نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية تقريراً عن الغضب الشعبي في العراق، وحنين البعض إلى زمن ما أطلقت عليه "حكم الاستبداد"، بعد 13 عاماً من العنف الطائفي.
وتتحدث مراسلة الفايننشال تايمز في العراق، إريكا سولومون، عن أم علاء، وهي ضحية من ضحايا العنف الطائفي، التي تقسم الزمن إلى ما قبل عام 2003 وما بعده.
وتتذكر أم علاء المتشحة بالسواد عام 2003 عندما غزت القوات الأمريكية العراق، وأسقطت الرئيس صدام حسين، وهو آخر عام كانت فيه عائلتها سالمة.
فقد قتل زوجها عام 2004 على يد تنظيم القاعدة، وفي الأعوام التالية فقدت أبناءها الأربعة؛ آخرهم صفاء الذي قتل في تفجير لتنظيم الدولة في فبراير/شباط.
لا تقوى أم علاء على تذكر التواريخ، ولم تعد تفرق بين تنظيمي القاعدة والدولة، وأيهما مسؤول عن قتل أبنائها، فكلهم سواء عندها.
الاقتتال الطائفي الذي اندلع في العراق بعد سقوط صدام حسين، وتفاقم منذ ظهور تنظيم الدولة، جعل بعض العراقيين يحنون إلى زمن الاستبداد، كما تقول الصحيفة.
وساهم احتلال العراق تدريجياً في نشوء التنظيمات المتطرفة والطائفية، وانتهت إلى ظهور تنظيم الدولة. وفقد العراق من جراء ظهور التنظيم قرابة ثلث مساحته، وأنهك الجيش العراقي في معارك فقد خلالها مئات من جنوده، إضافة إلى دمار مدن كاملة؛ ففي محافظة الأنبار مثلاً تتطلب إعادة إعمار الرمادي المدمرة بنسبة 80% من جراء عملية تحريرها من قبضة التنظيم، نحو 6 مليارات دولار.
وتضيف الصحيفة أن هذا الحنين بدأ ينتشر بين الشيعة والسنة والأكراد، على حد سواء، فهم يرون أن الديمقراطية التي جاء بها الاحتلال الأمريكي بها كثير من الخلل.
وترى مراسلة التايمز أن العراق الغني بنفطه يوشك على الانهيار اقتصادياً؛ بسبب نخبة سياسية فاسدة تستغل الطائفية للسيطرة على الحكم، وملء جيوبها بدل تحسين الخدمات العامة مثل الصحة والكهرباء والماء.
فبعض العراقيين أصبحوا، بحسب الصحيفة، يلمحون إلى رغبتهم في العودة إلى عصر صدام، وهذا حتى في إقليم كردستان الذي تعرض إلى هجمات كيميائية أسفرت عن مقتل 5 آلاف شخص عام 1988، فهم يرون أن أيام صدام كانت أفضل، مقارنة بحال العراق اليوم.
ووسط عملية سياسية هشّة، ما يزال العراق يعيش أزمات سياسية وتهم فساد مستمرة، واتهامات لكبار مسؤولي الدولة بصلتهم باختفاء المليارات من ميزانية العراق، فضلاً عن صراع صلاحيات في مؤسسات الجيش، وانغماس المليشيات وتورطها في أعمال القتل والتخريب الطائفي، في انتظار حكومة جديدة أطلق عليها "حكومة التكنوقراط" لإنقاذ ما تبقى من "ركام الوطن".