استدعت إيران سفيري بريطانيا والنرويج بشأن ما قالت إنه تدخل وتغطية إعلامية معادية للاضطرابات التي اندلعت على مستوى البلاد بسبب مقتل امرأة احتجزتها شرطة الأخلاق، حسبما ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية (إسنا) الأحد.
وأعلنت الخارجية الإيرانية الأحد أنها استدعت سفير بريطانيا للاحتجاج على ما وصفته بأنه "تحريض على أعمال شغب" تنتهجه شبكات تلفزة معارضة للنظام الإيراني تبث من لندن باللغة الفارسية.
كذلك استدعت سفير النروج لسؤاله بشأن "تصريحات غير بناءة شكّلت تدخلا في شؤون إيران الداخلية" أدلى بها رئيس البرلمان النروجي على خلفية المظاهرات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية.
وامتدت المظاهرات التي اندلعت قبل أكثر من أسبوع في جنازة الشابة الكردية مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا، في جميع أنحاء البلاد وتحولت إلى أكبر موجة احتجاجات منذ سنوات.
في غضون ذلك، تقام مسيرات مؤيدة للحكومة في عدة مدن في إيران في محاولة من قبل السلطات هناك لمواجهة موجة المظاهرات التي أشعلها مقتل مهسا.
واستمرت الاضطرابات في 11 مدينة على الأقل في جميع أنحاء البلاد.
ويقول التلفزيون الإيراني الرسمي إن 41 شخصًا قتلوا منذ بدء المظاهرات قبل أكثر من أسبوع.
ونُظمت تظاهرات دعما للاحتجاجات في إيران السبت في دول عدة من بينها كندا والولايات المتحدة وتشيلي وفرنسا وبلجيكا وهولندا والعراق.
وذكرت إحدى هيئات الرقابة على الإنترنت أن تطبيق مكالمات الفيديو Skype أصبح الآن مقيدًا في إيران، بعد إجراءات مماثلة على منصات المراسلة الأخرى.
ودعا رئيس السلطة القضائية في إيران الأحد إلى "عدم التساهل" مع المتظاهرين بعد تسع أيام من الاحتجاجات في أنحاء البلاد.
وشدد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي على "ضرورة التعامل بدون أي تساهل" مع المحرضين على "أعمال الشغب"، حسبما ذكرت وكالة أنباء السلطة القضائية "ميزان أون لاين".
ووجّه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في وقت سابق الأحد سلطات إنفاذ القانون بـ"التعامل بحزم مع المخلين بالأمن العام واستقرار البلاد"، وفق ما نقلت عنه وكالة "إرنا" بالعربية.
كانت الاحتجاجات اندلعت في 16 أيلول/سبتمبر، يوم وفاة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران بتهمة "ارتداء ملابس غير لائقة" وخرقها قواعد لباس المرأة الصارمة في جمهورية إيران الإسلامية.
وهذه الاحتجاجات هي الأوسع منذ تظاهرات نوفمبر / تشرين الثاني 2019 التي نجمت عن ارتفاع أسعار البنزين في خضم الأزمة الاقتصادية، وشملت حينها حوالى مئة مدينة إيرانية وتعرضت لقمع شديد، مما أسفر عن 230 قتيلاً بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 300 حسب منظمة العفو الدولية.
ومنذ أيام عدة، تظهر مقاطع مصورة نشرت على الانترنت مشاهد عنف في طهران ومدن كبرى أخرى مثل تبريز (شمال غرب). وبدت قوات الأمن في بعض هذه المقاطع تطلق النار في اتجاه المتظاهرين.
وتنفي السلطات أي تورط لها في وفاة مهسا أميني (22 عاما) المتحدرة من محافظة كردستان (شمال غرب) لكن منذ 16 سبتمبر /أيلول، يخرج إيرانيون غاضبون إلى الشوارع ليلا للتظاهر.
"واشنطن تتدخل"
وجدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الأحد تحميل الولايات المتحدة مسؤولية هذه الاضطرابات، متهما واشنطن ب"التدخل في الشؤون الإيرانية ودعم المشاغبين في شكل استفزازي".
أما وزير الداخلية أحمد وحيدي فقال إنه يتوقع "من السلطة القضائية أن تلاحق بسرعة المدبرين والمنفذين الرئيسيين لأعمال الشغب" بعد إعلان الشرطة توقيف أكثر من 700 شخص.
ومنذ بدء المظاهرات، أوقف أكثر من 700 شخص في محافظة واحدة في الشمال، علما أن العدد قد يكون أكبر في مجمل انحاء البلاد.
وبحسب حصيلة رسمية غير مفصّلة تشمل متظاهرين وعناصر أمن، قتل 41 شخصا. لكن الحصيلة قد تكون أكبر، إذ أعلنت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية ومقرها أوسلو عن مقتل 54 متظاهراً على الأقل.
وأفادت لجنة حماية الصحفيين مقرها في الولايات المتحدة أن 17 صحافيا أوقفوا في ايران منذ بدء الاحتجاجات.
وعلى غرار ما حصل قبل يومين، نظمت مظاهرات عدة مؤيدة للحكومة في الكثير من المدن الإيرانية. وكانت المظاهرة الأكبر في العاصمة تلبية لدعوة السلطات.
وقالت نفيسة (28 عاما) التي شاركت في مظاهرة طهران الاحد لوكالة فرانس برس "يجب وضع حد لأعمال الشغب هذه لأنها تضر بالبلاد. ثمة شهداء ضحوا بحياتهم من أجل أن نضع الحجاب".
من جهته، قال الطالب الجامعي عطية (21 عاما) إن "نزع الحجاب يعني انتهاك دستور الجمهورية الإسلامية".
وأظهرت مشاهد انتشرت على نطاق واسع إيرانيات يحرقن حجابهن خلال الاحتجاجات.
من جهته حضّ حزب "اتحاد شعب إيران الإسلامي" الإصلاحي الدولة السبت على إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب وإطلاق سراح الموقوفين.
واتهمت منظمة العفو الدولية قوات الأمن بـ"تعمد... إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين"، داعية إلى "تحرك دولي عاجل لإنهاء القمع".
وحضّ المخرج الإيراني الحائز جائزتي أوسكار أصغر فرهادي في منشور على موقع إنستغرام شعوب العالم على "التضامن" مع المتظاهرين في إيران وأشاد بـ"النساء التقدميات والشجاعات اللواتي قدن الاحتجاجات من أجل حقوقهن".