل هؤلاء الأفارقة كلاجئين أو مهاجرين؟ بيد أن هذا المشروع لم ير النور، لعدم استكمال مناقشته في البرلمان والمصادقة عليه لأسباب غير معروفة.
اقرأ أيضا: "الموقع بوست" ينقل معاناة نازحين في حجة لا تعرفهم المنظمات
يجدر التنويه إلى أن اليمن ظلت تعامل الصوماليين معاملة خاصة بعد الأزمة التي أطاحت بالبلاد مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت تعطيهم صفة اللجوء مباشرة عند طلبهم إياها، في حين تُلزم الأفارقة غير الصوماليين (معظمهم إثيوبيون وإرتيريون) بضرورة المرور عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قصد الحصول على وضع اللجوء.
وللعلم، فإن اليمن هو البلد الوحيد في شبه الجزيرة العربية الذي وقع على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 الخاصة باللاجئين، وبروتوكول 1967 الملحق بها والذي ألغى القيود الجغرافية والزمنية من الاتفاقية، ويعد قانون 1991 حول الهجرة هو القانون الوحيد الذي يتم تطبيقه على اللاجئين في اليمن، بالرغم من أنه لا يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة حول اللجوء واللاجئين.
الميثاق العالمي للهجرة
تم الاعتراف بالفارق المهم بين المهاجرين واللاجئين من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بالوثيقة الدولية المعروفة باسم "الميثاق العالمي للهجرة"، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 ديسمبر 2018، بمدينة مراكش المغربية، تحت شعار "الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والنظامية والمنتظمة".
ويعد هذا الاتفاق العالمي أول اتفاق عالمي للأمم المتحدة على نهج موحد إزاء الهجرة الدولية بجميع أبعادها، ويهدف إلى تحسين حوكمة الهجرة، والفهم الدولي لها، وإلى التصدي للتحديات التي ترتبط بها، والاستفادة من الفرص التي تتيحها، بما ذلك ما تسهم به في التنمية المستدامة، ويستند الاتفاق العالمي للهجرة إلى مبادئ السيادة الوطنية، والمسؤولية المشتركة، وحقوق الإنسان، وعدم التمييز، والالتزام بمبدأ الإنسان هو المركز، واحترام المنظور الجنساني، ومراعاة الأطفال، بحسب ما ورد في مقدمة الميثاق.
وضع الميثاق العالمي للهجرة الذي تبناه ممثلو نحو 150 دولة، 23 هدفًا، وبموجبها يسعى إلى إدارة مسألة الهجرة بشكل أفضل على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ويتضمن النص "غير الملزم" مبادئ تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان والأطفال المهاجرين والاعتراف بالسيادة الوطنية للدول، كما يتضمن اقتراحات لمساعدة الدول على مواجهة موجات الهجرة، عبر تسهيل نقل المعلومات، واستيعاب المهاجرين، وتبادل الخبرات.
وتضمنت أهداف الاتفاق جمع واستخدام بيانات دقيقة لوضع سياسة للهجرة قائمة على أدلة لضمان حصول جميع المهاجرين على إثبات الهوية، وتعزيز التوافر والمرونة للهجرة المنتظمة، وتشجيع التعاون لتعقب المهاجرين المفقودين، وإنقاذ الأرواح وضمان حصول المهاجرين على الخدمات السياسية، ووضع أحكام للإدراج الكامل والتماسك الاجتماعي.
كما تركزت بنود الاتفاق العالمي على الحد من العوامل السلبية التي تمنع المواطنين من العيش الكريم في بلدانهم الأصلية، وتخفيف المخاطر التي يواجهها المهاجرون في طريقهم إلى بلدان الهجرة، من خلال احترام حقوقهم الإنسانية وتوفير الرعاية اللازمة لهم.
وأحاطت بنود الاتفاق بالمجتمعات والدول، والتركيز على إدراك التحولات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتأثيراتها على تفاقم الهجرة، وتهيئة الظروف التي تمكن جميع المهاجرين من إثراء المجتمعات من خلال قدراتهم البشرية والاقتصادية والاجتماعية، ودمجهم لدفع التنمية على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية، ومواجهة التضليل، ونبذ خطاب العنف والكراهية فيما يتعلق بالهجرة، ومنع الاعتقالات العشوائية في صفوف المهاجرين، وعدم اللجوء إلى إيقافهم سوى كخيار أخير.
اقرأ أيضا: اللاجئون الأفارقة.. ظاهرة ترسم المشهد اليومي في مدينة عدن
ويعترف مشروع الاتفاق بمبادئ السيادة الوطنية، من خلال تأكيده على الحق السيادي للدول في تحديد سياستها الوطنية للهجرة، وحقها في حكم الهجرة داخل نطاق ولايتها القضائية بما يتفق مع القانون الدولي، وفي حدود ولايتها القضائية قد تميز الدول بين وضع الهجرة المنتظمة وغير النظامية بما في ذلك تحديد تدابيرها التشريعية وسياساتها لتنفيذ الميثاق العالمي مع مراعاتها مختلف الحقائق والسياسات والولايات والمتطلبات الوطنية للدخول والإقامة للعمل وفقا للقانون الدولي.
تباينات حول الميثاق
في كلمته أثناء افتتاح مؤتمر مراكش، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن "الهجرة ستظل دائمًا موجودة، ويجب أن يتم تدبيرها على نحو أفضل"، معتبرًا الميثاق بمثابة "خارطة طريق من أجل تفادي المعاناة والفوضى ومن أجل تعزيز تعاون يكون مثمرا للجميع".
في حين اعتبرت المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق مضمون نص هذا الاتفاق بأنه "غير كافٍ"، باعتبار أنه "لا يضمن حصول المهاجرين على المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية، كما لا يضمن حقوق العاملين من بينهم".
وانتقدت منظمة العفو الدولية مضمون الاتفاق باعتبار أنه جاء غير ملزم للدول الأطراف، معربة عن أسفها لكون "تطبيق مقتضيات الميثاق سيبقى رهينًا بحسن نوايا الدول التي تدعمه ما دام غير ملزم"، فيما اعتبر آخرون هذا الميثاق بأنه سيفتح الباب أمام موجات هجرة كثيفة لا يمكن التحكم بها.
وعلى الرغم أن الاتفاقية لا تعد ملزمة قانونيًا، إلا أن بعض الدول انسحبت من الاتفاق تحديدا تلك الدول التي تدفعها اتجاهات شعبوية معادية للهجرة، ومن تلك الدول الولايات المتحدة، وأستراليا، وست دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، كما أثارت الاتفاقية جدلا في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، أدى إلى تفكك الائتلاف الحاكم في بلجيكا، وتقديم وزير خارجية سلوفاكيا لاستقالته.
ويبقى السؤال المطروح: ما تأثير هذه الاتفاقية على تحسين أوضاع المهاجرين الأفارقة الذين يتخذون اليمن نقطة عبور إلى دول الخليج، خصوصًا وأن اليمن شاركت بفعالية في الجلسات التحضيرية لمؤتمر مراكش بين عامي 2017-2018، كما تعد واحدة من أقدم الدول العربية التي صادقت على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في الـ9 من شباط/فبراير 1986، والذي تبنته الأمم المتحدة في الـ 10 من شباط/ فبراير 1948م؟ وكيف ستسهم اليمن في الاستفادة من بنود هذا الميثاق، خصوصًا وقد تضمنت خطوات تنفيذه العمل على تزويد البلدان التي تنزح إليها أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين بالدعم المناسب لإنقاذهم واستقبالهم واستضافتهم؟ وما هي الصعوبات التي تواجه تنفيذ هذا الاتفاق خصوصًا في ظل الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد، نتيجة الحرب التي تدخل عامها السابع ولا بوادر أمل في الأفق يلوح بوقفها؟